31-مايو-2024
قلب اللوز الحلوى الجزائرية

قلب اللوز واحدة من أبرز وأشهر الحلويات الجزائرية

تعتبر الحلوى التقليدية قلب اللوز واحدة من أبرز وأشهر الحلويات الجزائرية، التي تزين الموائد خاصة خلال شهر رمضان المبارك والمناسبات الخاصة. وتجمع هذه الحلوى بين المكونات البسيطة والنكهات الغنية، مما يجعلها محبوبة لدى الجميع. ورغم شهرتها الواسعة يبقى السؤال حول أصلها محاطًا بالغموض والتساؤلات: ما هو تاريخ قلب اللوز؟ وهل تنسب حقًا إلى الخليفة العباسي المأمون؟ وهذا ما سنوضحه في محاولة للكشف عن جذور هذه الحلوى اللذيذة والتعرف على الحكايات التي تبين تاريخها ونسبتها للخليفة العباسي مع توضيح التأثيرات الثقافية التي ساهمت في وصولها لنا اليوم على ما هي عليه.
 

أصل قلب اللوز ونسبتها تاريخيًا

قلب اللوز تلك الحلوى الجزائرية التقليدية التي تُزين الموائد الجزائرية، وتعد من أشهر الحلويات الشعبية،إذ تعود أصولها أو بالأحرى انتشارها وذياع صيتها لما يزيد عن 5 قرون أي إبان فترة الحكم العثماني، في فترة داي الجزائر وباشاواتها، حيث كانت تقدم هذه الحلوى كهدايا للسلاطين والملوك إذ كانت تعد أحد فنون المهارة اليدوية ومن ضمن الموروث الثقافي والحضاري للبلد.

تعود أصول حلوى قلب اللوز إلى التراث العثماني، وقد تكون تأثرت أيضًا بالفترة العباسية.

 

تسمية قلب اللوز وعلاقتها بالمأمون

تعود أصول حلوى قلب اللوز إلى التراث العثماني كما وضحنا، وقد تكون تأثرت أيضًا بالفترة العباسية، حيث تأثرت المأكولات الجزائرية بشكلٍ كبير بفترة الحكم العثماني للجزائر. وخلال هذه الفترة تم تبني العديد من الوصفات المميزة من المطبخ العثماني أو التركي، ومن ثم تعديلها لتتلاءم مع المكونات المحلية والأذواق الجزائرية. أما بالنسبة لنسب حلوى قلب اللوز إلى الخليفة العباسي المأمون فهنالك روايات تاريخية غير مؤكدة تشير إلى أن هذه الحلوى قد تكون مستوحاة من حلوى كان يُعدها الطهاة في بلاط المأمون. ويُقال إن الطهاة في عصر المأمون كانوا يبتكرون أنواعًا مختلفة من الحلويات باستخدام المكسرات والسميد، مما قد يربط أصل هذه الحلوى بالفترة العباسية. وقد تكون وصلت إلى شمال إفريقيا عبر العصور فقد كان المأمون معروفًا باهتمامه بالفنون والعلوم، وقد يكون الطهاة في بلاطه قد أبدعوا وصفات حلوى مشابهة لما نعرفه اليوم بقلب اللوز.

على الرغم من هذه الروايات الواردة سابقًا لكن لا توجد أدلة تاريخية قاطعة تربط قلب اللوز بشكلٍ مباشر بالخليفة المأمون. ومن المحتمل أن تكون هذه الروايات قد نشأت من خلط ثقافي بين التقاليد العثمانية والعباسية خاصةً وأن كلا الفترتين تركتا تأثيرات عميقة على المطبخ الجزائري.

لذلك يُعتبر أصل قلب اللوز مزيجًا من التراث العثماني والعباسي، مع تعديلات محلية جزائرية تعكس الطابع الفريد للمطبخ الجزائري. وبينما قد تكون هناك روابط غير مباشرة بفترة المأمون تبقى قلب اللوز رمزًا للأصالة والتقاليد الجزائرية، وتعكس التأثيرات التاريخية والثقافية المتنوعة التي شكلت هذا المطبخ العريق. إذ يكمن السر في حلوى اللوز في تماسك عجينتها المكونة من السكر والسميد والسمن وطحين اللوز، وترك عجينتها مدة تصل ل13 ساعة حتى تجف وتصبح جاهزة لتوضع في الفرن ثم تسقى بالشربات المعدة من ماء الورد وتقدم. وقد بدأت شهرة قلب اللوز فعليًا من سوق أهراس شرق الجزائر باسم الهريسة اللوز، وبانتقالها إلى الجزائر العاصمة أضيف لمكوناتها طحين اللوز مما جعلها تتميز باسم قلب اللوز وتتربع على جل طاولات السهرات الجزائرية، وأصبحت تُحضّر بشكل رئيسي خلال شهر رمضان المبارك. وتُعتبر جزءًا لا يتجزأ من المائدة الجزائرية الرمضانية، حيث يتناولها الناس بعد الإفطار كجزء من العادات والتقاليد الغذائية.

 

قلب اللوز وعلاقتها بالثقافة الجزائرية

اليوم لا تعتبر قلب اللوز مجرد حلوى رمضانية بل هي جزء من الثقافة الجزائرية يتم تناولها في مختلف المناسبات. ويتم تحضيرها بكمياتٍ كبيرة في البيوت الجزائرية، وتتفاوت وصفاتها قليلاً بين منطقةٍ وأخرى، حيث تُضيف كل عائلة لمستها الخاصة. فهذه الحلوى تُعبر عن الترابط العائلي والاجتماعي، ويُعتبر تحضيرها فنًا تتوارثه الأجيال.

مكونات وطريقة تحضير قلب اللوز

فيما يأتي سنذكر طريقة من طرق تحضير حلوى قلب اللوز، ومكوناتها هي:

  1. السميد الخشن: يُستخدم السميد الخشن بشكلٍ رئيسي في تحضير قلب اللوز، حيث يُعطي الحلوى قوامها المميز. ويستخدم هنا بمقدار أربعة أكواب.
  2. اللوز: اللوز هو العنصر الأساسي في حشوة قلب اللوز، حيث يستخدم فيها طحين اللوز ويضاف إلى المزيج ليعطي الحلوى طعمها الغني، ويستخدم بأي مقدار مرغوب.
  3. السكر: يُضاف السكر إلى المزيج ليعطي الحلوى حلاوتها المميزة. ونستخدم كوبين منه.
  4. الزبدة أو السمن: تُستخدم الزبدة أو السمن لتزويد حلوى قلب اللوز بطراوة ونكهة غنية.
  5. ماء الزهر أو ماء الورد: يُستخدم ماء الزهر أو ماء الورد لإضافة نكهة عطرية مميزة إلى الحلوى. ونستخدم نصف كوبٍ من أي منهما.
  6. القليل من القرفة أو الفانيلا: تستخدم أيٌ منهما لإضافة نكهة أخرى عليها وذلك حسب الرغبة، ويمكن عدم إضافتها والاعتماد على المكونات السابقة فقط.
  7. الشربات: تُستخدم الشربات السكر لسقي قلب اللوز بعد خبزها، مما يجعلها طرية وحلوة. ويمكن تحضيره بمزج كوبين من السكر وإضافة ثلاثة أكواب من الماء عليها، وعند غليانه يصبح جاهزًا.

 

طريقة عمل وتحضير قلب اللوز:

  1. يُخلط السميد مع السكر والزبدة أو السمن حتى يتجانس المزيج.
  2. يُضاف ماء الزهر أو ماء الورد إلى الخليط ويُعجن جيدًا، كما يمكن إضافة القليل من القرفة أو الفانيلا للخليط وذلك حسب الرغبة.
  3. تُضاف حشوة اللوز المطحون إلى المزيج.
  4. يُفرد المزيج في صينية ويُقطع إلى قطع مربعة أو مستطيلة قبل خبزها.
  5. تُخبز الحلوى في الفرن حتى تصبح ذهبية اللون.
  6. بعد إخراجها من الفرن تُسقى بكميةٍ كافية من شراب السكر (الشربات)، وتُترك لتتشربه جيدًا.

 

قلب اللوز حلوى تجمع بين البساطة والغنى ,بين التراث العثماني والعباسي، وبين التقاليد القديمة والذوق الحديث. كما يمكن القول أنها تجسيد للتراث والتاريخ والثقافة الجزائرية. وبالرغم من أن أصولها قد تكون محاطة ببعض الغموض تظل قلب اللوز رمزًا للتقاليد التي تجمع بين النكهات العريقة والتقنيات المتوارثة، لتبقى على الدوام جزءًا لا يتجزأ من الهوية الجزائرية.