كانت سنة 1972 شاهدة على ميلاد أوّل فيلم سينمائي جزائري طويل ينقل القضية الفلسطينية إلى العالم عبر الشاشة الكبيرة
ركّز صنّاع السينما الجزائرية على المواضيع التي تتعلق بالثورة والنضال ضدّ الاستعمار الفرنسي واهتموا أيضًا بسنوات الجمر التي شهدتها البلاد سنوات التسعينيات من القرن الماضي، ما جعلهم بشكلٍ أو بآخر وفي ظل عدم وجود أسباب واضحة، لا يلتفتون إلى القضية الفلسطينية سينمائيًا، كما هو الحال بالنسبة لعديد الدول العربية الأخرى التي تغيب عند مخرجيها وكتّاب أفلامها القضية الفلسطينية بشكلٍ بارز ،باستثناء مصر التي قدّمت جملة من الأعمال حول القضية.
"سنعود".. أوّل فيلم جزائري عن فلسطين
في الجزائر، كانت سنة 1972 شاهدة على ميلاد أوّل فيلم سينمائي جزائري طويل ينقل القضية الفلسطينية إلى العالم عبر الشاشة الكبيرة، غير أنّ هذه البادرة تكاد تعدّ الوحيدة بحسب مختصّين في الفن السابع، ولم تتبعها محاولات أخرى، ومقابل ذلك كانت الجزائر ولا تزال قبلة للسينمائيين الفلسطينيين وقبلة للسينما الفلسطينية من خلال احتضان الجزائر تظاهرات ومهرجانات سينمائية عرضت عديد الأفلام التي تتناول جرائم الاحتلال الإسرائيلي، تنصر القضية الفلسطينية ومن بينها مهرجان الجزائر للسينما الملتزمة، مهرجان وهران للفيلم العربي، مهرجان عنابة للفيلم المتوسطي،وغيرها من التظاهرات.
"سنعود" هو فيلم روائي طويل، مدته 100 دقيقة، من إخراج الراحل سليم رياض (1932-2016) عن سيناريو أحمد راشدي الحائز على "أوسكار" أفضل فيلم أجنبي عن فيلم أنتجه بعنوان "زاد" وأخرجه اليوناني غوستاغافراس.
"سنعود" يعتبره مختصّون في الحقل السينمائي أنّه العمل الجزائري والمغاربي الوحيد الذي تناول "النكبة" ومآسيها من خلال نقل يوميات الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال الإسرائيلي، وتصوير معاناة الشعب الفلسطيني على اختلاف فئاته من تعسف الجنود الصهاينة.
وتدور قصة هذا العمل الذي شارك في أداء بطولته كل من الممثلين الراحلين امحمد بن قطاف، حسان الحسني، رفيق سبيعي.. وآخرين، حول واحد من عناصر المقاومة، محاصر رفقة زملائه من قبل جيش الاحتلال، فيفكر في طريقة للتخلص من الحصار، حيث تظاهر أنّه يسلّم نفسه للعدو الصهيوني، فتقدم إلى قائد الفرقة بهدوء، لكن عندما وصل ورأى أنّ الوقت مناسب، قام بتفجير قنبلة يدوية، فضحي بنفسه من أجل رفاقه الذين تمكنوا من الفرار، وخلق ذعرًا وسط جنود الكيان.
فيلم "سنعود" أنتجته الجزائر علم 1972، بشراكة مع منظمة التحرير الفلسطينية، والعمل من كتابة المخرج المعروف أحمد راشدي وآنيا فرانكو.
وفي 2009، قال محمد سليم رياض في حوار مع جريدة المساء (حكومية) عقب عرض فيلمه "سنعود" بالجزائر العاصمة: "ما يقع في غزة وفي فلسطين يعيدني 35 سنة إلى الوراء، إلى الوقت الذي سعينا فيه إلى دعم القضية الفلسطينية، من خلال إنجاز هذا الفيلم، والذي يعدّ من الأفلام الأولى التي خصّصت للقضية الفلسطينية من جانبيها السياسي والعسكري، وقد استغرق التحضير للفيلم عامًا كاملًا وأنتجناه بالاشتراك مع منظمة التحرير الفلسطينية وكانت فرصة التقينا فيها الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، وكنا نسعى من خلاله إلى إنصاف القضية الفلسطينية ومساعدة الشعب الفلسطيني".
"السلام".. قصة فلسطيني في الأسر
في عام 2016، شارك فيلم جزائري حول فلسطين بمهرجان سينمائي بنيودلهي الهندية وفاز بجائزة أفضل إنتاج، عنوانه "السلام"، أخرجه سريج عبد الحميد، عن نصّ باهي ريما وفتوحي فريد، وإنتاج العكرمي عبد القادر.
جرى تصوير هذا الفيلم الروائي القصير "الصامت" بمدينة وهران، في صائفة 2015، فكرته العامة دعم القضية الفلسطينية والدفاع عن الأراضي المحتلة.
يروي فيلم "سلام" ومدّته دقيقتان، قصة صامتة مؤلمة لمعاناة أسير فلسطيني أبكم، داخل سجون الاحتلال، حيث يتعرّض لأبشع أنواع التعذيب من قبل جنود الاحتلال، حسب ما نقله سابقًا موقع "الشروق".
يروي فيلم "سلام" ومدّته دقيقتان، قصة صامتة مؤلمة لمعاناة أسير فلسطيني أبكم، داخل سجون الاحتلال
وبالرغم من أنّ هذا العمل لم يحقق انتشارًا واسعًا في الجزائر ولم يعرض كثيرًا بقاعات السينما الجزائرية، إلاّ أنه يبقى عملًا توثيقيًا عالج قضية عادلة وحاول إيصال صوت الفلسطيني المحاصر، صوت الفلسطيني الذي يعاني تحت الاحتلال أمام صمت العالم.