08-أبريل-2019

رفع المتظاهرون في الحراك الشعبي لافتات ضد محاولات التدخل الإماراتية (ياسين بوعزيز)

تعوّد النظام الجزائري على اللجوء إلى التهم الجاهزة لتشويه كلّ من ينتقد سياسة الرئيس المستقيل عبد العزيز بوتفليقة. ومن بين تلك التُهم، وجود أيادي خارجية هي من يدفع بالمعارضين إلى الشارع والتحريض ضد النظام. فحتى مع بداية حراك 22 شباط/فبراير، حاولت السلطة كعادتها اللجوء إلى نفس التُهمة.

الإمارات المتورطة في المستنقع اليمني غير مؤهلة لتكون طرفًا لايجاد الحل في الجزائر طالما أنها طرف في خلق أزمة إنسانية باليمن

فكرة الأيادي الخارجية تعني أنّ هناك قوى أجنبية هي من يموّل بالأفكار وبالمال الحركات الثورية، لخدمة أجندات الدول الكبرى، لكن لا النظام ولا مؤيدوه استطاعوا أن يكشفوا عن حقيقة هذه الأيادي الخارجية ولا عن طبيعة خدماتها، باستثناء كونها مجرد دعايات وشائعات.

اقرأ/ي أيضًا: "لا للإمارات في أرض الشهداء".. الحراك الجزائري يشخص أعداءه

في 2014، مع تقدم عبد العزيز بوتفليقة للترشح للعهدة الرابعة، وظهور "حركة بركات" التي انتفضت ضد الرئيس وعائلته، اتفق الإعلام الخاص الممول من طرف رجال الأعمال، على أنّ حركة بركات هي مجرد الشجرة التي تخفي من ورائها غابة متشابكة من المصالح الغربية! فأبدع هذا الإعلام في تشويه وشيطنة هذه الحركة، بل وصل بها الأمر إلى اتّهامها بالعمالة إلى جهات إسرائيلية.

اليوم، وبعد أن شق الشعب طريقه نحو عهد جديد، بإصرار وبثقة وبذكاء؛ تراجعت تهمة العمالة للخارج، بعد أن اهتز عرش بوتفليقة، وانفضّ عنه من كانوا بالأمس يرون فيه "النبي المنزّه"، بل إنّ ما حدث بعد زيارة قائد أركان الجيش إلى الإمارات العربية المتحدة، ثم الزيارة التي قام بها نائب الوزير الأول في حكومة بدوي الأولى، رمضان لعمامرة؛ يكشف عن أنّ النظام الجزائري هو الذي تُحرّك فيه الأيادي الخارجية، بعد أن أدرك بأنّ مظاهرات أيام الجمعة تزداد إصرارًا على تغيير النظام جذريًا. دون أن ننسى موقف الحكومة الفرنسية التي ظلت الحليف الدائم للنظام البوتفليقي، بالنظر إلى المصالح الكبرى لفرنسا في الجزائر.

الأكيد أنّ زيارة قايد صالح إلى الإمارات، والتغطية الإعلامية للقنوات الإماراتية التي انحازت للنظام، هو ما جعل الجزائريين يرفضون أي تدخل لأبو ظبي وغيرها فيما يحدث في الجزائر، فالقضية، كما يؤكد الشعب بنفسه، هي قضية داخلية.

ثمّ إنّ الإمارات التي تورطت في المستنقع اليمني، ليست مؤهلة لتكون طرفًا لإيجاد الحل في الجزائر، طالما أنها طرف في خلق أزمة إنسانية في اليمن، خاصة وأنّ إعلامها حاول الدخول في الخطّ لأجل مغالطة الرأي العام، مثل الحديث عن وقوع صدامات عنيفة بين الشعب وقوات حفظ الأمن، وهذا ما فندته السلطات الأمنية في الجزائر.

عمومًا، فإنّ علاقة بعض الدول الخليجية بالجزائر مازالت مشوبة بالكثير من الرماد، فذاكرة العشرية السوداء مازالت مفتوحة في ذاكرة الجزائريين، حيث كانت فتاوى الجهاد الصادرة تحديدًا من السعودية، تحرّض على القتل والجهاد، لمّا كان الجزائريون يُذبحون أمام مرأى العالم، دون أن يقف أحد موقفًا إنسانيًا ضد الجرائم التي كانت تُرتكب آنذاك.

وللأسف، نفس رجالات الدين الخليجيين الذين كانوا يبثون سمومهم الدينية ضد الجزائر، قام بوتفليقة نفسه بتكريمهم في الجزائر! ناهيك أنّ صورة الإمارات، بعيدًا عن كونها دولة ثرية، فصورتها اهتزت أكثر مع سياساتها التطبيعية مع إسرائيل، وهذا في ذاته يمكن أن يبرّر حالة الرفض الشعبي لأي تدخل منها في الشأن الجزائري.

في الأخير نتساءل: ما الذي يُزعج الأنظمة العربية من نجاح التجربة الجزائرية في الانتقال الديمقرااطي؟ كان النظام السياسي في الجزائر يبرّر ضرورة الاستمرارية باللجوء إلى التجربتين السورية والليبية؛ كتهديد صريح بأنّ أي دعوة إلى تغيير النظام سيؤدي إلى تفجير الوضع، وإراقة أنهار من الدم.

اهتزت صورة الإمارات أكثر مع سياساتها التطبيعية مع إسرائيل، وهذا في ذاته يبرر الرفض الشعبي الجزائري لها

مثل هذا التفكير، يؤكّد أنّ دمار الكثير من الدول العربية يخدم الأنظمة الاستبدادية، أما نجاح الثورات الديمقراطية فقد يكون له تأثير على باقي الشعوب العربية لتحذو حذو التجربة الجزائرية للثورة على الاستبداد والظلم. إننا للأسف ننتمي إلى واقع عربي يريد بأي ثمن أن ينتصر إلى صوت المستبد، ولو كان ذلك على حساب تدمير الدول بأكملها وتجويع شعوبها وترحيلها وتشريدها.

 

اقرأ/ي أيضًا:

بعد تصويتهما ضدّ المغرب.. الجزائريون ساخطون على الإمارات والسّعودية

#طبعًا_مقاومة.. الجزائريون "يؤدبون" سفير السعودية دفاعًا عن فلسطين