27-نوفمبر-2021

عمر هارون (الصورة: السلام)

يتوقّع عمر هارون، المحلل الاقتصادي وأستاذ الاقتصاد بجامعة المدية، أنه لن يتم تطبيق بنود قانون إصلاح نظام الدعم الاجتماعي قبل سنة 2024، موضّحًا في حوار لـ"التر جزائر" أن الموقف النهائي من سياسية إعادة النظر في النفقات الاجتماعية يتوقف على النصوص التفصيلية، وفي هذا السياق، يشدّد على ضرورة ترشيد وحوكمة التسيير الموازنة العامة، محذرًا من ارتفاع مصاريف دعم المواد الاستهلاكية الأساسية دون ترشيد وتسيير عقلاني.  

عمر هارون: هناك العديد من الصعوبات التقنية التي تحتاج لحلول عملية من أجل تطبيق توجيه التحويلات النقدية بشكل نقدي لمستحقيه

  • يَعدُ الغاء نظام الدعم الاجتماعي سابقة تاريخية، لم تجرأ أي حكومة المساس به رغم أزمات سنة 1980 و1985 وخلال التسعينيات، ما رأيك في الدوافع والاسباب؟

حقيقة خطوة الحكومة في قانون المالية للسنة القادمة لا يمكن وصفه بإلغاء للدعم، بل هو بداية للعملية، وهذا من خلال إنشاء آلية لتقييم الوضعية، ودراسة كيف يمكن توجيه الدعم أو جزء منه بشكل مباشر لمستحقيه، لكن هناك العديد من الصعوبات التقنية التي تحتاج لحلول عملية من أجل تطبيق توجيه التحويلات النقدية بشكل نقدي لمستحقيها، خاصّة ما تعلق بتحديد الفئات التي يجب أن تستفيد، بالإضافة للسلع المعنية مع تحديد الأجر القاعدي الجديد مع الأخذ بعين الاعتبار آليات لدعم العاملين في القطاع الخاص، يضاف لذلك البحث عن آليات لتفادي تسرّب الدعم المادي للعاملين في السوق السوداء، والذي يبلغ حدود 10000 مليار دينار جزائري أي حوالي 73 مليار دولار وهو ما يعني أن بداية تطبيق الأمر لن يكون قبل 2024 كأقل تقدير.

اقرأ/ي أيضًا: 55 تعديلًا مقترحًا على مشروع قانون المالية 2022

  • كثير من الخبراء يصفون استحداث جهاز توجيه الدعم الاجتماعي بالضبابية، إذ لا تتوفر الجزائر على إحصائيات دقيقة عن الفئات الهشة أو معطيات دقيقة تَسمح باستهداف الدعم الاجتماعي، ما رأيك؟

قواعد البيانات موجودة لكنها تحتاج إلى تصفية وتوحيد، فهناك قواعد على مستوى البلديات، على مستوى مديريات التربية مديريات السكن وزارة التضامن وغيرها، كما أن من برنامج الحكومة الحالية إطلاق إحصاء شامل من أجل جمع أكبر حجم من المعلومات، والذي يمكن أن يكون بداية من يناير/جانفي القادم، وهو ما سيقدم للحكومة حجم كبير من المعلومات الميدانية القادرة على إعطاء دفعة قوية للعملية.

  • هل ترون أن توقيت قانون إصلاح نظام الدعم الاجتماعي في ظلً تبعات واستمرار الازمة الصحية وانعكاساتها على الوضع الاقتصادي الهش ؟

لكل شيء بداية، ولا بأس في أن تكون بداية العملية الاصلاحية لتقديم الدعم في هذه المرحلة، لكن الشيء الذي سيجعلنا ندعم عملية التحول أو نقف ضدّها هي الآليات التي سيتم استحداثها من خلال جهاز الدعم الذي سيتم استحداثه مع بداية جانفي القادم تاريخ دخول قانون المالية حيز الخدمة، لأننا كاقتصاديين مؤمّنين أنه يجب ان تكون هناك رشادة في استخدام المال العام وتوجيهه لمستحقيه لكن الكيفية هي أهمّ محاور هذه المقاربة ونحن بالانتظار لإصدار الاحكام.

  • تم استحداث منحة البطالة، هل جزء من أموال الدعم الاجتماعي ستتوجه آليًا الى صندوق البطالة، وبالتالي تبقى "الدولة الرعوية" أكثر حضورًا؟

النظام الاقتصادي الجزائري نظام رأس مالي اجتماعي، بحيث أن الحكومة لا يمكنها التخلي عن هذا الطابع، كما أن منحة البطالة ليست اختراع جزائري بل آلية مستعملة في عديد الدول، حيث تقدم بشروط للشباب وأهم هذه الشروط قيام الحاصل عليها على دورات تكوينية بشكل مستمر والحفاض على سجله الاجرامي نظيف بالإضافة لتحمله مجموعة من المهام الاجتماعية من خلال الانخراط في مؤسسات المجتمع المدني.

  • كيف يمكن ترشيد النفقات الاجتماعية دون المساس بالموازنة العامة والقدرة الشرائية للمواطن ؟

عجز الموازنة هذه السنة تاريخي حيث بلغ حدود  30 مليار دولار، لكن هناك نقاط إيجابية في المقابل تتعلق بالميزان التجاري الذي سيكون موجبًا لأول مرة، من خلال تحقيق فائض قد يبلغ حدود خمسة ملايير دولار، كما أن العجز الموجود في ميزانية الدولة يمكن تغطيته من خلال الاعتماد على مقاربات الشراكة مع القطاع الخاص خاصة على مستوى ميزانية التجهيز، أمام جانب التسيير الذي يستهلك أموال ضخمة.

لا يمكن أن نغفل أن التضخم وتراجع القدرة الشرائية حاليًا ظاهرة عالمية كتبعات متوقعة لجائحة كورونا 

الاقتصاد الوطني بحاجة لتطوير الاستثمارات الخاصة وجلب استثمارات أجنبية، وهذا ما تعمل عليه الحكومة الحالية من خلال قرب طرح قانون الاستثمار والعمل على تحسين مناخ الأعمال، مع إصلاحات هيكلية أخرى على مستوى الجهاز المصرفي وسياسة الصرف، كل هذا في محاولة للمحافظة على استقرار القدرة الشرائية للمواطن، ولا يمكن أن ننسى أن التضخم وتراجع القدرة الشرائية حاليًا ظاهرة عالمية كتبعات متوقعة لجائحة كورونا وأزمة سلاسل التوريد، بالإضافة لارتفاع اسعار النقل البحري.

 

اقرأ/ي أيضًا:

مشروع قانون المالية 2022.. الدولة تتخلى عن أرباح "سوناطراك" و"سونلغاز"

الوزير الأول يوضّح تفاصيل مشروع منحة البطالة الجديدة