كان الخبر كاذبًا منذ البداية، ولا يستندُ إلى أي رابط لمصدر أصلي يؤكّده، غير أنه انتشر بقوّة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وتناقلته المواقع الإخبارية لبعض المؤسّسات الإعلامية المعروفة، ربّما طمعًا في الحصول على متابعة أكبر، لأن رابح ماجر ما يزال يصنع الحدث وتحوّل إلى هدف للسخرية والتهكّم، بعد أن كان لسنين طويلة أيقونة كرة القدم الجزائرية وأحد أبرز صانعي تاريخها.
لم تكن الإشاعة الأخيرة، إلا فصلًا في حملة سخرية ضدّ رابح ماجر
يقول الخبر الكاذب إنّ ماجر أمضى "رسميًا" على عقد تدريب المنتخب اليمني، وسيبدأ عمله قريبًا، وحتى يكون الخبر أكثر إثارة، لجأ أحدهم إلى حيلة تقنية بسيطة، وضع من خلالها "خبرًا عاجلًا" على شاشة تلفزيون اليمن الرسمي، مع عبارة "رابح ماجر مدربًا جديدًا للمنتخب اليمني".
اقرأ/ي أيضًا: جمال بلماضي .. هل يستعيد هيبة "محاربي الصحراء"؟
وراح البعض يضع بعض "التفاصيل" مثلما جاء على صفحة فيسبوكية: "كشف موقع سوكر لينك الشهير، بأنّ الناخب الوطني الجزائري السابق رابح ماجر، اتفق مع الاتحادية اليمنية لتدريب منتخب بلادها في المواعيد المقبلة. وأكد الموقع نفسه، بأن المدرّب الجزائري سيوقّع على عقده لتدريب المنتخب اليمني في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل، حيث سيكون ماجر مطالب بقيادة اليمن للمشاركة في كاس آسيا المقبلة".
رابح ماجر.. ألو صنعاء
تناقلت الصفحات الخبر بسرعة، دون أن يسأل كثيرون عن ذلك، ليتحوّل إلى مادة للسخرية والتهكم، إلى درجة أن بعض الجرائد الورقية نشرته على صفحاتها وعلى مواقعها الالكترونية، وكتبت صحيفة "الصوت الآخر" على صفحتها الفيسبوكية: "رابح ماجر مدربًا للمنتخب اليمني.. ما تعليقك؟".
سرعان ما تهاطلت التعليقات، حيث كتب أحدهم: "عظم الله أجر أشقائنا اليمنيين"، وقال آخر: "صعبة تجيك الضربة من جهتين الحرب وماجر"، وقال ثالث: "ألو صنعاء انتوما معندكمش مباراة مهمّة حنا عندنا مباراة مهمة" في تقليد ساخر لعبارة كان قد قالها ماجر في برنامج تلفزيوني، عندما كان يُحاكي طلبه لنادي بورتو البرتغالي قائلا: "ألو بورتو.. أعطونا ياسين إبراهيمي، أنتم ما عندكمش مباراة، نحن عندنا مباراة".
لم يتردّد بعض الصحافيين والكّتاب في التعليق على الحدث، فقد نشر الشاعر ياسين أفريد الخبر على صفحته معتقدًا أنه خبر حقيقي، وعلّق الصحفي فيصل شيباني قائلًا: "تعازينا الخالصة لمنتخب اليمن الشقيق، إن شاء الله ما يكونش عندهم شافاي (في إشارة لللاعب فاروق شافعي الذي كان ماجر يعتمد عليه أثناء قيادته للمنتخب وينطق اسمه تلك الطريقة)، وقال الصحفي سليمان جلواح: "وكأن اليمن لم تكفه مأساة الحرب".
وفي تصريح نقله موقع صحيفة "النهار"، فنّد ماجر الخبر جملة وتفصيلًا، قائلًا إنّه لا أساس له من الصحّة، مضيفًا عبارة: "ربي يهديهم"، ورغم ذلك لم تتوقّف الإشاعة واستمر الكثير في ترويجها، في وقت يعجز فيه مرتادو مواقع التواصل الاجتماعي عن التفريق بين الخبر الحقيقي والخبر المزيّف، ولا يسأل عن مصدر ذلك الخبر.
تاريخ حافل
وقبل ذلك وبعده، يتأسّف كثير من الجزائريين وخصوصًا من الجيل القديم للحال الذي آل إليه ماجر، بعدما كان نجمًا في المنتخب الجزائري لكرة القدم وفي الملاعب الأوربية، وصنع أفراح الجماهير لمدّة طويلة، فقد أصبح هدفًا للتعاليق الساخرة والمنتقدة، وكأنّه لم يقدّم شيئًا من قبل، أو قام بجريمة في حقّ البلاد والعباد.
رابح ماجر الذي فشل في تدريب المنتخب الجزائري على فترتين متباعدتين، وبقي مدّة طويلة محلّلًا عبر القنوات التلفزيونية، كان بالمقابل مثلما يشهده عليه أنصاره وأعداؤه على حدٍ سواء، أنه كان أحد أبرز صانعي تاريخ كرة القدم الجزائرية عندما فاز بالكرة الذهبية الإفريقية عام 1987، مباشرة بعد فوزه رفقة فريقه أف سي بورتو بكأس أوروبا للأندية البطلة ضد بايرن ميونيخ الألماني، وكان قد سجّل هدفًا بالعقب ما تزال طريقته مسجّلة باسمه لحدّ الآن.
ويُضيف المتأسّفون على ما آل إليه ماجر، أنّه كان أحد صانعي "ملحمة خيخون" بإسبانيا عام 1982، عندما سجّل الهدف الأوّل ضدّ ألمانيا الغربية، وبعد ذلك بسنين فاز بكأس القارات، وبعدها قاد المنتخب الجزائري للتتويج بكأس إفريقيا للأمم سنة 1990.
لم تكن الإشاعة الأخيرة، إلا فصلًا في حملة سخرية ضدّ رابح ماجر، منذ أن تولّى قيادة المنتخب الجزائري، وأخفق في كل المباريات التي خاضها ودخل في صراعات مع بعض الصحافيين، ومما زاد في سقوط أسهمه هو النجاح الذي حققه خلفه جمال بلماضي، الذي استطاع أن يعيد "الخضر" إلى الواجهة الإفريقية في ظرف قياسي.
ربّما مأساة ماجر اليوم، تكمن في أن كرة القدم لعبة تلتفت دومًا إلى المنتصر وترفعه عاليًا، وبالمقابل "تحتقر"، الخاسر حتى ولو كان صاحب تاريخ حافل بالنجاح مثلما يحدث مع ماجر.
اقرأ/ي أيضًا: