22-نوفمبر-2019

علي بن فليس، عبد القادر بن قرينة، عبد المجيد تبون، عز الدين ميهوبي، عبد العزيز بلعيد (تركيب/الترا جزائر)

  تحوّلت الحملة الانتخابية في آخر أيّام أسبوعها الأوّل، إلى حلبة صراع وتراشق بالتهم بين المتنافسين على كرسي المرادية، أين برزت للعلن اتهامات واتهامات مضادة بين مرشّحي الرئاسة، في خطوة أثارت تساؤلات حول مدى احترامهم لميثاق أخلاقيات الممارسة الانتخابية الذي أمضوا عليه عشيّة انطلاق الحملة، وفي غيابٍ تامٍ لموقف رسمي من السلطة الوطنية المستقلّة للانتخابات تجاه هذه التجاوزات.

لم يتأخر المرشّح الحرّ عبد المجيد تبون في الردّ على الاتهامات التي قال إنها غير بريئة وتريد تحريف مسار الانتخابات

اتهامات متبادلة

تفاجأت الطبقة السياسية غداة استدعاء الهيئة الناخبة وتحديد تاريخ الـ 12 كانون الأوّل/ديسمبر 2019 موعدًا لإجراء الرئاسيات، بهجوم المرشّح علي بن فليس، رئيس حزب طلائع الحرّيات، على المرشّح الحرّ عبد المجيد تبون، حين قال: "ترشّح عبد المجيد تبون يعني عهدة خامسة باسم جديد، وهو تشويه للرئاسيات".

اقرأ/ي أيضًا: انطلاق الحملة الانتخابية.. مرشّحون للرئاسيات يتسابقون إلى زيارة الزوايا

واختار بعدها المرشّح عبد المجيد تبون يوم سحب استمارات ترشحه، للردّ على "غريمه" حين قال إن المرحلة التى تمرّ بها الجزائر صعبة، "لذلك وجب تجنب صناعة الجدل وضرب الآخر، وبعث الطمأنينة والأمل في نفوس الجزائريين الذين يمرّون بحالة نفسية صعبة".

حالة من الترقّب والفتور، سادت الأيّام الأولى من الحملة الانتخابية، غير أنها عرفت منحىً تصاعديًا مفاجئًا، مع اعتقال رجل الأعمال عمر عليلات بتهمٍ تتعلق بالفساد، في الوقت الذي ربطت مصادر إعلامية الأمر بشبهة تمويل حملة المرشّح الحرّ عبد المجيد تبون، وهو ما أخرج إلى الواجهة عدّة سجالات سياسية حول المال الفاسد وتوظيفه في الانتخابات.

من جهته، لم يتأخّر المرشّح الحرّ عبد المجيد تبون في الردّ على الاتهامات، التي قال إنها غير بريئة وتهدف إلى تحريف مسار الانتخابات، فأكد من تجمّعه الشعبي بولاية قسنطينة أنه: "منذ يومين قامت زوبعة في فنجان، هدفها الإساءة للشرفاء في الوطن وعرقلة مسيرته نحو انتخابات تنقذه من المتربّصين به".

وتابع: "كل ما أقوله في الموضوع، هو أن النزيه يبقى نزيهًا ويشهد له الله ورسوله على ذلك.. والفاسد والمتآمر يبقى على حاله حتى إن لبس ثوبًا أبيض". وخاطب المرشّح تبون مناصريه قائلًا: "لهم الذُباب (إشارة إلى المشوشين على حملته) ولنا الشعب لمواجهتهم.. ولا أطيل في الحديث لكي لا أعطيهم شرفًا لأنهم لا يستحقون ذلك".

في هذا السياق، وجّه المُرشح المحسوب على التيار الإسلامي، عبد القادر بن قرينة، اتهامات خطيرة إلى منافسين اثنين في الرئاسيات لم يذكرهما بالاسم.

وردّ عبد القادر بن قرينة، في خطاب شعبي ألقاه مساء الخميس، على مرشح قال إنه هاجمه واتهمه بالمشاركة في الحكم قائلًا: "لم أشارك في السرقة أنت بقيت مع العصابة.. وكنت تسيّر العواصم الثقافية وتجلب الفنانات، وسأكشف قيمة أموالك في بنوك بيروت وسويسرا"، في كلام واضح أنه موجهٍ إلى وزير الثقافة السابق فترة الرئيس المستقيل عبد العزيز بوتفليقة والمرشّح للرئاسيات عز الدين ميهوبي.

وأبدى بن قرينة، تضامنه مع وسائل الإعلام ضدّ المرشّح عبد المجيد تبون، الذي منع عددًا من القنوات من مرافقته، بسبب "حملات إساءة" تعرّض لها من طرفهم، حيث ربطت تقارير صحافيه اسمه بالمعتقلين من رجال الأعمال الفاسدين، خاصّة بعد حبس رجل الأعمال عمر عليلات. وشدد مرشّح حركة البناء: "أجدد تضامني ودعمي المطلق للصحافة، ونرفض أن تُطرد أو تُظلم لأنّ من فعل ذلك لن يقبل أن يكرّس الحرية ويقبل بالديمقراطية لو كان رئيسًا".

 ناقوس الخطر

من جهته، توقع المحلّل السياسي علي ربيج، انحراف الحملة الانتخابية عن مسارها، وتوجه المرشّحين الخمسة في باقي أيّام عرض برامجهم إلى السبّ والتراشق بالاتهامات، وأكد "كنا نتوقّع حصول هذا الأمر، لكن ليس بهذا الشكل الظاهر، من قذف وسبّ وبكل ما يتعارض مع ميثاق أخلاقيات العملية الانتخابية الذي وقعه المتنافسون".

وأردف أستاذ العلوم السياسية، علي ربيج، في حديث لـ "الترا جزائر": "التراشق بالاتهامات والادعاءات سيُفرغ الحملة الانتخابية من محتواها وسيركّز الجزائريون على الهفوات والسقطات".

وانتقد المتحدّث طريقة ترويج المرشّحين لخطاباتهم الرئاسية قائلًا: "الناخب والمواطن بحاجة إلى خطابات تُنسيه العهدات السابقة ويحتاج إلى شخصيات لا تنزل إلى هذا المستوى المنحط".

وأضاف: "هناك مرشّحون لديهم ملفات أو معلومات يهاجمون بها بعضهم البعض، ما يولّد تبعات قانونية تنتهي إلى أروقة العدالة"، مشيرًا إلى أن الجزائر ليست في حاجة إلى هكذا تجاذبات، سيما وأننا نمرّ بوضعٍ يحتاج إلى رزانة سياسية للخروج من الأزمة، على حدّ قوله.

كما دعا أستاذ العلوم السياسية بجامعة الجزائر، السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات إلى تحمل مسؤوليتها بخصوص هذه التجاوزات، مستطردًا: "سلطة الانتخابات هي الراعي القانوني لتنظيم العملية الانتخابية، وهي المخوّل الوحيد بمتابعة التجاوزات، وإذا كانت بحجم السب والقذف والشتم يمكنها تحريك النائب العام من أجل تقييد شكوى واستدعاء المرشّح المعني، أو أحد ممثليه لمتابعة الإجراءات القانوينة".

تهدئة

المكلف بالإعلام للسلطة الوطنية المستقلة للانتخابات، علي ذراع، هوّن من مصطلح "انحراف الحملة الانتخابية"، ودعا المرشّحين الخمسة إلى الابتعاد عن القذف والسب والتخلّي عن أسلوب العنف في برامجهم الانتخابية، قائلًا: "أدعوا المرشّحين إلى الترفّع عن القذف والسبّ وتقديم برامج وأفكار تخدم البلاد وكذا تقديم تصوّرات تخرج الجزائر من أزمتها".

وتابع علي ذراع، في حديث لـ "الترا جزائر": "أدعو المرشّحين الخمسة إلى احترام العمل الأخلاقي فيما يخصّ الحملة الانتخابية والالتزام بميثاق العملية الانتخابية الذي وقّعوه عشية الـ 17 تشرين الثاني/نوفمبر الجاري".

طالب المكلف بالإعلام لدى السلطة المستقلة للانتخابات من مدراء المؤسسات الإعلامية بالالتزام بالعمل الأخلاقي داخل مؤسّساتهم 

وطلب ذراع ، من مدراء المؤسّسات الإعلامية الالتزام بالعمل الأخلاقي داخل مؤسّساتهم والابتعاد عن تهويل وتضخيم الأحداث، مضيفًا "لا بدّ من الابتعاد عن تهويل وتضخيم الأمور فيما يخصّ التعامل مع المرشّحين".

 

اقرأ/ي أيضًا:

الانتخابات الجزائرية.. تغذّية الانتماءات القبلية والخضوع لسطوتها!

سؤال الإعلام في الانتخابات التشريعية في الجزائر