02-يوليو-2019

صورة مركبة لبورقعة (التراجزائر)

مفاجآت بالجملة تعرفها الساحة السياسية في الجزائر هذه الأيّام، إذ بعد خطاب المؤسّسة العسكرية حول الرايات المرفوعة في الحراك، أحدث إيداع المجاهد لخضر بورقعة الحبس المؤقّت، من قبل قاضي التحقيق لدى محكمة بئر مراد رايس بالجزائر العاصمة، جدلًا واسعًا في الأوساط السياسية والحقوقية والشعبية.

وجّهت الجهة القضائية للمجاهد بورقعة تهمة إهانة هيئة نظامية وإضعاف الروح المعنوية للجيش الجزائري

وجّهت الجهة القضائية للمجاهد بورقعة، تهمة "إهانة هيئة نظامية وإضعاف الروح المعنوية للجيش الجزائري"، واستند قاضي التحقيق إلى المادة 146 من قانون العقوبات المرتبط أساسًا بإهانة هيئة نظامية، وللمادة 75من القانون نفسه فيما يتعلّق بـ "المساهمة في إضعاف الروح المعنوية للجيش الوطني الشعبي".

اقرأ/ي أيضًا: لخضر بورقعة.. السلطة توظف التاريخ في تصفية الخصوم

خصوم السلطة

تصريحات المجاهد بورقعة الأخيرة، صبّت الزيت على النار، ففي الوقت الذي تشهد البلاد غليانًا سياسيًا وشعبيًا منذ أربعة اشهر، أطلّ المجاهد بتصريحات وصف فيها الجيش بـ "الميليشيات"، وهي التصريحات التي تأتي في ظرف حساس تعيشه الجزائر منذ بدء الحراك الشعبي في الـ 22 فيفري/ شبّاط الماضي وما تبعته من محاكمات واعتقالات لشخصيات من محيط الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة.

اعتقال قائد الولاية التاريخية الرابعة لم يكن عاديًا، فقد تخندق التلفزيون الرسمي في صفّ الإشاعات، ونشر معلومات تفيد أن المجاهد بورقعة انتحل شخصية شقيقه وأنه اسمه الحقيقي ه وأحمد وليس لخضر.

تشويه التاريخ 

لم تمرّ قضية لخضر بورقعة مرور الكرام أمام الرأي العام، إذ توعّدت المنظمة الوطنية للمجاهدين بالمتابعة القضائية للجهة التي "تعمّدت تشويه التاريخ المشرّف للمجاهد لخضر بورقعة، وحمل بيان المنظمة رفضًا واستنكارًا لما حدث، داعيًا إلى استعادة حقّ المجاهد وردّ الاعتبار له، وجاء في البيان أن بورقعة "هومن بين قلّة قليلة من أعضاء المجلس الوطني للثورة الجزائرية، لازالوا على قيد الحياة".

وترفض المنظمة جملةً وتفصيلًا "المساس برموز الثورة التحريرية" إذ عرّجت في بيانها على تاريخ شخصية سي لخضر، دون الخوض في خلفيات اعتقاله، لافتة إلى دوره إبّان ثورة التحرير في الولاية الرابعة يجب بحسب البيان تذكير الجميع بذلك، ورجّحت أن "الأحداث السياسية الخطيرة التي تواجهها الجزائر، دفعت بالمجاهد إلى الواجهة وه وما رتّب اعتقاله ".

وتأسّفت منظّمة المجاهدين، على ما آلت إليه الأوضاع بعد التطرّق إلى قضية بورقعة على المستوى الوطني والشعبي بمختلف أطيافه، معتبرة أن مسار الرجل مشرفًا ولا يُمكن لأيّة جهة النيل منه".
وذكّر بيان المنظمة إلى مسار بورقعة النضالي، إذ التحق بالثورة في عام 1956 بالمنطقة التاريخية الرابعة، وألحق وقتها بمجموعة أسهمت في "تأمين لقاء بين عدد من الطلبة وقادة الثورة لعقد مؤتمر الصومام ومن بينهم الشهيدين محمد العربي بن مهيدي وعباّن رمضان"، وعقب المؤتمر يذكر البيان، تمّ تكليف بورقعة بمهمّة تحسيس وتأطير الجماهير الشعبية حول أهداف الثورة". وقبل الاستقلال بعامين تم ّتعيين بورقعة عضوًا بمجلس المنطقة وترقيته كنقيب ثم تكليفه بالإشراف على المنطقة الثانية، يؤكّد البيان.

سياسة التشكيك 

يأتي استنكار المنظمة عقب استنكار صارخ لحبس المجاهد بورقعة، والتشكيك في نضاله الثوري لأوّل مرّة عبر بيان من التلفزيون الجزائري، إذ نشر الأخير أنّ الاسم الحقيقي لـ لخضر بورقعة هو أحمد لخضر، مشيرًا إلى أنّه "تقمّص صفة رابح مقراني القائد الحقيقي للولاية الرابعة الذي استشهد خلال الثورة"، وأضاف المصدر نفسه، أنّ المعني الموقوف حاليًا تخفّى تحت اسم لخضر، وحارب في صفوف الجيش الفرنسي بمنطقة الألب الفرنسية ما بين 1954-1956 قبل أن يعود إلى الجزائر ويلتحق بالثورة.
المنظمة التاريخية ترفض أن يتم ّالخلط بين تصريحات المجاهد والتشكيك في نضاله، والعبث في صفحة من صفحات التاريخ الجزائري، خصوصًا وأنّه أحد أعضاء مجلس الثورة الجزائرية من المتبقّين على قيد الحياة.

لقد تمّ توقيف بورقعة في بيته، من طرف أعوان بالزيّ المدني بحسب شهادات عائلته، وذلك عقب تصريحات أطلقها منتقدًا الجيش الجزائري وقائد الأركان الفريق أحمد قايد صالح، حيث وجّه له انتقادات مفادها أنه "يريد فرض رئيس على الجزائريين". كما تضمّنت تصريحات بورقعة أن "الجيش اختار مرشّحه وأن الرئيس القادم موجود في رأس القايد صالح".

دعوات الإفراج 

أحدثت قضية المجاهد لخضر بورقعة سخطًا وغضبًا في الأوساط الشعبية والسياسية، إذ طالبت عدّة أحزاب بإطلاق سراحه مراعاة لعدّة جوانب أهمّها تاريخه النضالي وسنه المتقدّمة".

ووقع ناشطون سياسيون جزائريون عريضة بعنوان "أطلقوا سراح المجاهد لخضر بورقعة"، يطالبون فيها السلطات الجزائرية بـ "الإفراج الفوري عن القيادي في ثورة التحرير الجزائرية". واعتبروا ما حدث "انحرافًا خطيرًا ومزلقًا من مزالق السلطة".
وقال الموقّعون إن اعتقال بورقعة يعني" تهديدًا صارخًا للحرّيات ومظهرًا لممارسات القمع ضدّ من يخالف رأي السلطة".

وحملت العريضة أسماءً كثيرة، من بينها الناشط الحقوقي عبد الغني بادي، والأمين العام للرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان مؤمن خليل، والباحث ناصر جابي، والناشط السياسي عبد الوكيل بلام، والإعلامي حفيظ دراجي والمعارض السياسي فضيل بومالة، والحقوقي مصطفى بوشاشي، بالإضافة إلى عدد كبير من السياسيين والمثقفين والإعلاميين

 من جهتها، طالبت حركة مجتمع السلم وحزب التجمّع للثقافة والديمقراطية إطلاق سراح بورقعة، معتبرةً الخطوة بالذهاب نحو تأزيم الأوضاع في الجزائر، نظرًا لرمزية أسماء الثورة التحريرية عند الجزائريين.

وذكر الإعلامي مروان الوناس أن "اعتقال بورقعة عودة صريحة لاستخدام الأسلوب البوليسي وتخويف المعارضين للنظام".

سُجن لخضر بورقعة عدة مرّات منذ الاستقلال، من طرف الرئيس الراحل هواري بومدين وفي فترة حكم الشاذلي

العدالة في امتحان

يُذكر أن المجاهد بورقعة من المعارضين للرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة خلال فترة حكمه، وله تصريحات نارية طيلة تلك الفترة، كما أنه من بين مؤسسي حزب جبهة القوى الاشتراكية رفقة الراحل الزعيم الرمز حسين آيت احمد في سنة 1963، كما سُجن عدة مرّات منذ الاستقلال من طرف الرئيس الراحل هواري بومدين وفي فترة حكم الشاذلي بن جديد. كما كانت لبورقعة عدّة مواقف ضدّ ثورات الربيع العربي، رغم أنه كان يُنتظر منه أن يكون ضمن لجنة الحوار الحالية لحلّ الأزمة التي تمرّ بها البلاد.

 

اقرأ/ي أيضًا: 

قايد صالح يدعو إلى مزيد من التنازلات ويرفض المرحلة الانتقالية

خطاب قايد صالح.. تجديد القطيعة مع مطالب الحراك الشعبي