26-أكتوبر-2024
مشروبات الطاقة في الجزائر

صورة تعبيرية

تعد مشروبات الطاقة من الظواهر المنتشرة بشكل كبير في المجتمع الجزائري منذ سنوات خاصة بين فئة الشباب، ويعتقد الكثيرون أن هذه المشروبات هي الحل السحري للتغلب على التعب والإرهاق، وتحسين الأداء الدراسي والرياضي.

إلا أن الحقيقة معاكسة تماما لهذه المعتقدات الشائعة، حيث تكشف الدراسات والأبحاث عن أضرار جسيمة تسببها هذه المشروبات، والتي تتجاوز بكثير فوائدها المزعومة.

إدمان مشروبات الطاقة في الجزائر

تشهد الجزائر ارتفاعًا ملحوظًا في استهلاك مشروبات الطاقة، وخاصة بين فئة الشباب. ويرجع هذا الانتشار إلى عدة عوامل، منها التسويق المكثف حيث تلجأ شركات إنتاج مشروبات الطاقة إلى حملات إعلانية ضخمة تستهدف الشباب، وتروج لمنتجاتها على أنها مصدر للطاقة والنشاط، وأيضا ضغوطات الحياة اليومية منها الدراسية والمهنية والاجتماعية، بالإضافة إلى انتشار ثقافة الاستهلاك السريع والاعتماد على المنتجات الصناعية، مما جعل مشروبات الطاقة جزءًا من نمط الحياة لدى الكثيرين،  وعدم الوعي بالمخاطر حيث يفتقر الكثير من الشباب إلى الوعي الكافي بأضرار مشروبات الطاقة على الصحة ويعتقدون أنها منتجات آمنة وطبيعية.

مؤخرا، اهتمت دراسة بمدى وعي الشباب الجزائري المدمن على المشروبات الطاقوية في كلية الطب بوهران حيث تم تقييم مدى انتشارها  في الجزائر من خلال حصر تم إجراؤه بين طلاب الجامعات بحثا عن أسباب وتداعيات هذا الاستهلاك على صحتهم. 

وكانت النتائج  مثيرة للقلق  حيث يمكن أن يتناول الشباب أكثر من لتر منها يوميًا من أجل تحسين الأداء البدني ، ويتم أحيانًا دمج هذه المشروبات مع الكحول لإخفاء علامات التسمم الكحولي.

  كما أظهرت الدراسة أن استهلاك مشروبات الطاقة هو المسؤول عن ظهور تأثيرات سامة عصبية أو هضمية  والمرتبطة مباشرة   بسلوك إدماني عند  الشاب.

أضرار مشروبات الطاقة على الصحة الجسدية والنفسية

حذرت خديجة بن علال خبيرة التغذية، في حديث مع "الترا جزائر"، من المخاطر الكامنة وراء الاستهلاك المنتظم لمشروبات الطاقة، خاصة عند الأطفال والمراهقين، مؤكدة أن هذه المشروبات، رغم ما تروج له من مزايا لتعزيز الطاقة والنشاط، إلا أنها تحمل في طياتها تهديدات صحية جسيمة.

 تكمن خطورة هذه المشروبات، حسب المختصة في تركيبتها المعقدة التي تحتوي على مزيج من المنبهات القوية، أبرزها الكافيين، والسكر بكميات كبيرة، ومجموعة من المواد المضافة الأخرى التي تساهم في تعزيز تأثيرها المنشط.

خديجة بن علال خبيرة التغذية لـ "الترا جزائر": تكمن خطورة مشروبات الطاقة في تركيبتها المعقدة التي تحتوي على مزيج من المنبهات القوية، أبرزها الكافيين، والسكر بكميات كبيرة، ومجموعة من المواد المضافة الأخرى التي تساهم في تعزيز تأثيرها المنشط

ومن آثارها الجانبية الخطيرة، إرتفاع نسبة السكر في الدم وبالتالي مقاومة الأنسولين والإصابة بالسكري، وأمراض القلب والأوعية الدموية حيث يعتبر الكافيين الموجود بكميات عالية في مشروبات الطاقة من العوامل الرئيسية التي تزيد من ضربات القلب وترتفع ضغط الدم، مما يعرض القلب والأوعية الدموية لخطر الإصابة بأمراض القلب، النوبات القلبية، والسكتات الدماغية. واضطرابات الجهاز العصبي حيث يسبب اضطرابات في النوم، وزيادة القلق والتوتر.

كما قد يؤدي إلى الاكتئاب، خاصة مع الاستخدام المزمن.  ومشاكل في الجهاز الهضمي لان السكر المضاف بكميات كبيرة في هذه المشروبات يسبب اضطرابات في الجهاز الهضمي، مثل الانتفاح، والإمساك، والإسهال، ويساهم في زيادة الوزن والسمنة على المدى الطويل.  وكما نبهت المختصة، ألى أن المشروبات التي يكتب عليها  صفر سكر هي مشروبات تم فيها استبدال السكرالأبيض  بمحليات صناعية أخطر منه،

وأضافت المختصة  أن المشروبات الطاقية تسبب تلف الأسنان لأن الحموضة العالية الموجودة في هذه المشروبات تتسبب في تآكل مينا الأسنان خاصة الغازية، مما يجعلها عرضة للتسوس والتصبغات. بالإضافة إلى الإدمان مع الاستخدام المتكرر، حيث يصبح الجسم معتمدًا على المنبهات الموجودة في هذه المشروبات، مما يؤدي إلى الحاجة إلى زيادة الجرعات للحصول على نفس التأثير.

وفي حالة التوقف المفاجئ، قد يظهر أعراض الانسحاب مثل الصداع، والاكتئاب، والتعب. ومشاكل في الكلى لأن بعض المكونات الموجودة في مشروبات الطاقة قد تزيد من الضغط على الكلى وتؤثر على وظائفها. ولها أيضا تأثير على العظام  لأنها تؤثر سلبًا على امتصاص الكالسيوم، مما يزيد من خطر الإصابة بهشاشة العظام. وكما تأثر المضافات الكيميائية في المشروبات الطاقوية على بكتيريا الأمعاء وتؤدي على الإخلال بتوازنها وهذ يؤدي إلى تفاقم مشكلة القولون العصبي، وكما ترتبط بكتيريا الامعاء مباشرة بالمناعة لذا يصبح مدمون المشروبات الطاقوية بمناعة ضعيفة ومعرضون أكثر للأمراض المعدية أكثر.

المشروبات الطاقية تسبب تلف الأسنان لأن الحموضة العالية الموجودة في هذه المشروبات تتسبب في تآكل مينا الأسنان خاصة الغازية

ويشكل إدمان مشروبات الطاقة حسبها، تهديدًا خطيرًا لصحة الشباب، حيث يؤثر سلبًا على نموهم وتطورهم، ويؤدي إلى العديد من المشاكل الصحية والنفسية، منها تدهور الأداء الدراسي حيث يؤثر الإدمان على التركيز والانتباه، مما يؤدي إلى تدهور الأداء الدراسي وتراجع النتائج. ومشاكل سلوكية لأن إدمان مشروبات الطاقة يرتبط بزيادة العدوانية والعنف، وتقلب المزاج، والسلوك المتهور. و مشاكل اجتماعية مثل العزلة وتدهور العلاقات مع الأصدقاء والعائلة.

الوقاية من إدمان مشروبات الطاقة

ولتجنب مخاطر إدمان مشروبات الطاقة، أوصت بن علال باتباع مجموعة من الإجراءات الوقائية تتمثل في توعية الشباب والمراهقين  بأضرار مشروبات الطاقة من خلال الحملات الإعلامية والتثقيف الصحي في المدارس والجامعات، وتقييد التسويق ووضع شروط صارمة على التسويق المستهدف للشباب، ومنع الإعلانات التي تروج لهذه المنتجات، وتوفير بدائل صحية وتشجيع الشباب على اختيار بدائل طبيعية مثل شرب الماء والفواكه والخضروات. بالإضافة إلى العلاج النفسي للمشاكل الإجتماعية والأسرية للشباب لتفادي الوقوع في فخ المشروبات الطاقوية وتقديم الدعم النفسي للشباب الذين يعانون من الإدمان، لمساعدتهم على التغلب على هذه المشكلة والتحرر منها.

تقييد في تسويق مشروبات الطاقة في الجزائر

في الجزائر، أقرّت الحكومة شروطا جديدة لبيع مشروبات الطاقة، في قرار وزاري مشترك بين وزراء التجارة والصحة والموارد المائية والفلاحة. ومن بين الشروط  أن يتمّ بيع مشروبات الطاقة حصريا  على رفوف مخصّصة لها وعدم خلطها عن المواد الغذائية والمشروبات الأخرى.

كما يلزم  القرار مصنّعي المشروبات كتابة عدّة تحذيرات صحية على عبواتها بالشكل، ومنها أنها لا تناسب النساء الحوامل أو المرضعات، والأطفال دون سن السادسة عشرة، ومرضى السكري ومرضى ارتفاع الضغط الدموي،  وذوي الحساسية للكافيين، والأشخاص الذين يعانون من الصرع وقصور الـقلب إذا كانت تحتوي على التورين، والمرضى الذين يعانون من أمراض القلب أو انفصام الشخصية أو يعانون من قلة النوم، إذا كانت المشروبات تحتوي على الجينسنغ.

كما الزمتهم كتابة تحذيرات صحية إضافية بشكل واضح مثل ألّا يتم خلطها مع الكحول، وعدم تجاوز 500 مل في اليوم الواحد، ويجب تفاديها أثناء القيام بتمارين رياضية مكثفة، وانها تؤدي إلى اضطراب في النوم، وكما يسمح القرار بإضافة ثاني أوكسيد الكربون إلى مشروبات الطاقة والمعطرات والسكر  المحليات، بالإضافة إلى أنه  يحدّد الحدود التراكيز القصوى لبعض المكوّنات المسموح بإضافتها إلى مشروبات الطاقة مثل الكافيين ب 32 غرام كأقصى حد في 100 مللتر من المشروب .