04-يوليو-2022
بوعلام بن حوة صاحب محل "استوديو مغرب" (الترا جزائر)

بوعلام بن حوة صاحب محل "استوديو مغرب" (الترا جزائر)

في لحظة مفاجئة، قرر بوعلام بن حوى رفع الستار الحديدي وفتح لبرهة من الوقت، محلّه "ديسكو مغرب"، أكبر استوديوهات إنتاج أغاني الراي سنوات الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي بالجزائر، بعد أن ظل مغلقا لقرابة الـ 20 عامًا.

بعد رفع الستارة الحديدية واجهتنا صورة للشاب مامي مبتسمًا في بوستر يشغل مساحة من الباب الخشبي الخارجي بواجهة زجاجية شفافة

"ديسكو ماغرب"، هذا المحل الواقع أسفل مبنى قديم، في زاوية شارع يقابل المقهى الشهير "كافي ريش" بشارع الأمير عبد القادر، والذي كان يجلس فيه الرئيس الجزائري الراحل الشاذلي بن جديد ، أصبح معلمًا فنّيًا يقصده الزوار من كل حدب وصوب.

"مامي يرحب بضيوف "ديسكو مغرب"

تاريخ الراي وأسرار "ديسكو مغرب"، تجعلك تتساءل ماذا يوجد بداخل هذا المحل الذي يحفظ ذاكرة الراي ومختلف الطبوع الغنائية والموسيقية الأخرى الجزائرية والعربية أيضًا؟ كيف هو حال الأشرطة التي مرّ على صناعتها نحو عقدين ونصف؟ هل لا تزال سليمة؟.. هل واجهة باب المحل الزجاجية تحمل بوستر لعندليب الراي أم لأميره أم للمك خالد؟.. إلخ.

محل ديسكو مغرب بوهران

"الترا جزائر".. تمكنت من دخول أكبر مؤسسة إنتاج سمعي بصري كانت الرقم واحد في البلاد قبل بداية الألفية الثالثة، وكشفت النقاب عما ظلّ مخفيًا لنحو ثلاث عقود عن أعين الناس وعشاق موسيقى الراي ونجومها.

قادنا الفضول لمعرفة ما يخبئه محل عمي بوعلام داخل هذا الأستوديو العتيق، فاكتشفنا أن ما يبدو "مخبأ سريًا" يحتوي أشياء ثمينة، هو في الحقيقة مكان يحفظ مجموعة أشرطة قديمة يعتبرها صاحبها ثروته الوحيدة.

محل ديسكو مغرب بوهران

قبل نفض الغبار عمّا تحتويه "العلبة السوداء" من أسرار، وبعد رفع الستارة الحديدية واجهتنا صورة للشاب مامي مبتسمًا في بوستر يشغل مساحة من الباب الخشبي الخارجي بواجهة زجاجية شفافة، لإحياء حفل في 30 و31 يناير/جانفي 1998، بقاعة الزينيت بباريس، وذلك للترويج لألبومه الجديد آنذاك "مالي مالي".. كأنّ "الأمير" هنا يحرس أسرار "ديسكو مغرب"

ماذا يوجد في "ديسكوماغراب"؟

داخل المحل، لا شيء مرّتب على الأرض أو على منضدة العرض التي تشكل زاوية قائمة بالمكان، كان يبدو مهجورًا وسيطر عليه الغبار الذي يعلو كل أثاثه، تظهر أكوام من أشرطة الكاسيت سليمة مكدّسة فوق بعضها، وقطع من العلب الورقية، منتشرة هنا وهناك، أوراق مبعثرة، رفوف مكدسة بالكاسيت، شريطا كاسيت للراحل حسني والشابة جنّات فوق جهاز راديو كاسيت قديم أزرق اللون وبمكبرات ذات حجم كبير، وفوقه أسطوانات للراحل الشاب حسني والشابة جنّات وبجانبه تلفزيون ملون من النوع القديم وآلة تحكم في الصوت مستطيلة الشكل، حالتها مهترئة، يتوسطها شريط مضغوط تزينه صورتا الزهوانية "ملكة الراي" عندما كانت في ريعان الشباب والشاب عبد الحق.

محل ديسكو مغرب بوهران

بالمقابل خلف المنضدة تصطف رفوف خشبية على محيط جدران المحل، ذات لون بني وشكلي طولي وعرضي، المئات من أشرطة الكاسيت، والأقراص المضغوطة، سواء في موسيقى الراي أو في لون الشعبي أو السطايفي أو القبائلي وحتى اللون الفني الشرقي والغربي، وكلّ هذه الطبوع اجتمعت عند ديسكو مغرب، ما يوحي أنّ هذه المؤسسة كانت في تلك الحقبة أكبر استوديوهات إنتاج في الجزائر.

من يدخل إلى قلب "ديسكو مغرب" سيقف على بوسترات الشاب مامي وخالد، الشاب حسني، أغلفة كاسيت عمرها أكثر من 20 عامًا، لنجوم صنعوا حقبة جميلة من الفن ولا زال بعضهم يصنعها إلى اليوم في الراي أمثال الشاب خالد، مامي، الشابة جنّات، الشاب نصرو، في حين توقف بعضهم عن الغناء لأسباب مختلفة منهم من توفي ومنهم من اعتزل، في صورة الشاب حسان، الشاب فضيلة، الشاب صحراوي.. وغيرهم.

محل ديسكو مغرب بوهران

لا يزال صاحب "ديسكو مغرب" بوعلام بن حوة يحتفظفي رفوف المحل على عدد لمجلة باريس ماتش paris match وصورة الكينغ خالد تتصدر الغلاف، إضافة إلى سماعات موسيقية عرفت شهرة واسعة في التسعينيات، وهاتف سلكي في حالة جيدة داخل خزائن زجاجية شفافة.

من 1980 إلى "ديجي سنايك"

وعادت "ديسكو مغرب" إلى الواجهة كمعلم سياحي يقصده الزوار في الآونة الأخيرة عقب فيديو للمغني والمنتج الفرنسي ذو الأصول الجزائرية "ديجي سنايك"، حيث أراد في عمله المصور ويحمل اسم هذه المؤسسة العريقة في إنتاج أغاني الراي وصناعة نجومه، تخليدها وتكريم الأسماء التي مرّت عليها وبلغت العالمية.

بوعلام بن حوة

وتزامنًا وألعاب البحر المتوسط، في نسختها الـ19، والفعاليات الثقافية والفنّية المرافقة لها، يشهد موقع "ديسكو مغرب" حركية غير عادية، حيث يقصذه زوار وهران ويلتقطون الصور للذكرى أو مشاركتها على حساباتهم بمنصات التواصل الاجتماعي انستغرام وفيسبوك وتويتر.. إلى جانب الوفود المشاركة في التظاهرة الرياضية المتوسطية.

بوعلام بن حوة يقول في حديث إلى "الترا جزائر" إنّ المحل يضم حوالي 400 ألف إلى 500 ألف عمل يشمل أشرطة الكاسيت والأقراص السمعية المضغوطة، وتتوزع بين الموجودة هنا، والموجودة في المخزن والطابق السفلي.

بوعلام بن حوة: إنّ المحل يضم حوالي 400 ألف إلى 500 ألف عمل يشمل أشرطة الكاسيت والأقراص السمعية المضغوطة

ويضيف بوعلام أنّ "المحل، عبارة عن شركة إنتاج أغاني وموسيقى تقع بوهران تأسست عام 1980، شكلّت انطلاقة الفنانين الجزائريين، نحو فرنسا وتحديدًا العاصمة باريس، وبعدها تكون وجهتهم الولايات المتحدة الأميركية وكندا ودول أخرى".