22-مايو-2019

طالب قايد صالح الحراك الشعبي بإفراز ممثلين له (صحف جزائرية)

في خطاب له، وجه قائد أركان الجيش الجزائري أحمد قايد صالح، دعوة لتشكيل هيئة عليا مستقلة للإشراف على الانتخابات الرئاسية المقبلة المزمع عقدها في تموز/يوليو.

 في خطابه الأخير دعا أحمد قايد صالح، الحراك الشعبي إلى أن يفرز ممثلين عنه، وهو الأمر الذي يثير ريبة نشطاء الحراك

وقال قايد صالح في خطابه الذي ألقاه أمام قيادات وضباط في الجيش، بمنطقة ورقلة، إن الهيئة من شأنها أن تشرف وتنظم الانتخابات في" أسرع وقت"، محذرًا من أطراف قال إنها تريد إبقاء البلاد في حالة انسداد ودفعها إلى "فراغ دستوري".

اقرأ/ي أيضًا: مبادرة الإبراهيمي وزميلاه.. حوار سياسي بين الجيش والحراك بلا آليات واضحة!

إطالة الأزمة

وأضاف قايد صالح: "الانسداد السياسي والفراغ الدستوري المبرمج في بلادنا عن قصد من بعض الأطراف، هو مسار له تأثيراته الوخيمة على الجانب الاقتصادي والاجتماعي للبلاد، لا سيّما في مجال الاستثمارات والحفاظ على مناصب الشغل وعلى القدرة الشرائية للمواطنين. ويبدو أن هناك من يزعجهم بقاء الدولة متمتعة بهيبتها، واستمرار مؤسساتها في مزاولة مهامها بشكل عادي، على الرغم من هذه الأزمة"، مؤكدًا على تمسكه بإجراء الانتخابات، معتبرًا أنها خطوة "ستضع حدًا لإطالة عمر الأزمة السياسية في البلاد".

وفي حين دعا صالح إلى ضرورة إجراء حوار سياسي لحلحلة الأزمة، وأكد أن الجيش لن يكون طرفًا فيه، قائلًا: "الجيش تعهد والتزم بأنه لن يكون طرفًا في هذا الحوار المرغوب"؛ طالب الحراك الشعبي بتعيين ممثلين له، وهو أمر يثير ارتياب نشطاء الحراك.

كما طالب بـ"إعادة النظر في كيفية تنظيم هذه المسيرات، وفي ضرورة تأطيرها بأشخاص من ذوي الحس الوطني المسؤول، يعملون على نقل المطالب الشعبية في إطار حوار جاد وبنّاء مع مؤسسات الدولة، آخذين بعين الاعتبار ما تحقق لحد الآن من مطالب، بفضل المرافقة الدائمة ".

واستخدم قائد أركان الجيش خطاب التخويف، بالتشديد على ضرورة أن يفرز الحراك "ممثلين حقيقيين يتسمون بالصدق والأمانة"، كخطوة لتجنيب الحراك "الفوضى، والوقوع في فخ الاختراق من قبل ذوي المخططات المريبة الذين يجعلون من هذه المسيرات بوابة لإبراز شعاراتهم ورفع راياتهم"، على حد قوله.

كما طالب قايد صالح "الشخصيات الوطنية والنخب والكفاءات الوطنية" لإبداء جهود لحل الأزمة، قائلًا: "نتساءل عن الغياب الملحوظ للشخصيات الوطنية والنخب والكفاءات الوطنية أمام ما تعيشه البلاد من أحداث وتطورات متسارعة تستوجب تقديم اقتراحات بناءة من شأنها التقريب بين وجهات النظر المختلفة".

يُذكر أن خطاب قايد صالح جاء عقب مبادرة أطلقها ثلاثة سياسيين بارزين، هم وزير الخارجية الأسبق أحمد طالب الإبراهيمي، والناشط الحقوقي البارز علي يحيى عبدالنور، والجنرال السابق رشيد بن يلس، دعو فيها إلى إقامة حوار سياسي تدعوا إليه المؤسسة العسكرية، مع ممثلين من الحراك الشعبي والقوى السياسية والمدنية، لوضع خارطة طريق للانتقال السياسي. كما دعا، يوم الأحد الماضي 46 تنظيمًا مدنيًا، المؤسسة العسكرية إلى إطلاق حوار مباشر مع الحراك والنقابات.

"رحيل الجميع ليس الحل"

وعاد رئيس أركان الجيش، إلى دعوة الحراك بطرح مطالب وصفها بـ"العقلانية". وفي خطاب سابق، كان قايد صالح قد شدد على رفضه ما أسماها "المطالب التعجيزية التي تعرقل الحلول الدستورية"، الأمر الذي دفع بنشطاء الحراك إلى التشكيك في نوايا الرجل.

كما أكد قايد صالح في خطابه الأخير، رفض المطلب الجماعي للحراك الشعبي المتمثل في رحيل وجوه من باتت تسمى بـ"العصابة"، وعلى رأسها الرئيس المؤقت عبدالقادر بن صالح ورئيس الحكومة نور الدين بدوي. 

بل إن قايد صالح، اعتبر أن الشعارات التي تطالب برحيل الباءات، تأتي من قبل من وصفهم بـ"ذوي المخططات المريبة الذي يجعلون من المسيرات بوابة لإبراز شعاراتهم ورفع راياتهم، وجسرًا لتبليغ بعض المطالب غير العقلانية، مثل الرحيل الجماعي لكافة إطارات الدولة بحجة أنهم رموز النظام، وهو مصطلح غير موضوعي وغير معقول، بل وخطير وخبيث، يراد منه تجريد مؤسسات الدولة وحرمانها من إطاراتها وتشويه سمعتهم"، على حد قوله.

الحراك الشعبي

ثم زاد بأن وصف "إطارات الدولة" أو الذين أشار إلى أنهم مُطالب برحيلهم، بأنهم "كان لهم الفضل في خدمة بلدهم على مختلف المستويات بنزاهة وإخلاص، وليس من حق أي كان أن يحل محل العدالة بتوجيه التهم لهم والمطالبة برحيلهم".

وعاد رئيس أركان الجيش، ليقول إن المسيرات الشعبية، باتت "مطية سهلة يركبها هؤلاء الأشخاص (ذوي المخططات المريبة كما وصفهم سابقًا)، للترويج لأفكار لا تخدم الجزائر ولا تتماشى إطلاقًا مع المطالب الشعبية المرفوعة".

وفي مقابل مقولات قايد صالح، يجمع الحراك الشعبي في كافة مسيراته منذ استقالة بوتفليقة، على تفعيل المادتين السابعة والثامنة من الدستور، اللتين تنصان على أن الشعب هو مصدر السلطات، وذلك كخطوة أولى أمام تحقيق المطالب المتمثلة في تنحية من يعتبرهم الحراكيون من رموز نظام بوتفليقة. وينضم إلى الحراك، القوى السياسية التي تسود حالة شبه إجماع بينها على ضرورة تنحية بن صالح وبدوي.

انتخابات وشكوك

وكان لافتًا في خطاب قايد صالح، تجاهله ذكر موعد الانتخابات الرئاسية بتاريخها الذي أعلنه بن صالح سابقًا، ليكتفي في خطابه بالحديث عن انتخابات "في أسرع وقت"، تاركًا الباب أمام كل التفسيرات والتحليلات.

هذا وترفض مختلف القوى السياسية المعارضة في الجزائر، ونشطاء الحراك الشعبي، إجراء الانتخابات الرئاسية المقبلة في موعدها المقرر في الرابع من تموز/يوليو المقبل، بنفس الوجوه وتحت نفس الإدارة التي كانت موجودة في فترة حكم الرئيس بوتفليقة.

ومن جانبه، انتقد حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، ما جاء في خطاب قائد الأركان، وتحديدًا دعوته إلى إجراء انتخابات في أسرع وقت، في ظل "عدم القدرة على المرور بفترة انتقالية قادرة على وضع آليات لترتيب البيت السياسي، أهمها الهيئة المستقلة لتنظيم الانتخابات". وقال رئيس التجمع محسن بلعباس، إن الهيئة "من شأنها أن تضمن انتخابات شفافة وحرة، وتناوبًا ديقرايطًا على السلطة".

وأضاف بلعاس في تدوينة على فيسبوك، أن مواقف قائد أركان الجيش "مترددة"، قائلًا: "على الرغم من أنه لم يهاجم هذه المرة من يسميهم أولئك الذين يسعون لعرقلة الحل الدستوري، إلا أنه لا يزال متذبذبًا بين مواقف ضيّعت الكثير من الوقت للأمة. والحقيقة أن لا أحد سعى لعرقلة الحل الدستوري، لأنه ببساطة ليس حلاً بل مشكلة".

وعلى الأرض، فـ"الشروط الموضوعية غير متوفرة في الوقت الحالي لإجراء الانتخابات في موعدها المحدد سلفًا"، بحسب بما قال رئيس حركة البناء الوطني، عبد القادر بن قرينة، في تصريحات للإذاعة الوطنية الرسمية، موضحًا أن "انعدام المنافسة فيها، أحد الأسباب الداعية لتأجيلها لفترة قصيرة".

وأكد بن قرينة في تصريحاته، أن تحقيق مطالب الحراك الشعبي بتنظيم انتخابات شفافة ونزيهة، "لن يكون ممكنًا إلا بإنشاء لجنة وطنية مستقلة للانتخابات، تشرف وتنظم وتراقب وتعلن النتائج، وتكون مسؤولة عن مراحل العملية الانتخابية، واستمرار الجيش بمرافقة الحراك ويضمن نزاهة العملية الانتخابية".

اعتبر قايد صالح أن المطالب الداعية إلى تنحية بن صالح وبدوي، إنما هي دخيلة على الحراك من قبل من أسماهم "ذوي المخططات المريبة"

وحول "الفراغ الدستوري" الذي ستدخل فيه البلاد في حال عدم تنظيم انتخابات في الرابع من تموز/يوليو المقبل، دعت حركة البناء الوطني إلى "البحث عن الحلول السياسية والتي لا تخرج عن نص الدستور وروحه، وهي موجودة في إطار الاجتهاد".

 

اقرأ/ي أيضًا:

بعد الجمعة الـ13.. هل يضم الحراك الشعبي قايد صالح لـ"العصابة"؟

موجة عالية للقضاء: نائب عام جديد والمزيد من ملفات الفساد أمام المحاكم