01-مارس-2021

شعارات الحراك الشعبي أثارت جدلًا وسط الجزائريين (تصوير: مصعب رويبي/الأناضول)

في الذكرى الثانية للحراك الشعبي، تظاهر آلاف المواطنين بعدّة مدن جزائرية، ورفعوا شعارات دعوا فيها إلى مواصلة النضال والتمسك بالمطالب التي خرجوا من أجلها في بداية المسيرات، وضرورة إصلاح النظام وإسقاط الفسادين.

يبدو أن الحراك في موجته الثانية لم يلق إجماعًا وطنيًا حول الأهداف والغايات

يبدو أن الحراك في موجته الثانية لم يلق إجماعًا وطنيًا حول الأهداف والغايات، إذ ندّد واستهجن بعض النشطاء من الحراك الشعبي بعض  الشعارات التي تميل إلى التطرف والتصادم، والخروج على الطابع السلمي، كما ذهب طرف آخر إلى أن الحراك حركة احتجاجية شارعية، غير قادر على التأطير وتجسيد المعادلة السياسية التي تفرض التنظيم والهيكلة الحزبية، وقبول مبدأ التفاوض والتمثيل عوض الضبابية والعدمية السياسية.

اقرأ/ي أيضًا: رسائل الحراك الشعبي.. الأزمة السياسية مستمرّة

ثورة مضادة 

في هذا إطار، ندّد الناشط السياسي والخبير الدستوري رضا دغبار ببعض الشعارات التي رفعها بعض النشطاء والمحتجّين، على غرار وصف مؤسّسات الدولة الجزائرية بالنظام الاستعماري، وتسمية الأجهزة الأمنية بانها أجهزة إرهابية وببعض الشعارات الجهادية، حيث قال في منشور على صفحته بموقع فيسبوك "إن الحراك الشعبي ينتهج الأسلوب السلمي والأخلاقي، وأن الثورة الشعب سملية متدرّجة المطالب واعية بالأهداف والغايات، جامعة لا مفرقة"، كما شجب بعض التصرفات والشعارات التي يرى أنها تروج للكراهية وتشوش على غايات الحراك وغير منسجمة مع حراك 2019، داعيًا النخبة السياسية والمجتمعية إلى تحمّل مسؤوليتها التاريخية وقيادة الحراك الشعبي، بما يًثمر إصلاحًا سياسي وتغيير دون المساس بالدولة والاستقرار الأمني والمؤسساتي، على حدّ تعبيره.

من جهته، يقول المحلل السياسي زين العابدين غبولي في حديث إلى "الترا جزائر"، إنّ حراك الشارع في الجمعة الموالية لذكرى انتفاضة 2019، هو دليل على أن كثيرًا من المطالب السياسية لم تحقّق بعد، وفي تقدير المتحدث فإن عودة الحراك لم تحمل وحدة سياسية مثل تلك التي كانت ضدّ العهدة الخامسة، موضحًا أن "الجزائريين وإن اتفقوا على رغبتهم في التغيير، لا زالوا يحاولون إجاد البديل".

يعتبر المتحدّث، أن الموجة الثانية للحراك الشعبي تحمل عدة اعتبارات وتغيرات داخل السلطة السياسية نفسها، مشيرًا إلى أن خارطة الطريق التي أفضت إلى مجيء الرئيس تبون لم تحقق الغاية منها، وهي إحداث توافق داخل النظام وتهدئة الشارع. مضيفًا أن الجزائر دخلت مرحلة أخرى من الاضطراب السياسي في ظلّ وضعية اقتصادية صعبة وانقسامات داخل كلّ من السلطة والحركة الاحتجاجية.

وعن مستقبل الموجة الثانية للحراك، يقول يعتقد غبولي أنّها تبقى مرهونة بقدرة فاعليها على تقديم البديل واستعدادهم للتفاوض، داعيًا إلى التغيير التدريجي، سلطة وشعبا، وقراءة مغايرة وهادئة للمشهد السياسي بموازين القوى التي تمثّله.

حركة إصلاحية 

من جانبه قال عضو والقيادي في حزب "جيل جديد" حبيب براهمية، إن خروج الجزائريين بمناسبة الذكرى الثانية للحرك الشعبي جاءت لتؤكّد تمسك المواطنين بمطالبهم المشروعة، والممثلة في بناء دولة قانون والتمسك بالانتقال الديمقراطي. وأضاف أن تداعيات الأزمة الصحّية على الجبهة الاجتماعية والأداء المتواضع للفريق الحكومي ساهما وشجّعا الجزائريين على الخروج من أجل  احداث تغيير عميق وجاد وصادق .

وقال براهمية في حديث إلى"التر جزائر" إنه على الكوادر السياسية والأطر الحزبية، التفكير والعمل على تجسيد مطالب الحراك عبر الحوار السياسي والتوافقي، متسنكرًا في الوقت نفسه بعض الشعارات الصدامية، التي من شأنها إخراج الحراك من طابعه السلمي إلى المواجهة الأمنية.

يوضّح المتحدّث في هذا الشأن، أن الفرق بين السلطة السياسية ومؤسّسات الدولة التي ينبغي اقتحامها عبر المطالبة والمغالبة، وإحداث تغيير سلس يحافظ على مكتسبات الدولة الجزائرية، محذّرًا هنا من الاستغلال السياسيوي للحراك والدعوة الى العنف والتصادم، على حدّ تعبيره.

مؤامرة علمانية؟

من جانبه، وفي ندوة صحفية خرج رئيس حركة مجتمع السلم "حمس" عبد الرزاق مقري عن صمته، متناولًا مخاطر المرحلة السياسية التي تمرّ بها الجزائر، ومحذّرًا من وجود تيّارات تريد ضرب مسار الحراك الشعبي وأهدافه واستغلاله لأغراض أيديولوجية، حيث أشار إلى "وجود قوى علمانية استئصالية تحول استغلال الحراك الشعبي وتبنيه والمطالبة بالذهاب إلى مرحلة انتقالية والمطالبة بانتخابات رئاسية مسبقة تتسلم السلطة دون الإرادة الشعبية".

وعلّق مقري في خطابه قائلًا:" لم يكن للحراك أن ينقسم لولا أن الخصوصيات ارتفعت عاليًا، أشكالًا وأفكارًا مضعفة الحراك".

هنا، دعار ئيس حركة مجتمع السلم، عبد الرزاق مقري، إلى الحوار السياسي والانتقال الديمقراطي المتفاوض عليه بين النخب والسلطة، محذّرًا من مخاطر المساس بالوحدة الوطنية والسيادة الشعبية.

حملات التخوين 

من جهة أخرى، كتب البروفسيور والناشط إسماعيل مهنانة، أن كلّ محاولة أو مبادرة للتنظيم والهيكلة "يتم تخوينها ومحاربتها عبر التصنيف الشعبوي، على غرار العميل المخابرات.. الاستئصالي".

وفي تصوّر مهنانة، أن حملة التخوين تطال كل المبادرات لكي تبقى "حركة رشاد"، وما يُسمّى بقوى البديل الديمقراطي الطرفان الوحيدان في الميدان، يهدفان إلى إبقاء الحراك مادة خام غير مؤطّرة حتى لا تظهر قوة ثالثة تنافسهما.

 تأتي الموجة الثانية من الحراك في ظلّ ظروف سياسية واقتصادية واجتماعية صعبة

وعلى العموم تأتي الموجة الثانية من الحراك في ظلّ ظروف سياسية واقتصادية واجتماعية صعبة، وظروف إقليمية كلها تُفرز انعكاساتها على الجبهة الداخلية، حيث أن حراك 2019 جرى في أجواء مريحة أمنيًا ومجتمعيًا وهي عوامل غير متوفرة على المشهد السياسي الحالي، ويقف حراك الشارع أمام تحديات جديدة عليه الإجابة على تحولات ومتغيرات مؤسّساتية والبحث عن المصلحة.

 

اقرأ/ي أيضًا:

مسيرة حاشدة بخراطة في ذكرى الحراك الشعبي

الحرك الشعبي.. هل انتهت الهدنة؟​