13-سبتمبر-2021

(تصوير: بلال بن سالم/ Getty)

ماذا بعد قرار مشاركة كل من حزب العمال وجبهة القوى الاشتراكية في الانتخابات المحلية؟ ما هي النقطة التحول أو المحاور التي دفعت تلك الأحزاب إلى التراجع عن قرار مقاطعة المسار الانتخابي، الذي اعتمدته السلطة كحل للخروج من الأزمة السياسية؟ وهل يعتبر قرار مشاركة طيف من التيار الديمقراطي انتصارًا لتصورات السلطة القائمة على خيار الانتخابات بدل المسار الانتقالي الذي كانت تطالب به أطراف من التيار الديمقراطي؟ أم أن استراتيجية الأحزاب الديمقراطية هي التقليل من الخسائر السياسية واستعادة الفضاء النضالي والحزبي؟

التخلي عن العمل الحزبي والسياسي والمشاركة في المواعيد الانتخابية أبقى الساحة فارغة أمام الأصوات الداعية إلى الانفصال

إن التفريط في تعقيد الأزمة أبان عن محدودية الخروج من النفق المظلم، وأن ترك أُسس العمل الحزبي والسياسي والمشاركة في المواعيد الانتخابية أبقى الساحة فارغة أمام الأصوات الداعية إلى الانفصال، وبعض التيارات الماضوية، فكان من المفروض أن مبدأ المقاطعة يخلق موازين قوى بين السلطة والمعارضة، تثمر حلًا سياسيًا عادلًا.

اقرأ/ي أيضًا: "الأفافاس" يربط مشاركته في المحليات بالحفاظ على الوحدة الوطنية

ولكن الواقع أفضى إلى خلق فراغ تشغله أطراف راديكالية وعبثية دون رؤية أو تصور سياسي ماعدا الإصرار عن "ينتاحو قاع" أو شعار "الشعب هو الذي يقرر" دون تحديد الوسائل والكيفية.

إن العمل السياسي والحزبي يقومان على مبدأ البرغماتية في الحسابات الظرفية والمستقبلية، وليس على حساب المبادئ والأفكار والقيم السياسية الثابتة، إن خطوة حزب العمال و"الأفافاس" من شأنها فتح مزيد من الحوار السياسي وعزل باقي الخيارات من بينها الحل الأمني ولو بشكل طفيف.

التجربة العربية والمغاربية كشفت لنا أن التصعيد السياسي والاحتجاجي يرافقه دائمًا تصعيد أمني يمتلك أدوات التحكم في الاتجاهات والسيطرة على وسائل اللعبة السياسية والإعلامية.

يأتي خيار المشاركة في الانتخابات في ظروف سياسية واجتماعية واقتصادية هشة، وأزمات وتهديدات إقليمية، بل أبعد من ذلك فالنسيج المجتمعي عرف بعد جريمة المغدور جمال بن سماعين هزات بنيوية اهتزت لها "الدولة الوطنية" وفي ظلّ تصاعد الكراهية والعنصرية ودعاة الانفصال العرقي، والعنف اللفظي والسياسي والأكاديمي تجاه منطقة القبائل، لابدّ من العمل بجد وعمق لإعادة ترتيب البيت الوطني.

إن النظرة الواقعية المبنية على ميزان التجارب وتتبع الأحداث، كشفت لنا جمعًا أن المواقف الراديكالية والنرجسية هي إهدار للوقت والفرص، ونزيف يرهق الكفاءات النضالية والسياسية ليترك الفضاء إلى صناع الوهم والانتصارات الافتراضية والتفاؤل القاتل.

قد يقول قائل إن رهان الانتخابات المحلية لا يشكل مخرجًا للأزمة العميقة؛ بل قد يشكّل تأييدًا للسلطة الحاكمة، وفي ظلّ الصلاحيات المحدودة لرؤساء البلديات لا يمكن أن تساهم الأحزاب في التغيير الفعلي والميداني.

لكن على أرض الواقع كل هذه الحجج تسقط أمام إرادة بعض المنتخبين والذين ساهموا في تحسين وضعية المواطنين، والتخفيف من معاناة سكان بعض مناطق الظلّ من توفير النقل والاطعام المدرسي، وتوزيع عادل للسكن الاجتماعي والريفي، وربط شبكات الغاز والكهرباء وترميم الطرقات والحد من الفساد الإداري.

المؤسسة الحزبية بالجزائر هشة بفعل الصراعات الداخلية والزعاماتية، وتآكل إطاراتها وعدم تجديد وسائل الاتصال والنضال

لا يُستنتج من كل ما ورد، عدم تحمل السلطة السياسية كل الإخفاقات في التعامل مع الأزمات، لكن هي مسؤولية مشتركة وبدراجات متفاوتة، إذ أن المؤسسة الحزبية بالجزائر هشة بفعل الصراعات الداخلية والزعاماتية، وتآكل إطاراتها وعدم تجديد وسائل الاتصال والنضال، وبالتالي تبقى المواعيد الانتخابية مناسبة للإعلان عن وجودها السياسي.

 

اقرأ/ي أيضًا:

 

الأفافاس يشارك في المحليات وعينه على مواجهة "الماك"

مراجعة قوائم الانتخابات المحلية تنطلق يوم 5 سبتمبر