خلال اجتماع لمجلس الوزراء، أمر رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون الحكومة بمواصلة إثراء مشروع قانون الاستثمار، ولم يعرض بيان المجلس ما هي الأسباب التقنية وراء التأجيل، وجاء في بيان مجلس الوزراء أن لإثراء جاء حرصًا على أهمية المشروع وديمومته.
عرف قانون الاستثمار في السابق سلسلة من التأجيلات على مستوى مجلس الوزراءولم تتضح دوافع وأسباب هذا التأجيل حتى الآن
عرف قانون الاستثمار في السابق عرف سلسلة من التأجيلات على مستوى مجلس الوزراء، ولم تتضح إلى غاية اليوم دوافع وأسباب هذا التأجيل، فهل المبرر يتعلق بتحفظ الرئاسة الجمهورية على مشروع تمهيدي يتعلق بالاستثمار، أم أن الأسباب سياسية مرتبطة بموقف الرئيس الجمهورية تجاه أداء الحكومي، أم يعود إلى غياب رؤية واضحة المعالم حول السياسية الاستثمارية، خاصة شروط الاستثمارات الأجنبية وماهي القطاعات الاستراتيجية الخاضعة لقاعدة 59/41.
الأسباب الاقتصادية
على صعيد آخر، أسدى رئيس الجمهورية تعليمات لإعادة النظر في قانون يتعلق بشروط ممارسة الأنشطة التجارية من أجل رؤية واضحة، تكون مشجعة للمتعاملين الاقتصاديين، في نفس السياق كلف الرئيس الحكومة مراجعة قوائم المواد الممنوعة من الاستيراد وتحديدها في اجتماعات الحكومة، مع الإشارة أن يتم نشرها بمرسوم تنفيذي وليس وزاري.
في السياق، يرى مراقبون أن التأجيلات المتتالية، تترجم استياء عبد المجيد تبون من أداء الجهاز التنفيذي، الذي وُصفته أطراف سياسية موالية بالضعيف والارتجالي، نتيجة غياب استراتيجية تنموية واضحة الأفق، تعمل على خلق الثروة وجلب الشركات الدولية والعالمية.
إعادة النظر
في السياق ذاته، تأتي تعليمة عبد المجيد تبون بإعداد تصور شامل لمختلف المواد والسلع المستوردة من خلال مراجعة قائمة المواد الممنوعة من الاستيراد، بعد أيام من فرض وزارة التجارة على المتعاملين الاقتصاديين والناشطين في مجال الاستيراد لإعادة البيع على الحالة، إلى التأكد من عدم توفر المنتجات المرغوب استيرادها من قائمة المنتجات المصنعة محليًا، من خلال طلبات خاصة للوزارة، وتسليم وثيقة خاصّة لكي تُدرج في ملف طلب التوطين البنكي.
وقد أثار قرار وزارة التجارة استنكار متعاملين الاقتصاديين والناشطين في مجال الاستيراد، نظرًا إلى إسراع الوزارة في إعداد قائمة المنتجات الوطنية وتحديدها دون إجراء مشاورات أو دراسة معمّقة وإشراك المتعاملين الاقتصاديين، إضافة إلى انعكاس القرار على ندرة في الأسواق، وهو الأمر الذي يُترتّب عنه ارتفاع أسعار السلع والمنتجات، نتيجة عدم وجود منافسة وغياب الجودة والاكتفاء الذاتي، زيادة على أن القرار يأتي في ظل أزمة سلسلة التوريد العالمية، انعكست على نقص المواد الأولية والمصطنعة.
جدير بالذكر، أن بعض المتعاملين الاقتصاديين اشتكوا من تماطل وزارتي التجارة والفلاحة في منح تراخيص الاستيراد، ما تسبب في توقف إنتاج المؤسسات، نتيجة ندرة وتراجع المخزون، حيث طالت هذه الأزمة بعض المواد الأولية تدخل في صناعة المواد البلاستكية ومواد التنظيف والتطهير وبودرة الحليب ومشتقاتها، زيادة على ارتفاع أسعارها في الأسواق العالمية، فهل تعلمية الرئيس تلغي قيود التي فرضتها وزارة التجارة مؤخّرًا؟
تعديل وزاري؟
في السياق ذاته، أعلن عبد المجيد تبون عن تعديل حكومي قريب، وقد يكون تأجيل قانون الاستثمار مرتبط بأجندة الرئيس السياسية، إذ لا يمكن إسناد قانون الاستثمار لحكومة محل انتقاد دائم من طرف الرئاسة الجمهورية والأحزاب السياسية، وفي ظلّ أداء فاشل لبعض القطاعات الاستراتيجية، على غرار وزارة التجارة، التي تسببت في أزمات اجتماعية وندرة في مواد الاستهلاكية، وعجز وزارة الصناعة في إعداد ملف متكامل يخص توريد وصناعة السيارات.
ارتفاع أسعار المحروقات
في مقابل ذلك، يرى خبراء في المجال الاقتصادي أن تأجيل صدور قانون الاستثمار قد يكون نتيجة ارتفاع أسعار المحروقات في السوق العالمية، والذي يدفع بصانعي القرار الاقتصادي والسياسي في الجزائر إلى التصرف بكل أريحية واتكال بدل وضع سياسية تنموية تدفع إلى ترشيد المداخيل بالعملة الصعبة، وضخّ الموارد المالية في مشروعات صناعية ذات قيمة مضافة وبعيدة المدى.
"البحبوحة المالية" التي يعرفها الوضع الاقتصادي نتيجة ارتفاع سعري النفط والغاز، تدفع الحكومة إلى الحلول السهلة وشراء السلم الاجتماعي، ومراجعة بعض القرارات تضمنها قانون المالية 2022، إذ لا يُعقل بحسب خبراء عدم تنصيب جهاز دعم التحوّلات الاجتماعية وعدم تحديد الفئات الاجتماعية المستفادة من الدعم الاجتماعي، وعدم صدور نصوص تطبيقية حول قرار توجيه الدعم، فهل الارتفاع المفاجئ لأسعار البترول وزيادة المداخيل بالعملة الصعبة أعاد حسابات الجهاز التنفيذي في سياسية الدعم؟.
يؤكد اقتصاديون أن طفرة ارتفاع أسعار البترول لا تعكس نموًا اقتصاديًا ولا تحرك عجلة التنمية
يؤكد اقتصاديون أن طفرة البترول لا تعكس نموًا اقتصاديًا ولا تحرك عجلة التنمية، وأن لغة الأرقام "المتافائلة" المقدمة من طرف بعض الوزرات لا بدّ أن تعكسها ديناميكية صناعية وخدماتية، قاطرتها السوق المالية التي تحرك الدورة الاقتصادية وليس الإدارة البيروقراطية ووسيط الجمهورية رغم المجهودات الميدانية.