19-يناير-2017

مواجهة تونس والجزائر خلال نهائيات كأس الأمم الأفريقية 2013 (Getty)

بعيدًا عن كرة القدم (فأنا لا أفقه الكثير في الكرة المستديرة والبساط الأخضر، لعبة صارت أفيون الشعوب، وفرقت بين الأخوة في العائلة الواحدة. وبعيدًا عن من سيربح في المقابلة الثانية بالدور الأول من منافسة كأس إفريقيا بين الشقيقتين تونس والجزائر) فقد أعجبتني ثلاثة مشاهد عشية المقابلة بين الشقيقة الكبرى والصغرى، أو كما يردد الشارع الجزائري بأن البلدين عائلة واحدة.

المشهد الأول، العديد من الجزائريين والتوانسة لا يرغبون في خسارة أحد الفريقين، بالرغم من أن اللعبة لا تعترف بالتعادل، فكلاهما يسعيان للظفر بالثلاث نقاط، لكن في الشارع الجزائري والتونسي معًا يتأسف عشاق كرة القدم على تواجد نسور قرطاج ومحاربي الصحراء في مجموعة واحدة، مما سيدفع بأن يكون تشجيع أحد الفريقان عبارة عن ظلم واحد للآخر.

وقف الأشقاء التوانسة إلى جانب الثورة الجزائرية خلال الاحتلال الفرنسي للجزائر ومساعدتهم واحتضانهم وتمهيد الأرضية أمام المجاهدين

المشهد الثاني: وهو عنوان للتضامن بين البلدين في أيام الشدائد والأزمات، وبخاصة خلال اجتياح موجة البرد والصقيع وتساقط الثلوج في الجهة الشرقية للجزائر، والجهة الغربية لتونس، وهو الأمر الذي تسبب في غلق الطرقات وشلل في حركة السير وعزل القرى وعديد المدن بسبب كثافة الثلوج.

اقرأ/ي أيضًا: الجزائر بعد التعادل الأول.. محرز وحده لا يكفي

حيث تدخلت السلطات التونسية لإنقاذ حافلة للسياح الجزائريين كانوا عالقين في منطقة "عين الدراهم " الحدودية، كما اضطر سكان وسلطات عين الدراهم وجندوبة إلى إيوائهم في الفنادق المتواجدة هناك وتقديم لهم مساعدات.

أما في الجهة الأخرى، تدخل الجيش الجزائري في المناطق الحدودية مع تونس مثل قرية حليمة بهدف إيصال المؤونة إلى السكان وإغاثتهم أيضًا، في مشهد يزيح الستار عن علاقة أخوية بين البلدين.

فالقاسم المشترك بينهما هو الآلاف من العائلات التي تحمل الدم الجزائري-التونسي منذ أزيد من نصف قرن بالنظر إلى المصاهرة بين العائلات، وكذا وقوف الأشقاء التوانسة إلى جانب الثورة الجزائرية خلال فترة الاحتلال الفرنسي للجزائر ومساعدتهم واحتضانهم وتمهيد الأرضية أمام المجاهدين.

القاسم المشترك بين تونس والجزائر هو الآلاف من العائلات التي تحمل الدم الجزائري-التونسي منذ أزيد من نصف قرن

المشهد الثالث الذي لفت انتباهي أيضًا هو أن سكان المدن الحدودية، وخصوصًا تلك الواقعة في الشريط الحدودي بين الجانبين، حيث احتفل سكانها باللقاء الذي سيجمع بين البلدين، كما اعتبره الكثيرون بأنه عرسًا بين البلدين الجارين، بوضع الرايتين الوطنيتين الجزائرية والتونسية، في صورة معبرة جدًا.

فكرة القدم هي بالنسبة إلى الشعبين متنفسًا لهما في ظل مشكلات المجتمع، فهم لا يأبهون للجغرافيا التي نحتت فاصلًا بينهما، ويرون أن العلاقات بين البلدين أكبر من أن تعكر صفوها لعبة كرة القدم وروابط تاريخية لا تمحيها تسعين دقيقة.



اقرأ/ي أيضًا:

الحدود الجزائرية.. تحديات السلاح والإرهاب

اللاقمي في الجزائر وتونس.. مشروب بوجهين