صرّح الكاتب الجزائري الفرنسي كمال داود، الذي فاز بجائزة غونكور الأدبية عن روايته الأخيرة "الحوريات"، بأنه يشعر بأنه "فرنسي أكثر من الفرنسيين"، مستلهما ذلك كما قال، من الشاعر غيوم أبولينير، الذي وُلد في بولندا ثم حصل على الجنسية الفرنسية خلال الحرب العالمية الأولى.
الكاتب بنى لنفسه اسما من خلال التطرق لقضايا حساسة في المجتمع الجزائري
وتأتي هذه التصريحات التي أوردتها وكالة الأنباء الفرنسية في بورتيريه عن الكاتب، لتعكس مشاعر داود تجاه هويته الفرنسية الجديدة، ولتفتح في الوقت ذاته موجة من النقاشات والجدل، إذ استقبلها البعض بإيجابية، بينما اعتبرها آخرون خيانة للجزائر وتاريخها.
وكان داود، البالغ من العمر 54 عامًا، وفق ما يقول المصدر ذاته، قد ترك وطنه الجزائر متوجهًا إلى فرنسا، حيث اضطر إلى مغادرة مسقط رأسه وهران بسبب كتاباته الناقدة، التي اتسمت بانتقادات حادة للوضع السياسي والاجتماعي في الجزائر.
هذا الانتقاد الصريح دفع بعض الأصوات المتشددة إلى إصدار دعوات تكفير ضده، حيث تعرض لتهديدات خطيرة من إمام سلفي دعاه إلى التكفير والقتل، وهي دعوة كان يمكن أن تُعد بمثابة فتوى لو كان صاحبها يمتلك الصلاحية الشرعية.
وفي نشأته الأولى، أبصر داود النور في مستغانم بالجزائر في أسرة محافظة، متأثرًا بالأفكار الإسلامية حتى مرحلة معينة قبل أن يبتعد عنها تدريجيًا.
ومع دخوله مجال الصحافة، بنى اسما من خلال التطرق لقضايا حساسة في المجتمع الجزائري، حيث كتب عن الفساد والنفاق الديني والتخلف الاجتماعي، متجنبًا الطرق التقليدية ومفضلًا التحدث بصراحة عن تلك القضايا الشائكة.
وخلال "العشرية السوداء" في الجزائر، وهي الحقبة الدامية بين عامي 1992 و2002، خاض داود تجربة الكتابة الصحفية المكثفة التي تزامنت مع واحدة من أسوأ فترات العنف في الجزائر، مكتسبًا شهرة خاصة بفضل مقالاته التي تكشف خفايا النزاعات والمجازر.
وتحققت شهرة داود الدولية عبر روايته "مورسو، التحقيق المضاد" التي صدرت عام 2013 وأعادت سرد حبكة رواية "الغريب" للكاتب ألبير كامو من منظور جزائري. وقد حازت الرواية على عدة جوائز، أبرزها جائزة غونكور للثانويين، وباعت أكثر من 100 ألف نسخة، معتبرة واحدة من أبرز الأعمال الأدبية الجزائرية التي لاقت نجاحًا عالميًا.
أما روايته "الحوريات"، التي حاز عنها جائزة غونكور، لم تُطرح للبيع في الجزائر ولم تُترجم إلى العربية، نظرًا لمحتواها الذي يتناول موضوعات حساسة من بينها أحداث العشرية السوداء، التي ما زال تناولها في الكتب محظورًا وفق القانون الجزائري، وفق ما تقول الوكالة.