قاطع طلبة الجامعات الجزائرية، يوم أمس الأحد، الدروس والامتحانات المبرمجة على مستوى عدة جامعات ومعاهد جزائرية، ليتسنى لهم مواصلة الالتحام مع الحراك الشعبي.
قاطع طلبة الجامعات الجزائرية الدروس والامتحانات المقررة، ليتسنى لهم مواصلة الالتحام مع الحراك الشعبي
وفي حين واصل الطلبة الاحتجاج في ساحات الجامعات الجزائرية، قاطعوا الامتحانات الاستدراكية، بالإضافة للإضراب عن الدروس والمحاضرات، ما أدخل الجامعة الجزائرية في شهر "الشك" و"شبح السنة البيضاء".
اقرأ/ي أيضًا: من الجامعة للفضاء العمومي.. طلبة وأساتذة يدفعون بالحراك نحو المستقبل
وجابت مجموعات الطلبة حُرَم جامعاتها، وأمام بواباتها الرئيسية. وفي جامعة العلوم والتكنولوجيا بباب الزوار بالعاصمة الجزائرية، رفع الطلبة شعارات تطالب بـ"تغيير شامل للنظام"، وكذا فعل الطلبة في جامعات البليدة وورقلة وتيبازة وقسنيطنة.
شبح السنة البيضاء
وانقسم طلبة الجامعات بين الموقف الذي يدعو إلى مواصلة إضراب مفتوح إلى غاية تحقيق المطالب الشعبية، وأن يُقدم من أسموهم بـ"رموز الفساد" على خطوة التنحي والاستقالة، مشيرين إلى من باتوا يعرفون بـ"الباءات الثلاثة" وعلى رأسهم الرئيس المؤقت عبدالقادر بن صالح؛ وبين من يدعو إلى العودة للدراسة ومواصلة الاحتجاجات خارج ساعات الدراسة والامتحانات، وفي أيام الجمعة.
ويخشى العديد من الطلبة، أن يفضي الإضراب إلى الدخول في سنة بيضاء، بمعنى ألا تحتسب السنة الدراسية، وتعاد من جديد مع السنة الدراسية الجديدة. ويرى من الطلبة الذين يفضلون استكمال الدراسة، أن محاولات فرض الإضراب، يقودها الطلبة الحاصلين على معدلات ضعيفة في السداسي الأول.
تقول الطالبة بكلية العلوم الاقتصادية بجامعة بومرداس، سمية بن زهرة، إن "الطلبة الحاصلين على معدلات ضعيفة في السداسي الأول، يمثل الدخول في سنة بيضاء طريق خلاصهم الوحيد، للعودة للبداية".
لكن في الجهة المقابلة، يعتبر طلبة ممن يتمسكون بالإضراب كإحدى خيارات الضغط الحراكي، أنه "لا تنفع الشهادة الجامعية بوجود النظام الحالي، فالجميع سيتعثر بالطالة"، على حد قول الطالب الجامعي سمير وهابي.
جهات مجهولة؟!
يعتقد بعض الأساتذة الجامعيين أن هناك "جهات تدفع بالطلبة نحو المجهول"، على قول رضوان زناتي، الأستاذ بجامعة العلوم والتكنولوجيا بباب الزوار.
ويقول زوار لـ"الترا جزائر"، إن "تحويل مخارج الأزمة السياسية التي تعرفها الجزائر، من شأنه أن يضر بأسمى قطاعات الدولة، أي قطاع التعليم"، في إشارة إلى إقحام الجدول الدراسي في المطالب السياسية.
غير أنه من جهة أخرى، يبدو في الواقع إتمام الجدول الدراسي المقرر أمرًا صعبًا، خاصة بعد أن أعلن وزير التعليم العالي السابق، الطاهر حجار، عن عطلة ربيعية إجبارية مدتها 25 يومًا، انتهت في الرابع من نيسان/أبريل الجاري، وكان الغرض منها بحسب مراقبين، الحد من المشاركة الطلابية من الحراك الشعبي. وهي التي مثلت التعطيل الأساسي للرزمانة الدراسية
ووفقًا للأستاذة الجامعية، فريدة الساحلي، فقد "أربك هذا الواقع الجامعات في إتمام الدروس قبل العطلة المفروضة من الوصاية وتأجيل الدروس إلى ما بعدها وهو ما يعني تأجيل الامتحانات أيضًا".
وتعرف الجامعة الجزائرية الآن، محاولات لإجراء الامتحانات الاستدراكية الخاصة بالسداسي الأول بأقصى سرعة، قبل البدء في دروس السداسي الثاني. وبحسب الأستاذة الجامعية ريم لزعر، فإن "الجامعة الجزائرية دخلت أيام الخطر بوقوع الطلبة في مطب إتمام الدروس وامتحانات أخرى في نهاية السنة، وهو أمر يستحيل استكماله في فترة قياسية".
الجامعة والسلطة
منذ بدء الحراك الشعبي في 22 شباط/فبراير، التحمت الجامعة معه على نطاق واسع، مع عزز من قوته وزخمه. وبحسب الباحث في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة الجزائر، سامي كعباش، فإن للحركات الطلابية مساهمة كبيرة في التحولات الاجتماعية كونها "تحمل طابعًا مطلبيًا بجميع المخارج الممكنة، ومن بينها المخارج السياسية، كالمطالبة بالتغيير الشامل أو بالدفع بالتحولات السياسية العميقة".
وأضاف كعباش أن الطلبة "يملكون من أدوات الضغط المتمثلة في اتساع مستويات الإدراك، وكذا تناسق الكتلة العمرية، باعتبار الحركات الطلابية يقودها الشباب، وهو عنصر ضغط مهم".
وفي الحالة الجزائرية، كان الحراك ملاذًا للطلبة، بأن "حرر المبادرات الطلابية التي كانت حبيسة المناسبات"، على قول كعباش، موضحًا أن الحراك "أعاد علاقة كانت مفقودة بين مؤسسة الجامعة والمجتمع، تحت مسمى المواطنة الشاملة، أي التي تتقاطع فيها الفئات المتعلمة مع الفئات الأخرى، وذلك عبر التعريف بمطالب الحراك وتبسيط ترسانة القواعد والمواد الدستورية والقانونية وتبسيط المفاهيم السياسية الفضفاضة".
حرر الحراك الشعبي المبادرات الطلابية التي كانت حبيسة المناسبات، وأعاد العلاقة المفقودة بين الجامعة والمجتمع
هكذا أسهم الطلبة في الجزائر، بأن "أخذوا المبادرة بالدور الإيجابي"، يقول الباحث في العلوم السياسية، "كوسيط في ضبط العلاقة بين الحراك والسلطة، وساهموا بشكل جدي في تحفيز معطى السلمية منذ البداية، لأنهم جيل أكثر انفتاحًا على تجارب الشعوب الأخرى، مستغلًا الوسائط الاجتماعية والصورة التداولية ومحاولة سحب ذلك على تجربة جزائرية خالصة عنوانها سلمية الحراك".
اقرأ/ي أيضًا: