أكد وزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج أحمد عطاف، أن قرار وقف إطلاق النار الذي بادرت به الجزائر رفقة الدول العشرة غير دائمة العضوية بمجلس الأمن، قرارٌ تاريخيٌ.
عطاف: هناك مُقاربات تَوهَّمت إمكانية تحقيق السلم والأمن في الشرق الأوسط على أنقاض المشروع الوطني الفلسطيني
وقال عطاف في ندوة صحفية، إنه "لقد تزامن انضمام الجزائر لهذه الهيئة الأممية المركزية، مثلما تعلمون، مع تصعيد العدوان الإسرائيلي الغاشم وغير المسبوق على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وسط سياقٍ دولي تفاقمت فيه حالة الشلل شبه التام التي أصابت مجلس الأمن جرّاء الاستقطابات الحادة والتجاذبات المتفاقمة بين الدول دائمة العضوية في ذات المجلس".
وأضاف: "لقد كان للقضية الفلسطينية نصيبُها المعتبر من هذا الواقع الأليم الذي تضررت منه أيما تضرر، وهي التي كانت تُعاني أصلا من تَراجعها الحاد، بل وتغييبها المطلق، من سلم أولويات المجموعة الدولية، نتيجة مُقاربات تَوهَّمت إمكانية تحقيق السلم والأمن في الشرق الأوسط على أنقاض المشروع الوطني الفلسطيني".
وأردف: لقد قُوبل العدوان الإسرائيلي الهمجي على أشقائنا الفلسطينيين في قطاع غزة، بِرُضُوخِ العديد من أعضاء مجلس الأمن لمنطق الأمر الواقع، والتسليم باستحالة التوفيق بين التوجهات المتناقضة لأعضائه، وبالتالي غياب أي مبادرة فعلية من مجلس الأمن في سبيل وضع حدّ لهذا العدوان، أو حتى التخفيف من معاناة المدنيين الفلسطينيين".
عطاف: لقد قُوبل العدوان الإسرائيلي الهمجي على أشقائنا الفلسطينيين في قطاع غزة، بِرُضُوخِ العديد من أعضاء مجلس الأمن لمنطق الأمر الواقع
وهو الأمر الذي رفضته الجزائر منذ اليوم الأول لانضمامها لمجلس الأمن، عبر إصرارها على ضرورة، بل حتمية، اضطلاع المجلس بالمسؤوليات المنوطة به تجاه القضية الفلسطينية، التي جعلت منها بلادنا أولويَتَها الرئيسية، وشُغلَها الشاغل، وعُنوانَ جميع مبادراتها الدبلوماسية، يُضيف وزير الخارجية.
وكشف عطاف، أن تحرّك الجزائر لنصرة القضية الفلسطينية في مجلس الأمن، كان وفق ستّة اتجاهات رئيسية، أولها بعث الحل السياسي للقضية الفلسطينية من جديد، بعد أن تم تعطيله وتغييبه لأكثر من 25 سنة
وكذا، إعلاء الشرعية الدولية نصّا وروحا، كقاعدة لإحياء مسار السلام في الشرق الأوسط والتوصل لحل عادل ودائم ونهائي للقضية الفلسطينية، والتركيز على حتمية قيام الدولة الفلسطينية المستقلة والسيدة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشريف.
كما تحرّكت الجزائر لتكثيف الضغوط على المحتل الإسرائيلي لحمله على التَقَيُّد بالشرعية الدولية، وتجريده من حصانة اللامحاسبة، واللامساءلة، واللامعاقبة، السعي لاكتساب دولة فلسطين العضوية الكاملة بمنظمة الأمم المتحدة، وأخيرًا الدفع قُدُما بمشروع المصالحة الوطنية ولمِّ الشمل الفلسطيني، كضرورة ملحة، وكمطلب أكيدٍ لبعث المشروع الوطني الفلسطيني وتحقيقه بكل مراميه، وبكل مقاصده، وبكل متطلباته.
عطاف: تحرّكت الجزائر لتكثيف الضغوط على المحتل الإسرائيلي لحمله على التَقَيُّد بالشرعية الدولية
وعلى ضوء هذه الأولويات فقد تركزت مساعي الدبلوماسية الجزائرية في نصرة القضية الفلسطينية خلال الأشهر الثلاث الأولى من انضمامها لمجلس الأمن على ثلاث محاور رئيسية:
- أولا، تكثيف المداولات حول القضية الفلسطينية داخل مجلس الأمن،
- ثانيا، تعزيز الزخم الدبلوماسي لفائدة القضية الفلسطينية خارج مجلس الأمن، لا سيما في المنظمات الدولية والإقليمية التي تنتمي إليها الجزائر.
- ثالثا، المبادرة بطرح مشاريع قرارات حول القضية الفلسطينية.
وفيما يتعلق بالمبادرة بطرح مشاريع قرارات حول القضية الفلسطينية، يشرح عطاف، أنه قد تمكن الوفد الجزائري بنيويورك مؤخرا من قيادة مبادرة مشتركة لما يسمى بمجموعة العشرة (E10)، وهي مجموعة الدول المنتخبة غير دائمة العضوية بمجلس الأمن، والتي قامت بطرح مشروع قرار حول فلسطين. وهو القرار الذي تم اعتماده بنجاح يوم أمس، حيث يُعتبر أول قرار يصدر عن مجلس الأمن بمضمون واضح وهادف وصريح، ألا وهو المطالبة بوقف فوري، ودائم، وغير مشروط لإطلاق النار في قطاع غزة.
ويُعَدُّ اعتماد هذا القرار، وفق عطاف، مكسبا لافتا للقضية الفلسطينية، ليس فقط من ناحية مضمونه ومحتواه، بل كذلك من الناحية الإجرائية، كونه أول قرار موضوعي يتقدم به الأعضاء المنتخبون بصفة مشتركة وموحدة في تاريخ الأمم المتحدة.