11-ديسمبر-2020

السفير الفرنسي في الجزائر فرانسوا غوييت (صورة أرشيفية/الأناضول)

بعد أقلّ من ثلاثة أشهر فقط على مباشرة مهامه ممثلًا دبلوماسيًا لبلاده، يواجه السفير الفرنسي بالجزائر فرانسوا غوييت أزمة قد تجعل مهمّته قصيرة، بعدما أطلق ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي حملة تدعو إلى طرده من الجزائر، بالنظر لتدخّله في شؤونها الداخلية ودعمه لمن يسمّون بـ"دعاة المرحلة الانتقالية".

تزامنت هذه الحملة مع وجود تشنّج في العلاقات الجزائرية الفرنسية

وتزامنت هذه الحملة مع وجود تشنّج في العلاقات الجزائرية الفرنسية التي لم تعد مثل السابق، بعد أن كان الانزعاج الجزائري من باريس أهمّ القضايا التي عبر عنها الجزائريون في المسيرات التي تلت حراك22  شباط/فيفري 2019.

اقرأ/ي أيضًا: باريس تعيّن سفيرًا جديدًا في الجزائر.. هل ستنتهي أزمة السفراء بين البلدين؟

تقارير إعلامية

نقلت تقارير إعلامية متطابقة عن مصادر سياسية امتعاض الجزائر من تصرّفات السفير الفرنسي بالجزائر فرنسوا غوييت.

ووفق المصادر ذاتها، فإن هذا الانزعاج جاء بعد عقد السفير الفرنسي سلسلة لقاءات مع شخصيات سياسية وممثلين عن وسائل إعلامية محسوبين عن تيار دعاة "الفترة الانتقالية" في الجزائر.

وما زاد من الانزعاج الجزائري، هو تزامن عقد هذه الاجتماعات مع تواصل وجود الرئيس عبد المجيد تبون في ألمانيا للعلاج.

 ولم يعبّر حتّى اللحظة أيّ مصدر رسمي جزائري بصفة صريحة عن الانزعاج من تصرفات السفير الفرنسي، الذي لم تعلّق هو الآخر مصالحه بالسفارة على هذه الاتهامات التي روّجتها وسائل إعلامية.

ويأتي هذا الإنزعاج في وقت تعيش فيه العلاقات بين البلدين نوعًا من التشنج والتوتر، فقبل أيام وجه  وزير الاتصال الناطق الرسمي للحكومة عمار بلحيمر انتقادات لباريس، وذلك بعد يومين من لقاءٍ جمعه بالسفير الفرنسي في الـ 29 من تشرين الثاني/نوفمبر الماضي.

وقال بلحيمر لوكالة الأنباء الجزائرية، تعقيبًا على لائحة البرلمان الأوروبي حول وضع حقوق الإنسان، إن الجزائر تتعرض "لوابل متدفّقٍ من التهجّمات اللفظية التي تأتينا من فرنسا".

وأوضح أن "هذه الاعتداءات تتمّ عبر عدة قنوات وهي البرلمان الأوروبي ومنظمات غير حكومية وكذا الشبكات الاجتماعية ومؤثّيريها الباريسيين".

كما أعلن بلحيمر صراحة رفض الحكومة لأيّة مبادرة تصبّ في اتجاه المرحلة الانتقالية بالقول "يبدو أن الأبواق الداخلية لهذه المنظمات غير الحكومية، تتجاهل أن كل البلدان التي سلكت طريق العملية التأسيسية الصادرة عن المخابر الأطلسية لم تسلم من التقسيم الإقليمي والحرب الأهلية".

وأضاف أن "هذه الأشكال من الفوضى المصطنعة، والتي يصدرها أساسًا فاعلون جدد في مجال القانون الدولي يُصطلح على تسميتهم بالمنظمات غير الحكومية، تكشف يومًا بعد يوم عن طابعها المناهض للثورات".

مطالبة بالطرد

في هذا السياق، تداول جزائريون على نطاق واسع في الساعات الماضية وسمي #اطردوا_السفير_الفرنسي و #طرد_السفير_الفرنسي_واجب_وطني  على مواقع التواصل الاجتماعي.

وغرّد محمد أمين قائلًا إن "طرد السفير الفرنسي واجب وطني"، مبينًا أن "شعب الجزائر في 2020 ليس كما كان في 2018 ..الانقلابات الناعمة انتهت وفكرة المرحلة الانتقالية انتهت".

من جهته، برّر العيد حباش في منشور على فايسبوك تدعيمه لقرار طرد السفير الفرنسي بأنه "سبق لفرانسوا غوييت أن نسّق وبقوة، مع هادم الأوطان الصهيوني برنار هنري ليفي في ليبيا لتركيع الشعب الليبي، بإيعاز من الرئيس الفرنسي آنذاك ساركوزي، وهو ما تم بنجاح"، مشيرًا إلى أن "إقدام غوييت على هذه الخطوات السرّية في الجزائر ما هو إلا دليلٌ على أنه قد تلقّى الضوء الأخضر، من مخابر باريس لتنفيذ ورقة طريق ليبيا في الجزائر".

وكتب أستاذ العلوم السياسية بجامعة "الجزائر 3"، الدكتور رضوان بوهيدل، في منشور على فايسبوك أن "لسفير الفرنسي في الجزائر نواياه خبيثة، ولقاءاته مشبوهة، إنه يحاول القيام بنفس ما قام به في ليبيا من 2008 إلى 2011...احذروا و تذكّروا".

وأضاف بوهيدل الذي يشغل منصب المنسق الوطني لحزب جبة القوى الجزائرية قيد التأسيس قائلًا" ابحثوا عن تاريخ السفير الفرنسي في الجزائر..إنه مهندس المراحل الانتقالية في المنطقة، و متورّط في تمويل حملة ساركوزي، وسبق أن وقف أمام العدالة الفرنسية".

استدعاء؟

وكتبت النائب البرلماني أميرة سليم على حسابها بموقع أن "السفير الفرنسي يستغل فراغ حياتنا السياسية لنشر الفوضى والتحريض.. لا للمرحلة الانتقالية مهما كان الثمن، والبرلمان سيقف له بالمرصاد".

 وأضافت "تقوم أبجديات العلاقات الدولية التقليدية على الندية والاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول. لا يُمكن لأي بلد أو مجتمع أن يتقبل تدخل أي حكومة أجنبية وتواصلها مع القوى السياسية المعارضة وتنسيق أجندات سرّية لا تخدم المصالح الوطنية وتسبق عليها المصالح الأجنبية، على حدّ قولها.

وجاء في منشور النائبة عن الجالية أنه "رغم قدومه الحديث الذي لا يُتيح له لعب دورٍ مؤثّرٍ في الساحة السياسية الجزائرية، يقوم السفير الفرنسي الجديد بالجزائر باستغلال المرحلة الحالية التي بلغها صراع القوى السياسية ليقوم باستقبال المروّجين للمرحلة الانتقالية في مقرّ سفارته تحت حجّة دعم حق التعبير السياسي الحرّ والدفاع عن حقوق الإنسان.".

وطالبت أميرة سليم " باستدعاء السفير الفرنسي من قبل وزير الخارجية الجزائري والاحتجاج على سلوكه غير المقبول. يجب أن يفهم السفير الفرنسي بالجزائر أنّ وطننا العزيز برجاله ونسائه لن يقبل نصائح أو توجيهات من أحد مهما كانت الكلفة أو الثمن. الدفاع عن سيادتنا لن يقبل المساومة".

النائبة أميرة سليم: السفير الفرنسي يستغل فراغ حياتنا السياسية لنشر الفوضى والتحريض

وفي انتظار ما سيكون التعليق الرسمي لهذه الدعوات، سواءً من الجانب الجزائري أو الفرنسي، يبقى هذا الانزعاج من التدخّلات الباريسية في الشأن الداخلي للجزائري ليس بالأمر الجديد، فالسفير الفرنسي السابق كزافييه دريانكور كان هو الآخر محلّ سخطٍ كبير في الجزائر في الأشهر الأخيرة التي سبقت انتهاء مهمّته، وهو ما يعني أن الأمر لا يتعلّق بتحرّكات ومبادرات فردية لسفير أو مسؤول دبلوماسي، إنما يتعلق بسياسة فرنسية تجاه الجزائر صادرة من أعلى السلطات في باريس.

 

اقرأ/ي أيضًا:

سفير فرنسي يتحدّث العربية.. هل تبدو مهمّته سهلة في الجزائر؟

تصريحات السفير الروسي.. تحالفٌ جديد أم تدخّل أجنبي؟