20-مايو-2020

فرضت التدابير الوقائية أضرارًا كبيرة على النشاط الاقتصادي (تصوير: رياض كرامدي/أ.ف.ب)

يرى بعض الأخصائيين، أن الوضع الوبائي في الجزائر مستقرٌ نوعًا ما، وهذا اعتمادًا على معدّلات الوفيات التي تراجعت مقارنة بأيّام مضت، إضافة إلى عدد الحالات المحدودة الموجودة في العناية المركزة، حيث لم تتعدى نسبة 17 في المائة من مجموع الحالات الخاضعة  للإشراف الطبي.

في ظلّ تفشي فيروس كورونا، فرضت التدابير الوقائية أضرارًا كبيرة على النشاط الاقتصادي

وفي ظلّ تفشي فيروس كورونا، فرضت التدابير الوقائية أضرارًا كبيرة على النشاط الاقتصادي، وتباشر الحكومة الجزائرية، رفع إجراءات الحجر الصحّي قصد الانتعاش الاقتصادي والعودة إلى الحياة الطبيعية.

اقرأ/ي أيضًا: وزير الصحة: نتائج إجبارية ارتداء الكمامات ستظهر بعد أسبوعين

وفي هذا الإطار جاءت تعليمة رئيس الجمهورية خلال ترأسه المجلس الأعلى للأمن، الذي أمر أعضاءه بالشروع في العمل على إعداد مخطط عمل لمرحلة ما بعد كوفيد-19، مع الأخذ بعين الاعتبار الأبعاد الصحيّة والاقتصادية والاجتماعية.

 التعليمة هي إشارة تحمل المباشرة في وضع استراتيجية مرحلية وتدريجية، لتخفيف القيود على المواطنين بسبب تفشي وباء كوفيد- 19،  تخفيفًا للأعباء الاجتماعية، والتحضير لاستئناف النشاط الاقتصادي، مع وضع ضوابط صحيّة ووقائية جديدة، حول كيفية التعامل مع الوباء.

الالتزام بتدابير الوقاية

عن هذا الموضوع، يوضّح الطبيب المختصُّ في الصحّة العمومية، لخضر مقران في حديث لـ "التر جزائر "، أن المؤشرات العلمية تظهر استقرارًا في الوضعية الوبائية.

وفي تقدير محدثنا، فإن ارتفاع عدد الإصابات في الفترة الأخيرة يعود إلى عدم تطبيق  تدابير الحماية الذاتية والجماعية، وعدم احترام تدابير الحجر الصحّي والوقائي، زيادة على ارتفاع مراكز تشخيص وباء كوفيد-19، من مركز فحص واحد موجود بالعاصمة  إلى 26 مركزًا عبر قطر الوطن.

وبخصوص احتمال رفع الحجر الصحّي  المقيد أو التدريجي، أكّد المتحدث على حتمية رفع الحجر الصحّي لإعادة التوازنات الاقتصادية.

وشدّد مقران على  ضرورة وضع مخطّط ورؤية متكاملة تسمح بالعودة إلى الحياة الطبيعية، و إجراءات مرنة اقتصاديًا،  مع وضع استراتيجية تخفّف من الضغط الاجتماعي والنفسي.

واستطر المتحدّث قائلًا: "يتعيّن على المواطن أن يحترم التدابير الوقائية الصرامة، والاحترام الدقيق للممارسات التباعد الجسدي والاجتماعي والتدابير الحاجزية وارتداء الكمامة ووضع النظارات وغسل اليدين باستمرار".

واقترح  المتحدّث إمكانية رفع الحجر الصحّي عن الولايات أو المناطق التي لم تسجل أيّة إصابة، أو معدل الانتشار في حدود "R0"، ويهدف هذا الحلّ إلى فتح الاقتصاد المناطقي، تخفيفًا على المناطق الوبائية.

وختم أن القطاع الطبي في الجزائر، رغم نقص الإمكانيات له القدرة على التعامل مع الوباء، لكن يبقى على المواطن الالتزام بالإجراءات الوقائية، والتباعد الاجتماعي، فالمخاوف من ظهور موجة ثانية للوباء لا تزال قائمة.

 المسح الوبائي 

في السياق ذاته، يقترح  مختصّون جملة من الإجراءات، التي تراعى فيها الجوانب الوقائية دون زعزعة الاستقرار الاقتصادي والمحافظة على الوضع مستقرًا، ومن بين المقترحات، وضع المسح الجغرافي الوبائي، الذي يحدد فيه بؤر انتشار الوباء، وبالتالي الاعتماد على المقاربة الهجومية، بدل انتظار حالات الإصابات بالمستشفيات، وتتوقف هذه المقاربة على إمكانيات السلطات الطبية على الفحص الشامل والمستهدف.

وتفاديًا لارتفاع نسبة البطالة في المجتمع، يقترح أخصائي علم الأوبئة، الاعتماد على الحجر المنزلي لأشخاص مشبوهين، لقطع مسار انتشار العدوى، بدل الحجر الصحّي الشامل أو الجزئي، وبدل عزل العاملين والشباب الذين يمثلون الأغلبية، لابدّ من عزل حاملي الفيروس، قصد مواجهة الركود الاقتصادي والاحتقان الاجتماعي.

مخاوف من موجة ثانية

في مقابل ذلك، يُبدي الكثير من الأطباء والمتتبعين مخاوف من ذروة جديدة من فيروس كورونا، إذ ما اختارت الحكومة رفع الحجر الصحي جزئيًا، حينها تتجاوز فيه قدرة استيعاب المستشفيات بكثير، يجدر التذكير أن البنية التحية للقطاع الصحّي في الجزائر ضعيفة.

وتخشى الأوساط الطبيّة، التضحية بالوضع الصحّي العام لصالح الوضع الاقتصادي الهش، وانعكاساته الاجتماعية، وارتفاع المطالب بالعودة إلى الحياة الطبيعية نظرًا لطول فترة الحجر الصحّي، في حين لايزال الخطر قائم، مخاوف ازدادت مع حالة تراخي المواطنين بالتزام بالتدابير الوقائية والصحية.

الاعتبارات السياسية 

من جهته، يطرح فيروس كورونا أبعادًا متنوعة، سياسية واقتصادية وصحيّة، وبالتالي الجوانب الأكثر اهتمامًا، ويظلّ الجدل قائمًا بين الاعتبارات السياسية وانعكاسات الأزمة الصحية على الحياة الاقتصادية، وتطرح على الساحة ماهي الخيارات والأولويات في أجندة الحكومة، علمًا أن الأزمة الاقتصادية ستزيد من متاعب الأزمة الصحيّة.

وفي ظلّ هذه المخاوف والجدلية، يُجمع خبراء على ضرورة التعامل والتعايش مع الوباء، وعلينا أن نختار المقاومة ومواجهة الوضع الصحّي القائم، عبر استراتيجية الانتقال من السياسة العلاجية في المستشفيات إلى المقاربة الوقائية، حيث ينخرط المواطن في السلامة الصحيّة في أمكان العمل، ووسائل النقل وفي المطاعم ومرافق التنزه وغيرها.

يُجمع خبراء على ضرورة التعامل والتعايش مع الوباء، وعلينا أن نختار المقاومة ومواجهة الوضع الصحّي القائم

وفي ظلّ انعدام اللقاح ضدّ فيروس كورونا، فإن احترام التدابير الوقائية الذاتية والجماعية، لا تهدف إلى القضاء على الوباء، بل إلى تفادي الصدمة الصحيّة، ورفع الضغط على المستشفيات.

 

اقرأ/ي أيضًا:

مرسوم تنفيذي.. تسخير القوة العمومية ضد المخالفين لارتداء الكمامة

إجبارية وضع الكمامة اعتبارًا من أول أيام عيد الفطر