صباح اليوم الثلاثاء، أصدر وكيل الجمهورية لمحكمة سيدي امحمد في الجزائر العاصمة أمرًا بإيداع رجل الأعمال إسعد ربراب، رهن الحبس المؤقت بعد مثوله أمام قاضي التحقيق مساء أمس، بخصوص قضايا تخص أساسًا اتهامات بالفساد المالي.
صدر قرار من محكمة جزائرية بالحبس المؤقت لأغنى رجال الأعمال الجزائريين، إسعد ربراب، على ذمة التحقيقات في اتهامات بالفساد المالي
ويعد إسعد ربراب أغنى رجل أعمال في الجزائر وأحد أثرى أثرياء شمال أفريقيا، وضمن أغنى 50 شخصًا في أفريقيا، وفقًا لتصنيف مجلة فوربس، بثروة تزيد عن أربعة ملايير دولار أمريكي، وينشط مجمّعه أساسًا في الصناعة الغذائية والإلكترونيات وكذلك مجال الفولاذ والخدمات.
اقرأ/ي أيضًا: بعد استدعاء أويحيى.. صيف ساخن جدًا للقضاء الجزائري مع ملفات الفساد
وذكر التلفزيون الجزائري العمومي، أمس الإثنين، أنه تم توقيف إسعد ربراب (74 عامًا) "للاشتباه بتورطه في التصريح الكاذب المتعلق بحركة رؤوس الأموال من وإلى الخارج"، إضافة إلى "شبهة بتضخيم فواتير استيراد عتاد مستعمل والتصريح بأنه عتاد جديد رغم استفادته من امتيازات مصرفية وجمركية وضريبية في مجال دعم الاستثمار" وهو ما يعتبر تحايلًا ويدخل ضمن الفساد المالي.
أربعة ملايير دولار خلف القضبان
ولد ربراب سنة 1944 بولاية تيزي وزو. ويرأس ويدير مجمعه الخاص "سفيتال"، المختص في الصناعات الغذائية. مشواره المهني انطلق سنة 1968، حين أسّس مكتب خبرة في المحاسبة والمالية.
ولج ربراب بصفة رسمية عالم الأعمال سنة 1988، حين قرر إنشاء شركة "ميتال سيدار"، والتي حققت رقم أعمال كبير قبل أن تقوم مجموعة مسلّحة أيام العشرية السوداء بتفجير مقر الشركة، ليرحل ربراب نحو فرنسا ويطلق تجارته الخاصة في مجال اللحوم.
بعدها تحول ربراب لاستيراد السكر نحو الجزائر، لكنه قرّر بعد ذلك التوجه للتصنيع، فأنشأ مصنعًا لزيت المائدة، وهو الأشهر في الجزائر، جاعلًا من الجزائر بلدا مصدرًا للزيت بعد أن كانت بلدًا مستوردًا.
واشتغل مجمع سفيتال أيضا كممثل حصري لعلامة سامسونج في الجزائر، وكذا مستوردًا حصريًا لعلامتي هيونداي وفيات في مجال السيارات. ومؤخرًا قام المجمع بفتح مساحات كبرى كمجمعات تجارية في خمس ولايات. كما مصانع كانت على وشك الإفلاس في فرنسا وبلدان أخرى. ووصلت استثماراته إلى البرازيل، حيث يمتلك مزارع للصويا ومنتجات زراعية أخرى.
عدالة انتقائية أم انتقالية؟!
يعرف لربراب كرائد في المجال الصناعي بالجزائر، وأحد رجال الأعمال العصاميين. وفي كتاب "فكرة وحلم"، يورد ربراب مشاهد من طفولته، التي يصفها بـ"الصعبة جدًا".
وقد أثار اعتقال ربراب وعرض صورته داخل شاحنة للدرك الوطني، جدلًا على مواقع التواصل الاجتماعي في الجزائر، إذ اختلفت الآراء حوله، من يراه من بين أوجه الفساد، ومن يرى اعتقاله "تصفية حسابات"، خاصة وأن للرجل مواقف معارضة للرئيس المستقيل عبدالعزيز بوتفليقة.
ومباشرة بعد انتشار خبر اعتقاله أكد ربراب عبر صفحته الرسمية بفيسبوك، أنه هو من توجّه بنفسه لفرقة الدرك بباب جديد، من أجل مواصلة التحقيق حول عرقلة مشاريعه في الجزائر، وليس في قضايا فساد كما أشيع.
وكتب الإعلامي الجزائري الشهير حفيظ دراجي عبر صفحته على فيسبوك، معلقًا على اعتقال ربراب وبداية فتح تحقيقات قضائية معه، قائلًا: "نعم للعدل والعدالة كل وقت مع كل المشتبه فيهم وليس البعض. لا للعدالة الانتقائية والانتقامية التي تهدف إلى امتصاص غضب الشعب والتحايل على مطلبه الأساسي وهو رحيل العصابة وبقايا نظام بوتفليقة"، خاتمًا منشوره بـ"الشعب خرج للشارع منددًا بالظلم وليس من أجل إعادة توزيع الظلم".
أما رئيس التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية محسن بلعباس، فكان حازمًا في رأيه حول اعتقال ربراب، إذ قال: "أردناها مرحلة انتقالية بعدالة انتقالية. جعلوها مرحلة تضليلية بعدالة انتقامية. الانزلاقات يتحمل مسؤوليتها الآمر والمأمور"، مضيفًا في منشور آخر: "التحقيقات حول الفساد المتفشي منذ 20 سنة، تستوجب استدعاء العدالة لكل المسؤولين، بداية من عبد العزيز بوتفليقة ومحمد مدين المدعو توفيق وإلا ففيها إنّ".
نفس الرأي تبنته الإعلامية صابرية دهيليس، في منشور لها، حيث رأت أن "التهمة جائرة في حق الرجل الذي استثمر جزءًا من ثروته في الجزائر، واستطاع أن يساهم في خلق مناصب شغل لمئات الأشخاص الذين يعيلون عائلات بأكملها". ومن جهته رفع الجنرال المتقاعد علي غديري السقف عاليًا، مطالبًا بتوقيف شقيق الرئيس "كي يطمئن الجزائريون للعدالة ولهذه التحقيقات".
في المقابل، ذهب آخرون للقول بأن ما حدث مع ربراب "إجراء عادي"، متهمين إياه بالفساد وتكوين ثروة بشكل غير الشرعي، ومساهمته في استنزاف الأموال وتهريبها نحو الخارج.
أثار اعتقال ربراب جدلًا واسعًا، وقد وصفه الكثيرون، بما في ذلك شخصيات عامة بارزة، بأنه اعتقال يدخل ضمن "تصفية الحسابات"
ووصف البعض ربراب بالذراع المالية للجنرال توفيق مدير المخابرات السابق. ويعتقد هؤلاء أن ربراب استفاد من مزايا وقروض لإنجاز مشاريع وهمية، وقام بتهريب الأموال للاستثمار في الخارج على ظهر الخزينة العمومية.
اقرأ/ي أيضًا:
تداعيات الحراك الشعبي.. حلقات للنقاش الدستوري في الفضاء العام