20-سبتمبر-2019

يترقب الجزائريون محاكمة شقيق الرئيس السابق يوم الإثنين المقبل (رياض كرامدي/ أ.ف.ب)

يترقّب الجزائريون الاثنين المقبل بفارغ الصبر، انطلاق محاكمة أبرز رموز نظام الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، وهم شقيقه السعيد ورئيسي المخابرات السابقين محمد مدين وبشير طرطاق، إضافة إلى الأمينة العامّة لحزب العمال لويزة حنون، في محاكمة قد تكون منقولة على التلفزيون الحكومي بحسب تلميحات وزير الاتصال حسان رابحي.

وزير الاتصال: "الهدف من بث المحاكمات هو ضمان محاكمة عادلة ومنصفة بخصوص جميع القضايا المتعلّقة بالفساد"

يتساءل الجزائريون إن كانت السلطة ستسمح ببثّ جلسات هذه المحاكمات، وهي التي منعت في وقت سابق، تصوير محاكمات، هزّت قضاياها الرأي العام الجزائري، مثل قضيّة "الخليفة" و"الطريق السيار شرق - غرب" و"سوناطراك"؟

اقرأ/ي أيضًا: موجة عالية للقضاء: نائب عام جديد والمزيد من ملفات الفساد أمام المحاكم

معلومات غير مؤكّدة

لم يقدّم وزير الاتصال، الناطق الرسمي باسم الحكومة حسان رابحي، في تصريحيه للصحافة الثلاثاء والأربعاء معلومات قطعية، بشأن استجابة وزارة الاتصال لمطالب مواطنين ببثّ محاكمة السعيد بوتفليقة ورئيس دائرة الاستعلام والأمن (المخابرات) السابق، المعروف باسم الجنرال توفيق، ورئيس المخابرات السابق اللواء بشير طرطاق، ولويزة حنون رئيسة حزب العمّال، عبر قنوات التلفزيون الجزائري الحكومي.

واكتفى رابحي بالقول، إن "الهدف ليس البثّ في حدّ ذاته، وإنّما في أن ضمان محاكمة عادلة ومنصفة بخصوص جميع هذه القضايا المتعلّقة بالفساد".

وأوضح الوزير، أن كل ماله صلة بالعدالة فهو "من اختصاصها لوحدها، وقد أكّدت على استقلاليتها في اتخاذ قراراتها من خلال العودة فقط إلى نصوص القوانين".

من جهته، لم تصدر محكمة الاستئناف العسكرية بالبليدة لحد الآن، أيّ بيان رسمي بشأن بث محاكمة "الرباعي" المتّهم، أو فتح الأبواب أمام الصحافة لمتابعة مجريات محاكمة يواجهون فيها تهمًا ثقيلة، تتعلّق بالمساس بسلطة الجيش، والمؤامرة ضدّ سلطة الدولة، والتي قد تصل عقوبتها حتّى الإعدام بموجب المادة 284 من قانون القضاء العسكري والمادتين و77 و78 من قانون العقوبات.

 نظرة القانون

يؤكّد المحامي فريد بن جدو لـ"الترا الجزائر"، أنه لا يوجد أي مانع قانوني يقف عائقًا في بثّ محاكمة 23 أيلول/ سبتمبر، بالنظر إلى عدم وجود أيّ نص يحظر نقل جلسات المحاكم عبر شاشات التلفاز أو أثير الإذاعة.

ويوضّح بن جدو، أن الأصل في جلسات المحاكمات العلن، أي أن تُجرى بحضور المواطنين، لذلك يُسمح لأيّ راغب في متابعة محاكمة ما بحضورها، مضيفًا أنّ كل الأحكام القضائية تصدر باسم الشعب؛ ومن ثًمّ فمن حقه أن يُتابع المواطن أطوار محاكمة السعيد بوتفليقة وبقيّة المتهمين، لأن القرار سيصدر باسمه، على حدّ تعبيره.

يستطرد المتحدّث، أنّ "المبدأ في القضاء أن تكون المحاكمات علنيّة، إلا إذا ما وُجد تخوّفٌ من أن تتضمّن المحاكمة إخلالًا بالأخلاق والآداب العامّة، فتكون الجلسة سرّية"، مبيّنًا أن القرار يرجع في الأخير لتقدير القاضي، الذي قد يسمح بأن تكون المحاكمة مذاعة تلفزيونيًا أم لا.

يبدو أن تصوير أطوار المحاكمة تلفزيونيًا لا يُشكّل، إحراجًا للمتّهمين الذين يصفهم رئيس أركان الجيش الجزائري الفريق أحمد قايد صالح بـ"العصابة"، حسب ما كشفه المحامي ميلود براهيمي، الذي سيتولّى مهمّة الدفاع عن السعيد بوتفليقة والجنرال توفيق.

وأوضح براهيمي، في حديث إلى موقع "كل شيء عن الجزائر"، بأنّه لم تصله أي معلومات تتعلّق بفتح جلسة المحاكمة أمام الإعلام من عدمه لحدّ اللحظة، مردفًا بالقول "أظنّ أن الأبواب ستُفتح للصحافة، ولا يوجد أي سبب حتى تكون المحاكمة سرّية، بالعكس نحن نريد أن تُسمع أقوال من ستتمّ محاكمتهم، عملًا بما يُقال إنّ العدالة تفصل في القضايا باسم الشعب الجزائري، وبالتالي من حقّ الشعب أن يكون مطلعًا على أطوار المحاكمة".

وأضاف المتحدّث "سمعت كلامًا عن بثّ المحاكمة تلفزيونيًا، أنا لم ألتق بقيّة المحامين الذين هم معي في هيئة الدفاع، لكن إذا أردتم أن تعرفوا رأيي، فأنا أقول أهلًا وسهًلا حتى يعرف الشعب الجزائري، بأنّ الملف فارغ".

تفاصيل المؤامرة

بالنسبة للسلطة الحالية، خاصّة المؤسسة العسكرية، فمُحاكمة شقيق الرئيس السابق وبعض رجالاته، يعني أنّه حان الموعد المنتظر، لكشف تفاصيل جديدة بشأن الاجتماع السرّي الذي عقدوه في بداية الحراك الشعبي، بالتعاون مع المخابرات الفرنسية بحسب ما جاء في بيانات المؤسّسة العسكرية، وسيكون ذلك تأكيدًا على تحذيرات قائد أركان الجيش، الذي يحرص في كل خطابته على القول إنه سيكشف تفاصيل مؤامرة "العصابة" لاحقًا وفي "الوقت المناسب.

قد تكشف المحاكمات القادمة، تفاصيل جديدة تتعلّق بما قام به السعيد بوتفليقة، وفريقه في الفترة الماضية، وهي حجّة جديدة للسلطة الحالية، للدفاع عن نفسها، خاصّة بعد شعارات الرفض التي باتت تترّدد ضدّها في الشارع.

يبدو أيضًا، من ثقة هيئة دفاع الموقوفين في الحبس المؤقّت، أنّ موكليهم يخبؤون مفاجأة أخرى لجلسات المحاكمة، إذا ما تمّ بثّ هذه المحاكمات تلفزيونيًا، وقد تحمل تهمًا ضدّ المؤسّسة العسكرية التي دعت إلى إلقاء القبض عليهم.

يبقى احتمال تأجيل هذه المحاكمات واردًا بالنظر إلى ثقل هذه القضايا المطروحة على المحكمة

في ظلّ غياب قرار صريح بشأن بثّ محاكمة الإثنين من عدمها، تبقى كل الاحتمالات واردة، لعل أبرزها تأجيل القضية إلى موعد آخر، بالنظر إلى ثقل القضايا المطروحة على المحكمة، فضلًا عن تدهور حالة بعض المتّهمين الصحيّة.

 

اقرأ/ي أيضًا: 

بعد استدعاء أويحيى.. صيف ساخن جدًا للقضاء الجزائري مع ملفات الفساد

رفع الحصانة عن بهاء الدين طليبة.. سجن "الحرّاش" يُسقط الشائعات