22-أبريل-2019

استدعت محكمة سيدي امحمد، رئيس الحكومة السابق أحمد أويحيى، ووزير المالية الحالي محمد لوكال، في قضايا فساد (الترا جزائر)

تشهد الجزائر جدلًا كبيرًا عقب إعلان استدعاء محكمة سيدي امحمد، بوسط العاصمة الجزائرية، رئيس الحكومة السابق أحمد أويحي، ووزير المالية الحالي محمد لوكال، للتحقيق معهما في قضايا فساد مالي تتعلق بتبديد أموال عمومية والحصول على امتيازات مالية غير مشروعة. 

اعتبر البعض أن استدعاء القضاء لأويحيى ووزير المالية الحالي لوكال، يدخل ضمن إيعاز قايد صالح للقضاء بضرورة ملاحقة "الفاسدين"

وأحدث الاستدعاء ضجة في الشارع الجزائري، وجدلًا في الأوساط السياسية والإعلامية الجزائرية، خاصة في الظرف السياسي الذي تمر به الجزائر منذ اندلاع الحراك الشعبي قبل شهرين تقريبًا.

اقرأ/ي أيضًا: أحمد أويحيى.. رجل المد والجزر و"المهمات القذرة"

وأثبت استدعاء أويحي الذي أقيل من منصبه في 11 آذار/مارس الماضي، ما أشارت إليه عدة تقارير إعلامية وأمنية حول علاقته بقضايا الفساد المالي، وتورطه في صفقات مشبوهة لفائدة شركاته الخاصة.

في حين أن استدعاء الوزير الحالي للمالية محمد لوكال للتحقيق معه، والذي كان يشغل منصب محافظ بنك الجزائر، المعين في تاريخ 11 آذار/مارس الماضي في حكومة رئيس الوزراء نور الدين بدوي، من شأنه أن يدفعه إلى تقديم استقالته إلى غاية إتمام التحقيقات معه.

أحمد أويحيى
استدعت محكمة سيدي امحمد، رئيس الوزراء السابق أحمد أويحيى في قضايا فساد

من جانبه اعتبر الناشط الحقوقي محمد واعلي، في تصريح لـ"الترا الجزائر"، أن قضية كل من أويحيى ولوكال، تدخل في إطار البدء في حملة القضاء الجزائري لفتح عدد من قضايا الفساد المالي ونهب المال العام.

وقال واعلي إن استدعاء السياسيين الجزائريين المحسوبين على نظام بوتفليقة، "لا يعد استدعاءً قضائيًا صرفًا"، موضحًا: "لأن الخطوة لم تكن قضائية بحتة كما يبدو، بمعنى أنها لم تكن بمبادرة من القضاء والعدالة الجزائرية، فالجيش أو بالأحرى قائد أركان الجيش الجزائري الفريق أحمد قايد صالح، هو الذي أوعز للقضاء بضرورة فتح قضايا الفساد في الجزائر ومحاربة الفاسدين في آخر بيان له".

وأضاف واعلي، بأن المسألة بدورها تفتح الباب أمام التساؤل حول "مدى استقلالية القضاء في الجزائر"، وهو ما أجابت عنه عدة قضايا تنظر فيها العدالة الجزائرية، وأبان عنه الوضع الحالي وكيفية تسيير ملفات الفساد في فترة حكم الرئيس بوتفليقة.

ارتياب وشكوك

على الأرض، أثار فتح ملفات الفساد، بعد 59 يومًا من الحراك الشعبي، والارتياب والتوجس، وهو ما أكد عليه الناشط السياسي حمزة نافتي في تصريح لـ"الترا الجزائر"، بقوله إن "هناك تخوف كبير لدى النشاطين في الحراك الشعبي، من أن تكون خطوة إثارة هذه القضايا الآن وفي هذا التوقيت بالذات، بغرض تشويش على الحراك الشعبي". 

وأشار نافتي إلى أن الشكوك تنبع من أن "الحراك لم يحقّق بعد المطالب المركزية، وهي تنحي واستقالة رموز الفساد، خصوصًا وأنها، أي هذه الرموز، مازالت موجودة في الحكم والسلطة"، في إشارة إلى من تبقى من "الباءات الثلاثة"، رئيس الوزراء نور الدين بدوي، والرئيس المؤقت عبدالقادر بن صالح.

ومن جانب آخر، تقول الحقوقية نورة بلهاني، إن هناك جدل قانوني مرتبط أساسًا باستدعاء المحكمة الابتدائية لرئيس الحكومة السابق ووزير المالية الحالي للتحقيق، متسائلة: "هل محكمة ابتدائية بإمكانها التحقيق معهما، في حين النص القانوني في الدستور يشرع لإنشاء محكمة عليا للدولة تحاكم رؤساء الحكومة والوزراء؟".

أثار فتح ملفات الفساد حالة التوجس في الشارع الجزائري، خاصة وأن مطالب الحراك الأساسية لم تحقق بعد

ولفتت بلهاني إلى أن محكمة سيدي محمد ستقوم بما أسمته "إجراء تقني"، يتمثل في تبليغ كل من أويحي ولوكال بالتهم المنسوبة إليهما، غير أن الموكل بالتحقيق مع أويحي شخصيًا هو النائب العام في المحكمة العليا، فالنائب العام، وفقًا لنورة بلهاني، "يتحمل مسؤولية كبرى في أطوار التحقيقات مع إطارات الدولة الجزائرية وعلى رأسهم أويحي".

تعرية رموز نظام بوتفليقة

وإضافة إلى ما سبق، فإن قضايا الفساد بدأت تطفو للسطح مع الحراك الشعبي، وخاصة بعد أن انزاح غطاء الرئيس المستقيل عبدالعزيز بوتفيقة، إذ استدعت محكمة سيدي محمد قبل يومين، وزيري التضامن السابقين في فترة حكم بوتفليقة، وهما على التوالي: جمال ولد عباس، الأمين العام السابق لحزب جبهة التحرير الوطني، وسعيد بركات، وذلك للتحقيق معهما في تلاعب بالمال العام، لمّا كانا على رأس وزارة التضامن.

 أثار فتح ملفات الفساد حالة من الريبة والتوجس بين نشطاء الحراك، خاصة وأنهم يرون أن أهم مطالب الحراك لم تتحقق بعد

وقدمت نفس المحكمة طلبًا إلى مجلس الأمة لرفع الحصانة البرلمانية عن جمال ولد عباس وسعيد بركات، باعتبارهما عضوين في مجلس الأمة حاليًا، وبذلك بدأت ملفات الفساد تفتح في الجزائر، فيما يعتقد سياسيون أنها لن تغلق بسهولة، وعليه فيبدو أن العدالة الجزائرية تواجه صيفًا ساخنًا بسلسلة طويلة من قضايا تورط فيها رموز نظام بوتفليقة.

 

اقرأ/ي أيضًا:

الإطاحة بأحد "الباءات الثلاثة".. ما الذي تعنيه استقالة الطيب بلعيز؟

"العصابة" أم الجيش.. من هو صاحب القرار في الجزائر الآن؟