29-يناير-2023
المصممة هاجر أوداين (فسبوك/الترا جزائر)

المصممة هاجر أوداين (فيسبوك/الترا جزائر)

هاجر أوداين ابنة ولاية الشلف، درست العلوم القانونية والإدارية بجامعة حسيبة بن بوعلي، وبعد تجربة عمل في مجال دراستها اختارت التصميم والطباعة على الألبسة وصناعة المجوهرات العصرية والتراثية والاأكسسوارات. تعدّ ناشطة ثقافية وتحرص على الترويج والتعريف بالتراث الجزائري، في المعارض والمهرجانات.

هاجر أوداين: "خيط الروح" ملك للمجوهرات الجزائرية وهو قطعة خُلقت في قصور القصبة

وفي هذا الحوار مع "الترا جزائر"، تتحدث هاجر أوداين عن عملها في الصناعة التقليدية ورواج الحلي الجزائري في الخارج وأسرار إقبال الأجانب عليه ومحاولات تبنيه والسطو عليه.

  • من هي هاجر أوداين؟

بعد تخرجي بسنوات من جامعة الشلف، خططت للسفر، وعملت، لقد كان حلمي زيارة أماكن كثيرة في العالم، أوّل دولة سافرت اليها كانت الإمارات وأقمت لمدة قصيرة، حيث عملت كمساعدة إدارية في شركة مواد بترولية، وكان لابدّ علي من السفر إلى كندا، في هذا البلد بدأت بعد إجراء عدّة دورات بالعمل في مجال الحلي والمجوهرات، لكن لم أنس شغفي بتراث بلادي وحلمي في أن يصبح معروفًا في كل دول العالم.

هاجر أوداين

لذلك من خلال ما أصنعه من مجوهرات وأصممه من إكسسوارات، هناك جزء كبير منه تراثي وتقليدي، ومن هنا كانت الانطلاقة في التعريف به للأجانب الذين أحبّوه، فكنت في البداية أتعامل مع محلاّت أصحابها كنديون، حيث عرفوا "خيط الروح" و"المخبل" و"عقدة الحب" ورأوا أنّ القطع الجزائرية شيء مختلف وجميل، ثم توسعت خارطة الزبائن وتخطت حدود كندا، حيث شاركت في معارض تهتم بالتراث من بينها معرض بالمركز الإيطالي وفي معارض مع فنانين عرب ومغاربيين، وكنت دائمًا أعرض كنوز تراثنا وثقافتنا من ألبسة تقليدية نسائية ورجالية وصناعات خزفية وأواني وفخار.. وغيرها.

من مساعدة إدارية في شركة بترولية إلى العمل في مجال المجوهرات والتراث.. كيف ذلك؟

عملت كمساعدة إدارية لأن اختصاصي أيضًا علوم قانونية وإدارية، وخلال فترة دراستي في الجامعة كما قلت في التقديم، حضرت نفسي للسفر لسنوات، ودرست كل مهارات الكومبيوتر، اللغة الإنجليزية، حتى أني جهزت نفسي ماديًا حيث فتحت صالون تجميل في البيت لأدعم وضعي. صحيح أخذ الأمر سنوات من التحضير، لكن كان الأمر كما خططت له، حيث وجدت عملًا في شركة كان زوجي هو مدير الشركة وهو لبناني كندي، وكندا لم تكن في الحسبان، وفي الدولة فكانت فرصتي لتعلم صناعة المجوهرات والأكسسوارات، كنت بين خيارين: تصميم الأزياء أو صناعة المجوهرات، اخترت الأوّل، لكني أنوي تعلّم تصميم الأزياء التقليدية.

  • على ضوء إقامتك في كندا واهتمامك بالتراث، كيف ترين عملية الترويج والتعريف بالتراث الجزائري في الخارج سواءً من قبل الناشطين أو الجمعيات أو حتى المؤسسات الرسمية الثقافية؟

للأسف، لم تسمح لي الفرصة أن التقي بالكثير من الناشطين ولم أتعرف على جمعيات، أمّا فيما يتعلق بالمؤسسات الرسمية، يمكنني القول إنّ هناك مهرجان لمختلف الثقافات تشارك فيه كل الدول ومن بينها للجزائر التي تحضر دائما بجناح جميل جدًا، وبالتالي أغلبية النشاطات فردية ومثال على ذلك الكثير من الجزائريين عندهم محلات حلويات، سلع، ملابس، مطاعم، مسؤلي حفلات وغيرها. وبالنسبة لي ما أقوم بها أنا مثًلا إعادة صنع القطع النادرة التي لم تعد تصنع أو تلبس في البلاد، وكذا نسخ اللوحات والصور القديمة مع إضفاء لمستي الخاصة، بهدف إحياء التراث والتعريف بالتراث الجزائري والموروث الثقافي. لكن أشير إلى نقطة لو يتحد الجزائريون في المهجر في سبيل تفعيل وتنشيط الترويج لتراثنا، لذلك من خلال تجربتي في المعارض مع جنسيات عربية وأجنبية قلّما يشارك جزائريون.

  • من خلال تجاربك واحتكاكك مع الأجانب، هل الأجنبي يهتم ويقبل على الصناعة التقليدية والحرفية الجزائرية سواءً الحلي أو غيرها؟

أوّل تجربة لي في صناعة المجوهرات تعاملت مع محلات كندية، وبمجرد أن رأوا أعمالي والقطع التي تمثل تراثنا وهويتنا نالت إعجابهم واهتمامهم، كما لم تواجهني عراقيل في التعامل معهم، ومع الوقت ارتفع الطلب عليها، وأخص بالذكر "خيط الروح" وّعقدة الحب" وأساور "المخبل"، حتى سلالس "اللويز" تستهويهم أيضًا، وفيما يخص اللباس يسألون كثيرًا عن "الكاراكو" بغرض شرائه، وفي متجري الخاص على الإنترنت "etsy" أغلب الزبائن أجانب من المكسيك وكولومبيا وكندا، أمّا ما أصممه على موقع "أمازون" فقد لقي رواجًا وانتشارا ووصل إلى الأجانب.. باختصار المنتوجات التقليدية والحرفية الجزائرية مطلوبة في الخارج.

  • "خيط الروح".. حلي جزائري أثار جدلًا مؤخًرا، عندما ارتدته فنانة عربية في "ديو" مع فنانة مغربية، حدّثينا أكثر عن خيط الروح وتاريخه؟

 أكيد شاهدت الفيديو.. وشاركت الناشطين في الحملة للتعريف بأنه تراث جزائري خالص. "خيط الروح" ملك للمجوهرات الجزائرية وهو قطعة خُلقت في قصور القصبة، ويروى أنه كانت هدية شاب فقير لبنت عائلة غنية بالعاصمة، وكانت ضيقة على رقبتها فوضع أب البنت "خيط الروح" من على رقبتها فوق رأسها فقالت والدتها جابلها "خيط الروح"، ومنذ ذلك الوقت صار يوضع على الرأس.

"خيط الروح" هو قطعة من الشدة التلمسانية المسجلة في اليونيسكو كتراث عالمي، والكثير من الكتب تحدثت عنه مثل كتاب "مجوهرات شمال إفريقيا"، و"خيط الروح" يضم أنواعًا مختلفة، كـ"نجمة وهلال"، "خيط الشعير"، "خيط الحوط"، على شكل وردة، ومنها ما هو مشكل من قطعتين ويسمى هذا النوع زرير، ويسمى "خيط الروح" في العاصمة و"الزروف" في الغرب الجزائري، ويلبس مع مختلف الأزياء التقليدية.

  • ذكرت في التقديم أنّ "خيط الروح" و"عقدة الحب" أحبّهما الكنديون.. تفاصيل أكثر؟

الطلب على "خيط الروح" و"عقدة الحب" أكثر من القطع التقليدية التراثية الأخرى، فيه عرائس كنديات لبسن "خيط الروح "مع الفستان الأبيض، دائما يوجد طلب على القطعتين، "خيط الروح"، أمّا "عقدة الحب" فلاحظت أنها معروفة خارج الجزائر بشكل كبير، يكثر عليها الطلب في "عيد الحب"، حيث يراها الأجانب أجمل تعبير عن الحب !!!، بالمقابل هناك من يجهلها من الجزائريين.

هاجر أوداين

  • في ظل محاولات السطو التي يتعرض لها التراث الجزائري كما يصفها الإعلام سواءً عن قصد أو دون قصد.. كيف نروّج لتراثنا بشكل جيّد ونحميه من السرقة؟

 أرى أنّ عمليات السطو على تراثنا الوطني ممنهجة، من النادر أنها تكون من غير قصد، أقول دائمًا أن العمل ثم العمل هو الذي يحمي تراثنا من السطو، نحتاج في الجزائر إلى توعية أيضا بضرورة حماية الموروث لأن الكثير يقول ويرى أنها مجرد قطعة قماش، مجرد طبق، مجرد قطعة مجوهرات.. ، ليس هناك وعي بقيمتها، لكن كل ذلك هو هويتنا الثقافية، وكلّها عناصر تساهم في الاقتصاد الوطني، كما ينبغي في سبيل حماية تراثنا تنبيه التجّار بعدم نسب تراثنا لدول أخرى لأنهم للأسف يساعدون كثيرًا في عملية النهب، وبالتالي لابد من التواجد بصورة أكبر في المواقع التجارية العالمية، وخلق مراكز ثقافية في مختلف البلدان، لا نملك مثلًا مركزًا ثقافيًا جزائريًا في كندا، ووجب أيضًا استغلال الإعلام، الأدب، السينما، المسلسلات للترويج لكل شيء يخص تراثنا وثقافتنا، ما أودّ قوله هنا أنّ تتضافر جهود الجزائريين والنشطاء مع وزارة الثقافة، لأنّ المعارض وحدها لا تكفي، والمهرجانات كذلك.

  • على الصعيد التجاري ومن خلال خبرتك في هذا المجال، هل بيع ما يصنع من حلي ومنتوجات تقليدية جزائرية مربح ماليًا؟

نعم، هي تجارة مربحة فعلًا، خاصة عندما يم استعمال أحجار كريمة، لم أكن ملمة بالتجارة لكن بحكم دخولي في هذا المجال تعلمت وأخذت خبرة محترمة واكتشفت أنّ الطلب على المنتوجات الحرفية والتقليدية الجزائرية من مجوهرات وحلي مطلوبة بشكل كبير.

هاجير أوداين: أحلم بأن يكون لي موقع عالمي يحتوي على جميع السلع الجزائرية

  • ما هي مشاريعك القادمة؟

أحلم بأن يكون لي موقع عالمي يحتوي على جميع السلع الجزائرية، من ألبسة، منتجات، مجوهرات، أحذية، طباعة على الألبسة، خزف.. إلخ، أقصد كل شيء ثقافي يخصنا، كما أحلم بأن يكون لنا كجزائريين مهرجان محترم يعرّف بثقافتنا، يستقطب كل الجنسيات، وأعمل على ذلك، وحتى لو رأيت جزائري سبقني للفكرة سأكون سعيدة كثيرًا بالعمل والترويج له، وهذا من أجل أن يكون تراثنا في مأمن.