26-أكتوبر-2019

سعيد سعدي (أفريك دو نور)

الترا جزائر - فريق التحرير

أعطى سعيد سعدي، مؤسّس حزب التجمّع من أجل الثقافة والديمقراطية، قراءة مغايرة لما دار في لقاء الرئيسين فلاديمير بوتين وعبد القادر بن صالح الأخير، مفادها أن روسيا لم تعد تساند النظام الجزائري.

اعتبر سعيد سعدي أنّ الرئيس بوتين وجّه صفعة قويّة للنظام الجزائري

وأوضح سعدي في مقال مطوّل على صفحته على فيسبوك، أنّ أغلبية الملاحظين لم يسجّلوا سوى الابتسامة المستهزئة التي أطلقها بوتين، خلال اللقاء الذي جرى على هامش قمّة روسيا أفريقيا بسوتشي الروسية، غافلين عن المحتوى الشفوي لإجابته، رغم أنّه يحمل معانٍ ثقيلة.

اقرأ/ي أيضًا: هل مرافقة الجيش للحراك الشعبي مجرد ادعاء؟

وبحسب سعدي الذي اعتزل العمل السياسي وأصبح متفرغًا للكتابة، فإن بوتين لما قال "نعرف أنّ أحداثًا مهمّة تقع في الجزائر، ونتمنّى بكل صدق أن يتجاوز الشعب الجزائري عوائق المرحلة الانتقالية"، فإنّه يكشف عن تطوّر في الموقف الروسي الذي كان يساند فكرة الانتخابات الرئاسية قّبل بضعة أسابيع فقط، وأصبح اليوم يصطف مع أوتاوا، باريس وبرلين في الدعوة إلى مرحلة انتقالية، يطالب بها الجزائريون منذ شبّاط/ فيفري الماضي.

وأوضح سعدي أن بوتين وجّه صفعة ديبلوماسية ثانية للنظام الجزائري، حين لم يتحدّث في خطابه إلى المسؤولين ولا حتّى للجزائر وإنّما للشعب الجزائري، أيّ "للعناصر التي تخرج إلى الشارع لرفع شعارات"، كما حاول إقناعه بذلك بن صالح.

وأشار الرئيس السابق لحزب "الأرسيدي"، إلى أن بوتين لا ينظر للمسألة من وجهة نظر ليبرالية التي تركز على الإجراءات والقوانين، ولكنه شخصية براغماتية تحاول البحث عن تحالفات قويّة في الجنوب.

وأضاف المتحدّث: "لو رأى زعيم الكرملين أدنى احتمالات النجاح في انتخابات 12 كانون الأوّل/ ديسمبر، لتخندق فيها بلا اكتراث، فمساندة نظام قريب منه تاريخيًا ومن أهمّ زبائن مجمّعه الصناعي العسكري تستحقّ بعض التقصير في الشفافية الانتخابية وفي الحرّيات العامّة، التي لا تمثّل في كلّ الأحوال الصدارة في انشغالات موسكو".

لكن الضابط السابق لـ "كا جي بي" بتعبير سعدي، أدرك أن أيّ تقارب مع العسكريين الجزائريين سيصبح أمرًا محرجًا جدًا، بالرغم أن هؤلاء لم يتوانوا عن بذل أي مجهود للبقاء تحت مضلة موسكو. وتابع تحليله: "إن تنصّل موسكو يسجلّ منعطفًا في سياسة الهروب إلى الأمام التي تنتهجها قيادة الأركان، بعد أن راهنت على غطاء موسكو كتأمينٍ ضدّ أي شكل من الضغوطات الدبلوماسية أو السياسية".

ووفق ما جاء في خطاب المتحدّث، فإنه بعد انسحاب روسيا، "لم يبق لقايد صالح سوى التواطؤات العشوائية للمملكات البترولية، التي تمّ تكليفها مؤخّرًا من قبل الوصي الأميركي، برفض العرض الجزائري الذي يقترح تنصيب سيسي جديد في شمال إفريقيا".

لكن الأبّ الروحي لـ "الأرسيدي"، استطرد قوله: "علينا أن نتّسم دومًا بالحيطة والحذر إزاء استراتيجيات نظام بوتين. وإذا لم يتمّ مراجعة هذا الإنكار الروسي في الأيّام المقبلة، فقد يؤثّر هذا الموقف على الساحة الوطنية بدءًا بالتخوفات التي قد يفرزها في صفوف المؤسّسة العسكرية"، وهي فرصة حسبه يجب اغتنامها من الثورة السلمية.

سعيد سعدي: "انسحاب موسكو يعتبّر عن شكوكها في مقدرة قيادة الأركان على حلّ الأزمة السياسية في الجزائر"

وأضاف: "ما يجب تأكيده، هو أنّ انسحاب موسكو، ولو كان ظرفيًا، هو تطوّر يجعل آخر وأهمّ حامٍ لقيادة الأركان، يعبر علنًا إن لم نقل رسميًا عن شكوكه في طول حياتها. هذا المعطى الجديد، يضع الثورة في وضعية وجوب استباق قطيعة للسلطة، طالما ناشد بها الشعب الجزائري".

اقرأ/ي أيضًا:

"العصابة" أم الجيش.. من هو صاحب القرار في الجزائر الآن؟

مخاوف الحراك الشعبي من الالتفاف والعسكرة.. هل من مبرر؟