07-يوليو-2024
عبد العالي حساني الشريف

عبد العالي حساني شريف (الصورة: فيسبوك)

بينما يكابد غالبية الراغبين في خوض غمار الانتخابات الرئاسية في الجزائر لأجل تحصيل توقيعات ما لا يقل عن خمسين ألف مواطن أو ستمائة منتخب في 29 ولاية، تمكّن، رئيس حركة مجتمع السلم ومرشحها، عبد العالي حساني شريف، من تجاوز هذه العقبة.

مرشح حركة السلم تعترض حملته تحديات أبرزها توجّه جزء من الكتلة الناخبة المؤيدة للتيار الإسلامي إلى حركة البناء الوطني الحريصة على استقطاب مؤيديها تحت جناح الرئيس الحالي عبد المجيد تبون

وفي حال عدم تخفيف قيود اكتتاب التوقيعات بما يسمح بدخول مرشحين آخرين السباق، ستكون الجزائر مرشحة لأن تشهد مواجهة ثنائية طرفاها الرئيسيان مرشح أحزاب السلطة والمرشح عبد العالي حساني شريف حساني، ما يُعيد للأذهان سيناريو المواجهة التاريخية لعام 1995. حينما تحدى الأب المؤسس لحركة مجتمع السلم محفوظ نحناح مرشح السلطة في تلك الفترة وزير الدفاع ورئيس مجلس الدولة الأسبق اليمين زوال.

لا يحبذ كوادر "حمس" هذا التشبيه والسيناريو وخصوصًا في ظل صعوبة بلوغ عدد الأصوات ذاته، الذي حققه "الشيخ نحناح"، ويرون أن الظروف والسياقات التي يخوض فيها الرئيس الحالي المنافسة تختلف كثيرًا عن تلك التي خاض فيها سلفه مؤسس الحركة السباق الرئاسي.

وهنا يقول أحمد الصادوق، نائب رئيس الحركة ومسؤول اللجنة الانتخابية في الحزب، لـ"الترا جزائر"، إنّ "بروفايل كلا الشخصيتين يختلف. وكذلك الظروف والسياقات في 2024 تختلف عن مثيلتها في 1995."

كما أبدى ثقته في "تحقيق نتيجة مرضية"، ليضيف: "نحن في "حمس" على ثقة أن الشعب الجزائري الذي أصبح يتمتع بالوعي والمسؤولية سيتفاعل مع  خطاب وبرنامج الحركة ويمكنه أن يعوّل عليها وعلى مرشحها. أصيل أسرة ثورية وله ثقافة الدولة ناهيك عن الكفاءة والاقتدار التي أظهرها خلال مسيرته السياسية وهو الآن يقود أكبر حزب سياسي معارض في الجزائر".

وعلى العكس، يرى، الكاتب الصحفي محمد كبسي، وجود تشابه من حيث الشكل بين الانتخابات الرئاسية المبكرة المقررة في 7 أيلول/سبتمبر وتلك التي جرت في 16 تشرين الثاني/نوفمبر 1995، والتي كانت أول انتخابات رئاسية في البلاد في عهد التعددية.

وأوضح كبسي في تصريح لـ "التر جزائر" أنّ "هناك بعض الشبه. ونرتقب مواجهة تضم مرشح السلطة ورئيس حركة مجتمع السلم عبد العالي حساني شريف وبدرجة أقل الأمينة العام لحزب العمال لويزة حنون، التي تكافح من أجل جمع التوقيعات المطلوبة من الناخبين والمنتخبين".

للعلم تمكّن الشيخ محفوظ نحناح في انتخابات 1995 من تحقيق 2,971,974 صوت مقابل 7 ملايين صوت للمرشح الفائز الرئيس الأسبق اليمين زروال. مما ضمن له المرتبة الثانية متقدمًا بفارق واسع عن المرشحين الآخرين السعيد سعدي ونور الدين بوكروح.

وحقّق الراحل نحناح هذه النتيجة مُعززًا بالدعم الذي حاز عليه في تلك الفترة من "الأصوات الناقمة على السياسات الحكومية في تلك الفترة ومنهم أنصار الجبهة الإسلامية المحظورة"، وفق متابعين. 

سياسة الأمر الواقع

ويتعين على رئيس حركة مجتمع السلم ومرشحها للانتخابات الرئاسية، عبد العالي حساني شريف، قيادة حملته الانتخابية دون انتظار المدد من أسلافه في قيادة الحزب. وخلال التصويت على اسم مرشح الحركة من قبل مجلس الشورى الوطني في 25 أيار/ماي وقف أنصار المرشح حساني على معارضة 10 وامتناع 14 عضوا من بين 227 عضو .

وكانت نتيجة التصويت ترجمة للتوجهات الرئيسية المنبثقة من المشاورات، التي أجريت على مستوى مؤسسات الحركة لتحديد الموقف. ولم يكن الطريق ممهدًا لحساني للحصول على امتياز الدفاع عن حظوظ الحركة للمرة الثانية منذ تأسيسها بعد تلك التي خاضها مؤسس الحركة ورئيسها الراحل محفوظ نحناح.

وفيما جنح أبو جرة سلطاني الرئيس الأسبق للحركة ومؤيدون له للامتناع عن التصويت، أبدى مؤيدو الرئيس السابق عبد الرزاق مقري معارضتهم، وبينما يلقى موقف أبو جرة سلطاني تفهمًا في مؤسسات الحركة المنبثقة من المؤتمر الأخير بحكم عضويته  ضمن قائمة الثلث المعطل بمجلس الأمة والمعين من قبل رئيس الجمهورية، فإن موقف مقري يشكّل مصدر قلق عميق.

ولا يزال مقري مصرًا على تحدي خيارات مجلس الشورى ومؤسسات القيادة الأخرى، ولا يمانع من حين إلى آخر في "التحرش" بورثته من خلال تدوينات ومقالات عبر حساباته الرسمية في مختلف الوسائط الاجتماعية التي ينشط عبرها.

مأزق عبد الرزاق مقري

قد شكّل موقف الرئيس السابق للحركة، عبد الرزاق مقري، صدمة لكوادر الحزب، فإلى جانب إخراج الانقسامات إلى العلن، تعدُّ، مواقفه تحديًا لمؤسسات الحزب.

وهنا وصف فريق القيادة برئاسة عبد العالي حساني بـ"الاندماجيين الجُدد". وهو توصيف "مُعِيبٌ ومُهِين"ٌ بالنظر إلى دلالته وإسقاطاته التاريخية إذ يضع مساعديه السابقين على نفس القدر مع تيار من الحركة الوطنية الجزائرية الذي لم يكن يرى مانعًا في الاندماج ضمن الدولة الفرنسية إبان فترة الاحتلال الفرنسي.

ويخشى أنصار القيادة الحالية لحركة مجتمع السلم أن يؤدي موقف عبد الرزاق مقري، الذي لا يزال يحظى بشعبية كبيرة لدى قواعد الحزب والمتعاطفين معها، إلى فرملة الحملة الانتخابية لمرشح الحركة والتأثير على حظوظه في الانتخابات المقررة في 7 أيلول/سبتمبر المقبل.

قيادة "حمس" تخشى أن تؤثّر توجهات الرئيس السابق للحركة عبد الرزاق مقري على حظوظ مرشحها عبد العالي حساني شريف

كما لا يشكل مقري التحدي الوحيد لمرشح "حمس" في هذه الانتخابات، إذ تعترض حملته تحديات أخري حيث ينازعه على الكتلة الناخبة المؤيدة للتيار الإسلامي حركة البناء الوطني الحريصة على استقطاب مؤيديها تحت جناح الرئيس الحالي عبد المجيد تبون المرتقب أن يرسّم قراره بخوض سباق إعادة انتخابه في الأيام القليلة القادمة.

وإلى جانب قلة الخبرة السياسية في مثل هذه المواعيد، يفتقد، رئيس "حمس" عبد العالي حساني شريف لدعم قوى حزبية وازنة في ظلّ تراجع التيار الإسلامي  وانقساماته. فحركتي الإصلاح والبناء الوطني يقفان في صف الرئيس تبون، بينما لم تعد حركة النهضة تتمتع بنفس التوهج السياسي الذي كانت عليه قبل عقود، وتكافح جبهة العدالة والتنمية للحفاظ على وجودها في الساحة.