25-يناير-2024
نشا ذرة

نشا الذرة يستعمل في الصناعات الغذائية وفق مقادير معينة (الصورة: Getty)

حذّرت المنظمة الجزائرية لحماية المستهلك من نشا ذرة صناعي يُباع في المحلات مباشرة للمواطنين، رغم أنه موجّه للاستعمال الصناعي بالنظر إلى أنه قد يتسبّب في مخاطر صحية، وهو ما يُعِيد التساؤل من جديد بشأن مدى إلمام المستهلك بإيجابيات وسلبيات المنتجات التي يشتريها، وبالخصوص الغذائية، بالنظر إلى المخاطر التي قد تنتج جرّاء تناول سلع عن عدم إدراك بـأضرارها.

المنسق الوطني لحماية المستهلك فادي تميم لـ"الترا جزائر":  هذا النوع من نشا الذرة لا يُستورد لبيعه على الحال إنما لاستعماله في صناعات غذائية، لكن يتم تسريبه لبيعه لدى تجار الجملة وصناع الحلويات، رغم منع بيعه مباشرة للمستهلك 

ورغم الجهود المبذولة من مختلف منظمات المستهلك ووزارات الصحة والتجارة لتوعية المستهلك وغرس ثقافة غذائية لدى الجزائريين، إلاّ أن  الطرق غير القانونية المرتكبة من بعض التجار تجعل المستهلكين في خطر.

تحذير

وجّهت المنظمة الجزائرية لحماية المستهلك تحذيرًا لتُجار الجملة للمواد الغذائية حول الخلط الموجود اليوم في السوق الجزائرية حول مادة نشا الذرة، حيث يُباع نوع منها (مستورد من مصر) للمستهلكين رغم أنه موجّه للصناعة التحويلية.

وأشارت المنظمة على حسابها في فيسبوك إلى أن "نشأ الذرة من النوع الموجود في الصورة، والمشابه له موجه للصناعة التحويلية، وليس البيع على الحال"، مبينة أن "هناك نوعان لنشا الذرة، الصناعي والغذائي، و ما يتم تداوله حسب مصادرنا من النوع الصناعي و لا يصلح للغذاء إطلاقًا، فاحذروا".

وأوضح المنسق الوطني للمنظمة الجزائرية لحماية وإرشاد المستهلك فادي تميم لـ"الترا جزائر" أن هذا النوع من نشا الذرة لا يُستورد لبيعه على الحال إنما لاستعماله في بعض الصناعات الغذائية، لكن يتم تسريبه لبيعه لدى تجار الجملة وصناع الحلويات، بالرغم من أن الغاية من  السماح باستيراده هو استعماله من قبل مصنعي المواد الغذائية، وممنوع بيعها للمستهلك مباشرة.

مخاطر

وبين فادي تميم أن هذا النوع من النشا ليس طبيعيًا بل مضافة له مواد كيماوية، ما يجعله مسببًا لأضرار ومخاطر على المستهلك أقلها زيادة نسبة السكر في الدم بطريقة سريعة، إضافة إلى احتمال تسببه في حساسية لبعض الأشخاص الذين لا تتقبل أجسامهم هذا النوع من المنتجات.

وأشار محدّث "الترا جزائر" إلى أنّ منظمته قامت بتبليغ وزارة التجارة للتدخل، واتخاذ الإجراءات اللازمة في هذا الشأن، حيث تبقى مهمة المنظمة التحسيس والتنبيه ولا تملك  صلاحية التدخل المباشر في حالات كهذه.

ولفت تميم إلى أن هذا النشا يُستعمل في الصناعات الغذائية بكميات معينة ومدروسة، لكن اللجوء لأن تكون أحد مكونات الحلويات يعود إلى سعرها غير المرتفع، غير أن هذا الفعل قد يؤدي إلى مخاطر على الصحة العمومية.

ثقافة

تُعيد حالة تسويق نشا الذرة الصناعي مباشرة للمستهلك الحديث عن غياب الثقافة الاستهلاكية لدى الجزائريين، بالرغم من ارتفاع حجم المتعلمين وانحسار نسبة الأمية في البلاد، حيث لا تعد هذه الحادثة الأولى من نوعها، ففي تموز/جويلية الماضي، حذرت المنظمة ذاتها من استهلاك الحليب غير المبستر الذي يباع في الأسواق بشكل عادي.

وأشارت المنظمة وقتها إلى أن الحليب غير المبستر يتسبب في الإصابة بعدة أمراض ومنها "البريسيلوز"، وهو مرض بكتيري تسببه أنواع البروسيلا المختلفة التي تصيب بشكل رئيس الماعز والأغنام، حيث ينتقل عن طريق الاتصال بالحيوانات المصابة، وتعود معظم الحالات إلى تناول الحليب غير المبستر أو الجبن من الماعز أو الأغنام.

ويرجع خبراء انتشار السرطان وأمراض أخرى بصورة لافتة في السنوات الأخيرة بالجزائر إلى النمط الغذائي الجديد الذي صار يتّبعه الجزائريون، لأن أغلب المنتجات الاستهلاكية تستورد من الخارج وتحتوي على مواد سامة كالأسمدة الكيميائية والمبيدات، إضافة إلى التناول الواسع للمشروبات الغازية والسكرية والعجائن المضرّة بصحة المواطن.

الجزائر سجّلت 364 تسممًا غذائيًا في 2021 نتيجة الاستهلاك غير الصحي وانخفض الرقم في 2022 إلى 311 حالة وطنيًا

وأصبح هذا الملف يشكل هاجسًا للسلطات العمومية بالنظر إلى التسممات الغذائية المسجلة سنويًا جراء الاستهلاك غير الصحي، ففي 2021 على سبيل المثال تم إحصاء 364 حالة تسمم جماعي مست 517 4 شخص عبر التراب الوطني، لكنها انخفضت في 2022 إلى 311 حالة تسمم غذائي جماعي مسّت 3827 شخص على المستوى الوطني.

وفي تشرين الثاني/أكتوبر الماضي، أعلن وزير التجارة الطيب زيتوني الذي يعد قطاعه من المسؤولين الأوائل حول انتشار السلع غير الصحية، أن "تعزيز حماية صحة وأمن المستهلك، وضمان أغذية صحية وسليمة أصبح يمثل أولوية إستراتيجية لقطاعه"، من خلال إعداد تقارير تحليلية وتقييمية لحالات هذه التسممات المسجلة سنويًا، بحيث أصبحت هذه التقارير مرجعًا تستند عليه كل القطاعات الوزارية المعنية وجمعيات حماية المستهلك في العمليات التحسيسية المبرمجة سنويًا، لاسيما في موسم الاصطياف.

وأشار زيتوني إلى اتخاذ تدابير عدة لتقليل الاستهلاك المفرط والتخفيض التدريجي للسكر والملح والمواد الدسمة في بعض المواد الغذائية الأكثر استهلاكًا، وذلك بإصدار 9 نصوص تنظيمية في الجريدة الرسمية تؤطر صناعة عدة مواد غذائية، بغية ترقية التغذية السليمة والوقاية من الأمراض غير المتنقلة كالسمنة، والضغط الدموي والسكري، وغيرها.