تفاديًا لانتشار فيروس كورونا المستجد في الجزائر، أغلقت الحكومة المدارس والجامعات في وجه التلاميذ والطلبة مبكرًا، وهو القرار الذي فتح تخوّفات وتساؤلات الأسرة التعليمية، من مخاطر توقف التحصيل المدرسي عند التلاميذ، ومصير السنة الدراسية وإمكانية إجراء الامتحانات أو تعليقها إلى آجال غير محدودة.
يشتكي أولياء التلاميذ في المدارس الخاصّة، من إلحاح مدرائها على تسديد مستحقات الفصل الثالث
من جهتهم، أشار خبراء أن إجراءات الحجر المنزلي، سوف تكون لها انعكاسات سلبية عن نفسية التلاميذ، وأن التدريس الإلكتروني والتعليم عن بعد لا يحقّقان النجاعة المطلوبة.
اقرأ/ي أيضًا: كورونا.. تمديد تعليق الدراسة إلى آخر الشهر الجاري
وبعيدًا عن الجدل القائم حول مدى تأثير المدارس على انتشار فيروس كورونا، وعن قوّة مناعة التلاميذ والمراهقين، وقدرتهم على نقل العدوى، لا توجد معلومات حول ما إذا كانت الحكومة ستتخذ قرار استئناف التدريس مع وضع إجراءات صحية مشدّدة، فيما يستبعد وزير التربية الوطنية محمد واجعوط استبعاد إعلان سنة بيضاء.
خيارات محدودة
أما رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، فعلّق مصير التلاميذ بانتهاء فيروس كورونا، رغم تأكيده على عدم وجود سنة بيضاء، وإجراء امتحان الباكالوريا، حيث أكد أن التدابير التي ستتخذ في هذا الاتجاه، تبقى مرتبطة بالمنحى الذي تأخذه أزمة فيروس كورونا خلال الفترة المقبلة، على حدّ تعبيره.
وفي ظلّ عدم تمكن الجزائر من تثبيت منحى الإصابات الجديدة، يظلّ ملف استئناف المدارس لنشاطها معلقًا إلى غاية تطوّرات خريطة انتشار الوباء. في سياق متّصل، تُجري وزارة التربية الوطنية لقاءات تشاورية مع ممثلي نقابات التربية وجمعيات أولياء التلاميذ، لتقديم اقتراحات حول السنة الدراسية 2019/2020.
وفي الموضوع نفسه، أوضح المكلف بالإعلام، في المجلس الوطني المستقل لمستخدمي التدريس للقطاع ثلاثي الأطوار للتربية، مسعود بوديبة، أن السنة الدراسية يُمكن أن تنتهي بدروس الفصل الأوّل والثاني. وأشار أن 75 في المائة من البرنامج يتمّ تدارسه بين الفصلين الأوّل والثاني.
أما بخصوص الدروس المتبقية، فأكّد المتحدّث، أنه يمكن تداركها عند استئناف السنة الدراسية المقبلة، مشدّدًا على أن عودة التلاميذ إلى المدارس في هذه الفترة تعدّ مستحيلة.
مقترحات النقابة
نقابة الكنابست حسب بوديبة، قدّمت مقترحات عملية، من شأنها إنقاذ السنة الدراسية 2019/2020، وقد تمثّلت في اعتماد مراجع الانتقال إلى مستويات أعلى وفق معدّلات محدّدة، مع استدراك ناقص التحصيل العلمي للفصل الثالث للسنة الدراسية 2020/2021.
وبشأن طلبة البكالوريا، ذكر الناشط النقابي أنه يتم تحديد فترة الامتحانات وفق تقارير خبراء الصحّة مع وضع كامل الإمكانيات المادية والبشرية التي تسمح بتجسيد التدابير والإجراءات الوقائية وتوفير الشروط الصحيّة على مستوى مراكز إجراء امتحان البكالوريا.
تجدر الإشارة إلى أن الأقسام والمؤسّسات التعليمة تعرف اكتظاظًا، وهذا ما قد يشكّل خطرًا في حالة وجود إصابة بفيروس كورونا في صفوفهم.
وفي هذا الإطار أكّد رئيس المنظمة الوطنية لأولياء التلاميذ، بن زينة علي في تصريح لـ "الترا جزائر"، أن المنظمة تُطالب بتنظيم امتحانات البكالوريا في نهاية شهر جوان/حزيران في حال موافقة اللجنة الوطنية لمتابعة وباء كورونا.
ويشكّل هذا المقترح بحسب المتحدّث، فرصة لإزالة الضغط النفسي عن التلاميذ، مضيفًا أنه يمكن للطالب التحضير والاستعداد لإجراء الامتحان في ظروف أفضل وأحسن خلال هذه الفترة.
في المقابل، تتحفّظ المنظمة على اجراء الامتحانات في شهر أيلول/سبتمبر، بحجّة أنّه ينعكس سلبًا على النتائج بسبب عدم الإستعداد النفسي، والقطيعة المطولة بين التدريس والامتحانات. كما طالبت جمعية أولياء التلاميذ بانتقال التلاميذ إلى مستويات أعلى وكذا المستوين الخامسة ابتدائي والرابعة متوسّط.
المدارس الخاصة
من جهة ثانية، يشتكي أولياء التلاميذ في المدارس الخاصّة، من إلحاح مدرائها على تسديد مستحقات الفصل الثالث، بينما يقول الأولياء أن التلاميذ لم يلتحقوا بمقاعد التدريس، وفي هذا الإطار يندّد بعض الأولياء بإلزامية الدفع، معتبرين القرار غير منطقي وتعسّفي في دفع حقوق التمدرس للفصل الثالث.
في مقابل ذلك، يرى بعض مسيري المدارس الخاصّة، أنّ العقد هو الذي يحدّد شروط التحاق التلاميذ بالمؤسّسات التعليمية الخاصّة، وأن المبلغ المحدّد والتكلفة لا تخص فصلًا دراسيًا عن غيره، بل برنامجًا دراسيًا وتعليميًا متكاملًا، حيث تعمل بعض المدارس الخاصّة على إنهاء البرنامج الدراسية عبر التدريس الإلكتروني والتعليم عن بعد.
تبقى مخاوف انتشار الوباء في الوسط المدرسي واحتمال تفشي الفيروس بين التلاميذ كورونا قائمة
وعلى العموم، تبقى المخاوف من انتشار الوباء في الوسط المدرسي، واحتمال تفشي الفيروس بين التلاميذ قائمة، وعلى الحكومة وممثلي النقابات وأولياء التلاميذ أخذ الموضوع على محمل الجدّ، إذ يتوقّف الوضع على التحكّم في انتشار العدوى، ووقتها يمكن فتح الحديث حول مباشرة الدراسة أو استمرار تعليقها.
اقرأ/ي أيضًا:
دروس افتراضية في الجزائر.. هل تفك العزلة عن المتمدرسين في عزّ الوباء؟
الجمهور الجزائري يقاوم "عزلة الكورونا" بـ "السفر في الزمن"