01-سبتمبر-2021

الممثل سيد علي رباحي (فيسبوك/الترا جزائر)

اجتمع مجلس الوزراء برئاسة رئيس الجمهوريّة. أمر عادي، بل هو مطلوب؛ بل هو ضروريّ. فلو كان مجلسًا مُستشعرًا لطبيعة اللّحظة الوطنيّة القائمة لقرّر أن يبقى مفتوحًا على مدار السّاعة واليوم والأسبوع والشّهر. فما حدث وما هو قابل للحدوث في أيّة لحظة يستدعي ذلك. واتّخذ عدّة قرارات في عدّة قطاعات. أمر عادي أيضًا. بل هو مطلوب. بل هو ضروريّ. فلو كان مجلسًا مستشعرًا لضغط اللّحظة القائمة لاتّخذ معظم ما أعلن عنه من قرارات فور وقوع الأحداث في الميدان، حتّى وإن فاجأته، حينها، كما قال الوزير الأوّل.

ما جدوى إعادة بعث مشروع الفيلم، من غير التّحقيق في مصير الأموال التّي رصدت له من قبل؟

ما ليس عاديًا ولا مطلوبًا ولا ضروريًّا في رأيي هو أنّ المجلس الموقّر، حين وصل إلى قطاع الثّقافة والفنون، قرّر إعادة بعث مشروع فيلم الأمير عبد القادر الجزائريّ، عوضًا عن طرح هذا السّؤال: ما الذّي يتعيّن على قطاع الثّقافة والفنون أن يفعله لصالح الوعي الشّعبيّ العامّ، في هذا الظّرف الحاسم، لصالح قيم العيش المواطناتيّ المشترك، فنحن نمرّ بأخطر بؤر الفتنة، ولصالح الثّقافة البيئيّة، فقد خسرنا من ثرواتنا الحيوانيّة والنّباتيّة ما لم نخسره من قبل؟ ويتمّ البناء على الإجابة الرصينة والمدروسة والواعية على هذا السّؤال، فتُطرح برامجُ ورؤًى ومشاريعُ تهدف إلى الاستثمار في الإنسان/ المواطن، حتّى نتجاوز الفخاخ النّفسيّة والفكريّة والسّلوكيّة التّي جعلت منه قنبلة قابلة للانفجار في وجه شريكه في الفضاء والعطاء في أيّ لحظة.

اقرأ/ي أيضًا: شبيه الأمير عبد القادر يدعو إلى تحرير فيلمه

إنّ تجاوز رهان تسخير العمل الثّقافيّ في إعادة بناء المواطن على أسس فكريّة وسلوكيّة وذهنيّة سليمة، وفق قيم الوطن الواحد، واختصار الثّقافة والفنون في إنتاج فيلم من غير توفير المناخات الصّحيّة التّي يتطلّبها الإنتاج، شبيه بالوقوف أمام فتاة جائعة وعارية والتّفاعل مع حالتها بإعطائها علبةً من الكحل!

لقد أدرج الرّئيس كتابة دولة للصّناعة السّينيماتوغرافيّة في حكومته الأولى. ثمّ سرعان ما ألغاها بحجّة أنّ الشّخص الذّي كلّفه بها خيّب ظنّه وأنّه لم يجد من يشرف له عليها! فعوضًا عن تغيير كاتب الدّولة ألغى كتابة الدّولة أصلًا. هل هذا منطق سليم؟ ثمّ لنفرض أنّ الجزائر باتت عاقرًا إلى درجة أنّه لم يجد من يتكفّل له بملف الصناعة السّينيناتوغرافيّة، فهل الأولويّة تكون لصالح ترميم القطاع وإطلاق ورشة وطنيّة مفتوحة ومدروسة لتكوين الكوادر أم لإنتاج فيلم ضخم يتطلّب مئات الملايير؟

ثمّ ما جدوى إعادة بعث مشروع الفيلم، من غير التّحقيق في مصير الأموال التّي رصدت له من قبل، وصرفت أجزاء كبيرة منها من غير أن تُصوَّر لقطة واحدة منه؟

كيف يُراد من المواطن أن يؤمن بجدوى إنتاج الفيلم ويستفيد من القيم الوطنيّة التّي سيتضمّنها، وهو الهدف الأوّل من عمليّة الإنتاج، بينما يختنق في المستشفيات لانعدام الأكسيجين؟ هل هذا هو الوقت المناسب للحديث عن هذا المشروع؟ كم من قاعة سينما استرجعت أو رمّمت أو أنجزت؛ حتّى يكون الإنتاج تتويجًا لأرضيّة سينيمائيّة صحّيّة؟

أجزم في أنّ إعادة بعث مشروع فيلم الأمير عبد القادر لم تنطلق من الرّغبة في تثمين رمز وطنيّ عظيم

لست ممّن يجزمون عند إطلاق الأحكام، حيث أترك دومًا هامشًا من الشّكّ والعذر، لكنّني أجزم في هذه أنّ إعادة بعث مشروع فيلم الأمير عبد القادر لم تنطلق من الرّغبة في تثمين رمز وطنيّ عظيم هو جدير بأن يُشكّل بؤرة إجماع في الأوساط الشّعبيّة المحتاجة إلى رمز يجمعها، بل انطلقت من متاجرة النّخبة الحاكمة بالرّموز الوطنيّة في ظرف أحسّت فيه بإفلاسها الميدانيّ. وهي بهذا تعطينا دليلًا آخر على أنّها امتداد سيّئ لمن سبقها. فمتى يظلّ فيلم الأمير في درج السّياسيّين، يلوّحون به متى احتاجوا إليه من غير أن ينجزوه؟

 

اقرأ/ي أيضًا:

شبيه الأمير عبد القادر يدعو إلى تحرير فيلمه

أميركا تحتفي بذكرى الأمير عبد القادر