أثارت مدوّنة المهن الفنية التي أعلنت عنها وزارة الثقافة والفنون، الجدل بشأن بعض المهن الفنية "المعروفة" التي لم تتضمّنها الوثيقة، وإضافة مجالين فنيين جديدين لقائمة المجالات الفنية الـ 9 التي شملتها.
اللافت للانتباه أنّ هذه المدونة لم تدرج بعض المهن الفنية المعروفة مثل النقد السينمائي، والدبلجةوغيرها
نقاش وتساؤلات بخصوص "مدونة المهن الفنية" المحيّنة التي صدرت بموجب مرسوم وزاري بعد مصادقة المجلس الوطني للفنون والآداب عليها، والتي ضمت 222 مهنة فنية وشملت 9 مجالات فنية منها مجالين جديدين هما "فنون الشارع" و"الفنون الرقمية"، وحدّدت المدونة من هو الفنان.
اللافت للانتباه أنّ هذه المدونة لم تدرج بعض المهن الفنية المعروفة مثل النقد السينمائي، والدبلجةوغيرها، ما طرح عدة استفهامات من مهتمين بالشأن الفني والثقافي في الجزائر، وسط إشارتهم إلى الخلط في بعض المهن، داعين إلى إجراء تعديل وإثراءعلى المدونة "الجديدة".
بوغازي: الوزارة مطلعة على فكرة نهاية النقد وبالإمكان تحيين المدونة
اعتبر السيناريست الجزائري ياسين بوغازي في تصريح أنّ النقد السينمائي أو الناقد للأفلام منذ القدم يبدو صاحب مهنة ملتبسة قليلا."
وأوضح قائلا لـ"التراجزائر":"حتى لا أقول بأنها غير مستساغة كما يجب، وفى عالمنا العربي الناقد ظهر متأخرا فقد كان النّقد السينمائي مع بداية السينما العربية هو مجرد حديث عن الأفلام والنجوم على شكل أخبار، لأن الفيلم مجهود جماعي وليس فردي لذا تختلط الرؤى."
وأضاف بوغازي: "مدونة المهن الفنية التي صدرت في الجزائر خطوة مهمة طبعا للتعريف بهذه المهن التي لا تتداخل."
ووفقه: "فالمهن الموسيقية ليست تماما مهن السينما والتمثيل وهذا مفصولا فيه منذ الخمسينات في مصر مثلا."
وبخصوص غياب النّقد السينمائي يرى أنّ "اللجنة اعتبرته ضمن مهن الكتابة والمهن الصحفية لأن النقد قريبا من هذه الاختصاصات، لكن النقد مؤخرا صار يفرض نفسه يوسف شاهين عنده قول "أجلس مع الناقد لأتعرف عن أفلامي."
وأشار المتحدث إلى أنه "يمكن للمدونة أن تحيّن لاحقا بإدراج النقد السينمائي وإن كان يميل إلى ما يعرف مؤخرا في الغرب بموت النقد السينمائي لأن السينما -بحسبه- أيضا لم تعد تلك السينما القديمة، حيث فقدت الجدية والقيادة وصارت سينما أفلام تجارية وهي أصلا تحتاج إلى النقد."
السيناريست ياسين بوغازي لـ "الترا جزائر": المهن الموسيقية ليست تماما مهن السينما والتمثيل وهذا مفصولا فيه منذ الخمسينات في مصر مثلا
وعبر بقوله: "فالشريط الفيلمي يعنيك عندما تعرف هدف الأفلام وهذا ليس في العالم العربي فقط بل في الغرب، وعلى سبيل المثال: أفلام مارفيل ماذا تحتاج من نقد؟ وماذا سينقد النّاقد؟ بطل فيلم نصفه إنسان ونصفه حديد ويتنبأ".
ولفت بوغازي إلى أنّ "النّقد ليس مهنة تخصصية لأشخاص دون سواهم فجميع المشتغلين في المهن الفنية يستطيعون ممارسة النّقد لأنّهم يفهمون الرسائل الظاهرة والمخفية في الأفلام والفنون."
وختم بقوله: "يبدو لي أنّ وزارة الثقافة مطلعة على فكرة نهاية النّقد وعلى اعتبار أن السينما عندنا غير موجودة فمن الأفضل الانتظار لظهور السينما ثم لا غرو في تحيين هذه المهنة الفنية المسماة الناقد السينمائي في السينما الجزائرية."
مهن فنية معروفة غائبة.. لماذا؟
وصف الناقد المسرحي أنور اسم الله صدور المدونة بـ"الانجاز الهام"، لكنها في المقابل تحتاج -حسب إفادته - إلى إعادة النظر في بعض المهن وتعرفيها أيضاً".
وأوضح أنّ "مدونة المهن الفنية التي أصدرتها وزارة الثقافة والفنون في الجزائر تعدّ خطوة هامة نحو تنظيم وتطوير القطاع الفني في البلاد، ومع ذلك، هناك بعض المهن التي تم إقصائها والبعض الآخر يحتاج إلى إعادة النظر والتعديل لتكون أكثر دقة وشمولية، خاصة فيما يتعلق بالمهن المسرحية والسينمائية."
ضرورة وجود تعريف للنقد السينمائي والمسرحي، مهم جدا، كما قال بأنّ "المدونة لم تتضمن تعريفًا للناقد المسرحي في فئة المهن المسرحية والناقد السينمائي في فئة المهن السينمائية، رغم أن كلا التخصصين يُدرسان في أقسام الفنون المختلفة في الجزائر."
وأضاف: " صحيح أنه يوجد تعريف للناقد الأدبي ضمن مهن الفنون الأدبية تحت رقم 107، ولكن النقد المسرحي والسينمائي هما تخصصان قائمين بذاتهما، ولهما منهجيات تدريس مختلفة ومنهجيات تحليلية تختلف عن النقد الأدبي في التعاطي مع المادة."
وتابع قوله: "كذلك في تعريف لمهنة الدراماتورج رقم 202 وجب إعادة النظر في تعريفها الذي هو أقرب إلى الاستسهال والتشتت في الوظيفة المكلف بها وبما أنه تعريف فيه الكثير من الاختلاف في العصر الحديث خاصة مع تطور المسرح إلاّ أنه في جامعات أوروبية أصبح فيها أقسام خاصة بدراسة الدراماتورج."
وأشار إلى قيام المسرح الجزائري ببحث وجمع عدة معلومات من طرف أكاديميين ونقاد في ميدان الفنون حول وظيفة الدراماتورج والأغلبية أجمعت أنها "تُعنى بتصويب النص المسرحي وإعداده ليتوافق مع العرض."
ووِفقه "الإعداد أصبح منفصلا في تعريفه، لكن الأفكار المعاصرة الأفضل أن يضاف إليها خط دراما جديد يقدمه الدراماتورج، ويتم نقلها بشكل يليق بالعمل المسرحي، وتكون إضافة حقيقية."
ورأى أنّ "أي تعريف لوظيفة أو مهنة يحتاج إلى دراسة استقصائية وتتبّع لمسار تاريخي ومواكبة تطورات التعريف للحصول على مادة خام دقيقة وشاملة، ويجب أن تشمل هذه الدراسة آراء الأكاديميين والنقاد في ميدان الفنون، بالإضافة إلى تحليل التجارب العالمية في هذا المجال، "هذا النهج سيساهم في تحسين المدونة وجعلها أكثر توافقًا مع التطورات الحديثة في الفنون.
وفي السياق أبدى الناقد السينمائي، كريم قادري استغرابه من عدم تضمن مدونة المهن الفنية بعض المهن المعروفة.
وتساءل قادري عن غياب النقد الفني وخاصة السينمائي، وقال بأنّ "عدم اعتراف وزارة الثقافة والفنون الجزائرية بمهن الناقد السينمائي والمسرحي والفني في مدونتها الفنية قصر نظر، رغم أهمية هذه المنطلقات في تقويم الأعمال والمحافظة على الذائقة والإبداع."
مدونة قابلة للتعديل
على خلاف البعض يتوقع الشاعر والإعلامي الجزائري عبد العالي مزغيش أن يكون هناك تحيين للمدونة، إذ أفاد في تعليق له عن الوثيقة المنشورة، بأن غياب بعض المهن كالنقد المسرحي والنقد السينمائي والدبلجة والكومبارس عن مدونة المهن الفنية، يمكن تداركه بالتعديل.
وأضاف: "المدونة تم نشرها في الجريدة الرسمية في شكل "قرار" وليس في شكل "مرسوم"، وهو ما يسمح بالتدارك والإضافة في كل وقت في الأعداد المقبلة من الجريدة الرسمية."
وفي السياق، تساءل كثيرون حول جدوى إدراج النقد المسرحي كتخصص في المعهد العالي لمهن فنون العرض والسمعي البصري Ismas علماً أن شهادة الماستر في هذا التخصص تحمل صفة ماستر مهني، في حين يُسجّل غيابهضمن مدونة المهن الفنية.
المجلس الوطني للفنون والآداب يوضح:
وسط هذا النقاش والجدل الذي أثاره مختصون، وتحفظ آخرين عن إبداء رأيهم في المدونة المهنية الفنية، أصدر المجلس الوطني للآداب والفنون توضيحا عبر صفحته الرسمية بفايسبوك لإزالة اللبس والغموض والإجابة عن تساؤلات البعض من الفاعلين في مجال الثقافة والفنون.
وجاء في بيان المجلس الوطني للآداب والفنون أنّه "تبعا لصدور القرار الوزاري المتضمن مدونة المهن الفنية ونظرا للملاحظات التي تفضل بها الفنانون على الصفحة الرسمية لوزارة الثقافة والفنون ينهي المجلس إلى علم الفنانين أن أعضاء المجلس قد تلقوا بكثير من الاهتمام جملة الملاحظات التي سجلت على الصفحة."
وأكدّ المجلس أنّ هذه المدونة التي تمت صياغتها بعد استشارة الفنانين والمهنيين والأكاديميين النشطين في الميدان الثقافي ككل، قابلة للإثراء والتعديل كلما اقتضت الضرورة ذلك."
وأشارت الهيئة إلى أنّها ستواصل استشارتها والاستماع إلى كافة الفنانين والمهتمين بالشأن الفني في الجزائر قصد تعديل المدونة وفقا للمقترحات التي يسجلها السادة الأعضاء، كما أشاد مجلس الآداب والفنون بالتفاعل الايجابي الذي تشهده الساحة الثقافية حيال نشاطاته، مشيرا إلى التزامه الدائم بالأخذ بعين الاهتمام كل النقد الإيجابي الذي يصدر عن الفنانين خدمة لصالح الفن والثقافة في الجزائر.
222 مهنة في المدونة
وتضمنت مدونة المهن الفنية الجديدة 222 مهنة منها مجالين جدين هما فنون الشارع والفنون الرقمية من ضمن 9 مجالات فنية نذكر منها:
مهنة الفنون الأدبية: وتضمنت: الشاعر، الشاعر الشعبي، راوي الشعر الشعبي، الشاعر الغنائي، المؤلف الأدبي، مؤلف أدب الطفل والشباب، الناقد الأدبي، المترجم، الحكواتي، الشاعر المترجل، منشد الشعر، قارئ مذيع.
مهن الفنون المسرحية: المؤلف المسرحي، الدراماتورج، مؤلف النص الأوبرالي، المقتبس المسرحي، المترجم المسرحي، المخرج المسرحي، مساعد المخرج المسرحي، مخرج المسرح الاذاعي، الممثل المسرحي، الممثل الاذاعي، الممثل الصامت/ممثل المايم، مقلد، فنان كوميدي ساخر، السينوغرافي، مصمم الأزياء المسرحية، مصمم الإكسسوارات، مصمم الإضاءة، مصمم الصوت والمؤثرات الصوتية، مصمم الضوضاء، مصمم الماكياج، مصمم العرائس، محرك العرائس.. وغيرها.
مهن الفنون السينماتوغرافية والسمعي البصرية: كاتب السيناريو، معالج السيناريو، كاتب الحوارات، المخرج السينمائي، المخرج التلفزيوني، مساعد المخرج، مساعد المخرج المكلف بالأطفال، السكربت، مستشار فني للمخرج، مدير الكاستينغ، مساعد المخرج المكلف بالكومبارس، ملقن النص، الممثل، مدبلج أصوات، ممثل بديل للأدوار الخطيرة، مسجل الصوت المرافق للصور، ملحن الموسيقى، مهندس الصوت، ملتقط الصوت، مصمم الضوضاء، مازج الصوت، مدير التصوير، المصور، مساعد المصور، فوتوغرافي موقع التصوير مصور فيديو، مدير الإنتاج السينمائي.. إلخ.
المهنتان الجديدتان
المهنة الجديدة "الفنون الرقمية" تضم: أنفوغرافي، رسام رقمي، رسام الصور الرقمية المشهدية، مركب رقمي، رسام مصمم مؤثرات خاصة، مصمم أصوات المشاهد الالكترونية، معالج الصور الرقمية، مصمم الديكور الرقمي والمجسمات الرقمية، والمؤلف الرقمي،.. وغيرها من التخصصات.
المهنة الجديدة الثانية "فنون الشارع" تضم: المتكلم من البطن في الشارع، حكواتي الشارع، ممثل مسرح الشارع، ممثل الميم في الشارع، الراوي الشعبي في الشارع/القوال، الفنان الذي يمشى على العصي، لاعب الخفة في الشارع، المهرج، نافث النار في الشارع، موسيقى الشارع، سلامر في الشارع، بيتبوكسير في الشارع، معبر جسدي في الشارع، مغني في الشارع، رسام الشارع، رسام البورتريهات في الشارع، فنان نحات في الشارع، رسام جداريات، رسام على الجدران، خطاط في الشارع، فنان الكاريكاتير في الشارع، فنان التمثال الحي وهو الفنان الذي يقف في الشارع وكأنه تمثال حي.