28-يوليو-2021

(تصوير: بلال بن سالم/ Getty)

فريق التحرير - الترا جزائر 

كان الهلال الأحمر الجزائريّ من الهيئات التّي أفرزتها منظومة ثورة التّحرير. فقد تأسّس بصفته هيئة إنسانيّة وإغاثيّة عام 1956، لكن لم يتمّ الاعتراف به من طرف الصّليب الأحمر والهلال الأحمر الدّوليّين إلّا عام 1963، أي عامًا بعد الاستقلال الوطنيّ؛ فلعب أدوارًا محمودة، من خلال مكاتبه المنتشرة في كلّ الولايات. وأثبت حضوره بالإضافة إلى المواسم الاجتماعيّة مثل شهر رمضان والأعياد والدّخول المدرسي؛ خلال الكوارث والطّوارئ التّي عرفتها الجزائر.

لقد شرع المواطنون في جمع التّبرعات المالية بأنفسهم لشراء قاروارات الأكسيجين

وكان انطلاقًا من هذا الحضور السّابق متوقّعًا أن يكون حضور الهلال الأحمر الجزائريّ في المشهد الجزائري، الذّي يشهد موجة ثالثة من وباء كورونا ثبت أنّها أصعب وأخطر من سابقيتها، حيث طفت إلى الواجهة أزمة حادّة في الأكسيجين، على مستوى المستشفيات الحكوميّة؛ حتّى أنّ بعضها أعلنت عن موت العشرات بسبب ذلك، مثلما حدث في ولايتي تيزي وزّو وسطيف؛ غير أنّ هذا التّوقّع الشّعبيّ أصيب بخيبة عبّر عنها الجزائريّون في الواقع والمواقع، بنبرة توزّعها الاستنكار والاندهاش والفضول والسّخريّة.

اقرأ/ي أيضًا: الهلال الأحمر الجزائري يفتح حسابًا للتبرّع لصالح الفلسطينيين

ويقرأ النّاشط والجامعيّ أيمن بن محمّد هذا الانتباه الشعبيّ لغياب الهلال الأحمر الجزائريّ عن ساحة التطوّع هذه الأيّام؛ لكونه يملك ميزانية كبيرة هي في العادة من أموال الشّعب ولكون الظّرف الصّحيّ استثنائيًّا في صعوبته وخطورته، "ما معنى تتواجد هيئة خيريّة في الأيّام العادية وتغيب في الأيّام الاستثنائيّة؟".

لقد شرع المواطنون في جمع التّبرعات المالية بأنفسهم لشراء قاروارات الأكسيجين؛ وكذلك فعل بعض المشهورين مثل نوميديا لزول؛ يقول محدّث "ألترا جزائر؛ وهذا يعني أنّهم وجدوا أنفسهم متخلّى عنهم، فكان انتباههم عن تأخّر الهلال الأحمر في المساهمة في نجدتهم طبيعيّيًّا وكان طبيعيًّا أن يتحوّل ذلك الانتباه إلى استنكار وعتاب وسخرية.

من جهته يقول الطّالب الجامعيّ وسيم عبّاسي إنّ الهلال الأحمر الجزائريّ اقترف تقصيرًا شبيه بتقصير من يغيب عن جنازة في عائلته؛ "لقد كنّا ننتظر منه أن يسخّر إمكانياته الماليّة والبشريّة في نجدة المصابين؛ فإذا به يتغيّب حتّى عن تأطير المساعدات والتّبرّعات الشّعبيّة!". يسأل: "ما منعه من تسخير مقرّاته الموجودة في كلّ المدن في تلقيح المواطنين؟ إنّه ليس مهضومًا أن يرى المواطن مساعدات هذه الهيئة متوجهة إلى شعوب أخرى ومحجوبة غنه، في واحدة من أقسى ظروفه".

وتساءل النّاشط مروان بن مداني في تدوينة فيسبوكيّة له: "هل من الممكن أن تشرحوا لي ما وظيفة الهلال الأحمر الجزائريّ؟ و ما هو دوره ومهامه قانونيًّا ؟ لم يسبق لي أن التقيت بهم في مستشفًى معيّن! نحن نعيش في أزمة صحيّة  حقيقيّة".

وكتب الفنّان المسرحيّ شوقي بوزيد بنبرة ساخرة: "الهلال الأحمر الجزائريّ يتعامل بشفافية؟ حدّ  تحوّله إلى هلال شفّاف لا يُرى ولا يُبصر و لا حتّى يُمسّ! وزارة التّضامن في حاجة إلى تضامن". وبالنّبرة السّاخرة نفسها كنب النّاشط محمّد الأمين: "بحث في فائدة الهلال الأحمر الجزائريّ. من رآه فليهبرنا. إنّنا قلقون عليه. خرج ولم يعد".

وذهب الصّحافي عامر بوقطّاية إلى حدّ المطالبة بإلغاء وزارة التّضامن والهلال الأحمر الجزائريّ واصفًا إياهما بالفاشلتين؛ "وزارة وهيئة تستحقّان الإلغاء تمامًا".

هل يؤشّر غياب الهلال الأحمر الجزائري على فشل الهيئات شبه الحكومية القديمة؟

هل يؤشّر غياب الهلال الأحمر الجزائري عن مشهد الإغاثة في هذه الظّروف الوبائيّة الصّعبة التّي تنبئ بانهيار المنظومة الصّحيّة على فشل الهيئات شبه الحكومية القديمة في مواكبة الحاجات والهواجس الشّعبيّة، وهي مطالبة بتجديد رؤاها وهياكلها حتّى تتحاوز ترهلاتها المختلفة؟

 

اقرأ/ي أيضًا:

الجزائر.. جرائم متعددة تهدد تماسك المجتمع

ذوو الاحتياجات الخاصة.. الأكثر اضطهادًا في الجزائر