17-مارس-2020

السلطات الجزائرية تمنع الجماهير من حضور مباريات كرة القدم (مهدي فدوش/أ.ف.ي)

لم يتفاجأ الجزائريون، بمنع السلطات الجماهير من حضور مباريات كرة القدم في سبيل منع انتشار فيروس "كورونا"، فالملاعب الجزائرية بقيت بدون جمهور في كثير من الحالات قبل ظهور هذا الفيروس وستبقى كذلك بعد اختفائه، والأمر يتعلّق بالعنف وأشياء أخرى.

ليس غريبًا أن تبدأ السلطات الجزائرية، إجراءاتها لمواجهة انتشار فيروس كورونا، بفرض لعب مباريات دون جمهور

عندما تنقّل نجم كرة القدم الفرنسي السابق إيريك كونتونا إلى الجزائر عام 2015، لتصوير فيلم توثيقي عن "داربي الجزائر"، الذي يقال إنه من أشهر عشرة "داربيهات" في العالم، لم يستوعب الأمر عندما علم أن المباراة ستلعب بمدرجات فارغة بين مولودية الجزائر واتحاد العاصمة، بسبب العقوبة التي أصدرتها "الرابطة الجزائرية لكرة القدم"، إثر أعمال شغب قامت بها الجماهير في مباراة سابقة.  

اقرأ/ي أيضًا: مناجرة كرة القدم في الجزائر.. "بارونات" في صورة وكلاء لاعبين

ولأن الجمهور الجزائري كان متعوّدًا عن مثل تلك العقوبات، فلم ينتبه للأمر إلا عندما شاهد حيرة كانتونا وفريق "كنال بليس" الفرنسية.

واضطر الفريق إلى تصوير بعض من المباراة انطلاقًا من مرتفع "السيدة الأفريقية" المقابل لملعب عمر حمّادي بالعاصمة الجزائرية، ومن شرفات بعض العمارات القريبة من الملعب.

وليس غريبًا أن تبدأ السلطات الجزائرية، إجراءاتها لمواجهة انتشار فيروس كورونا، بفرض لعب مباريات الدوري والكأس الجزائريين دون جمهور "ويكلو"، ولم يفاجئ الجمهورَ بذلك، لأنه أصبح متعودًا على متابعة كثير من المباريات بهذا الشكل، بالنظر إلى أن قوانين تسيير كرة القدم تفرض هذه العقوبة، عندما يرمي الجمهور مقذوفات في شكل شماريخ على الملعب أو عند وقوع أي اعتداءٍ يستدعي ذلك.

ومع انتقال عدوى فيروس "كورونا" إلى الجزائر، ومع تسجيل الحالات الأولى، فرضت السلطات الجزائرية، لعب مباريات الدوري والكأس الجزائريين، دون جمهور إلى غاية نهاية شهر مارس/آذار مارس الحالي، في انتظار تطور انتشار الفيروس لاحقًا، والذي قد يؤدّي إلى فرض مبقية مباريات الدوري والكأس دون جمهور، أو حتى تأجيل كل المنافسات إلى إشعار آخر إذا اقتضى الأمر.

تزامن يوم إعلان إجراء المباريات دون جمهور، مع مباريات دور الربع النهائي من منافسة كأس الجمهورية والتي شهدت أحداث عنف خطيرة في مباراة أهلي برج بوعريريج ووفاق سطيف، والتي قال بشأنها البعض إنه من بين أسبابها، هو علم الجمهور أن المباريات المقبلة لن يحضرها، وأنه وفي حالات فرض أي عقوبة دون جمهور فالأمر من قبيل "تحصيل الحاصل".

ومع إعلان وزير الصحّة عبد الرحمن بن بوزيد عن "الإجراء الاحترازي" باللجوء إلى لعب المباريات دون جمهور، ظهرت حسابات جديدة تتعلق بالربح والخسارة، وطالب البعض بتأجيل بعض المباريات المصيرية، لأنهم رأوا من الظلم أن تجري مباريات الذهاب بحضور جمهور الفريق الخصم، في حين تجرى مباريات العودة بدون جمهور، واستبشر آخرون خيرًا بسبب العقوبة المسلطة عليهم سلفًا وقالوا إن الجميع سيتساوى في بقية المباريات.

في الوقت الذي لم يلّق عليه مسؤولو الرابطة على تأجيل بعض المباريات، قال رئيسها عبدا لكريم مدور إن العقوبات السابقة تبقى سارية المفعول، بمعنى أنه بعد زوال خطر الكرونة ستطبق عقوبة "الويكلو" على النوادي التي تسببت جماهيرها سابقا في أحداث عنف أو رمي شماريخ على غرار مولودية الجزائر الذي تواجهه الآن عقوبة لعب مباراة واحدة دون جمهور.

ولم تمنع عقوبة اللعب دون جمهور من محاصرة ظاهرة العنف في الملاعب الجزائرية، التي تتزايد خصوصًا مع اقتراب الجزء الأخير من الدوري عندما تكثر حسابات الصعود والنزول وتكثر الأقاويل بترتيب المقابلات، وتحيّز هذا الحكم أو ذاك، مما يجعل الجمهور في حالة هيجان ويدفعه إلى العنف، ويجعل "الرابطة" تعاقبه بحرمناه من حضور بعض المباريات.

تزداد شدة العقوبة، عندما تفرض الرابطة الجزائرية لكرة القدم على فريق معين، بأن يلعب بعض مبارياته بعيدًا عن ملعبه الأصلي، ودون حضور الجمهور، ورغم ذلك لم يحد الأمر من ظاهرة العنف.

في هذا الصدد، يقول الصحافي الرياضي إسلام رخيلة وهو لاعب سابق في كرة القدم، إن: "العقوبات التي تتّخذها الجهات المعنية والمتمثلة في معاقبة الجمهور وحرمانه مشاهدة أنديتهم، لن يحل ظاهرة العنف لأن الأمر أكبر بكثير من معاقبة المناصر، فهناك عدة جهات تساهم في احتقان الوضع والتي نتيجته العنف".

ويضيف رخيلة في تصريحه لـ "الترا جزائر": أن المشكل ليس في معاقبة الجمهور فقط؛ بل يجب أن تكون هناك عقوبات تطال الأندية وحتى منع المتسببين من دخول الملاعب مدى الحياة، على حدّ قوله.

يعتقد كثيرون في الجزائر، أن اللجوء إلى منع الجماهير من حضور مباريات كرة القدم، ليس الهدف منه محاصرة الفيروس

يعتقد كثيرون في الجزائر، أن اللجوء إلى منع الجماهير من حضور مباريات كرة القدم، مع تسجيل حالات قليلة جدًا من الإصابات بفيروس "كورونا"، ليس الهدف منه محاصرة الفيروس، بقدر ما يتعلق بحاسبات أخرى منها مواجهة "صداع" شغب الجماهير، وعلى حد تعبير البعض فإن كرة القدم الجزائرية تعاني "كورونا" مزمنة، لا علاقة لها بالفيروس الحالي الذي هو عابر في نهاية الأمر مهما كانت خطورته.