25-سبتمبر-2019

موانئ دبي كانت تحتكر 70 في المائة من المداخيل (جويل روبين/ أ.ف.ب)

في تصريح إعلامي، أكّد محمد العربي، الرئيس المدير العام لمؤسّسة ميناء الجزائر، أنّ المؤسّسة استرجعت كل فروع مجمّع خدمات الموانئ الجزائرية "سير بور"، التي تمّ التنازل عنها سنة 2015 .

اعتقل الربّان حمزة جعودي على خلفية نشره فيديو يندد فيه باحتكار الشركة الإماراتية

قبل ذلك، وفي في شهر آب/ أوت الماضي، اعتقل ربّان جزائري يُدعى حمزة جعودي، يعمل في البحرية التجارية، وأودع سجن الحرّاش بالعاصمة، لنشره فيديو يندد فيه باحتكار الشركة الإماراتية "موانيء دبي العالمية" لإدارة الموانئ الجزائرية.

اقرأ/ي أيضًا: الإمارات والحراك الجزائري.. عداء قديم متجدد

وقال الشاب في الفيديو المتداول على مواقع التواصل الاجتماعي، إنّ 70 في المائة من مداخيل الموانئ يعود لدولة الإمارات، داعيًا إلى" استرجاع الموانئ الجزائرية ممن وصفهم بـ المستعمرين الاقتصاديين".

بعد قرار استعادة أسهم ميناء الجزائر، جاء في بيان للفرع النقابي بمؤسّسة ميناء الجزائر، أنه تمّت المصادقة على استرجاع، كل فروع المؤسّسة من بينها موانئ دبي الجزائر العالمية، "وبهذه المناسبة تلقى كلّ عمّالها التهاني احتفاءً بهذا الإجراء، الذي يعتبر إنجازًا للشركة".

شقيق الربّان حمزة جعودي، لمّ يفوّت بدوره فرصة التعقيب على هذه الإجراءات الأخيرة، التي أقرّت استعادة الأسهم الجزائرية، ونشر فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي، جدّد فيه مطلبه بإطلاق سراح أخيه، موضّحًا أنّ شقيقه كان على حقّ  حينما عارض السيطرة الإماراتية على موانئ الجزائر، معتبرًا أن "ما قام به كان بدافع غيرته على وطنه، واعتراضًا على نهب ثروات البلاد من طرف شركة أجنبية".

وكانت مؤسسّة موانئ دبي العالمية، وبموجب عقد مع الحكومة الجزائرية بتاريخ آذار/ مارس 2009، قدّ تحصّلت على تسيير وإدارة مينائي الجزائر العاصمة، وميناء جن جن بولاية جيجل شرقي البلاد، لمدّة ثلاثين سنة.

"سير بور" يكذّب

وردًا على الشائعات المتداولة، حول بيع أسهم ميناء دبي لمجموعة "سير بور"، أكّد المدير التنفيذي للمجمع  جلول عاشور في تصريح لموقع "إيكو ألجيري" أن الاتفاقية تتعلّق بإعادة حقوق المساهمين لأصحابها، "وأنّ الاتفاقية لن تؤثّر على الشراكة مع موانئ دبي العالمية".

 وأشار جلول عاشور، أنه في عام 2016 تسلّم مجمع "سير سبور" أسهم مؤسّسة موانئ الجزائر، لكن مع مرور الوقت، لاحظنا وجود اختلال وظيفي في التسيير، ونقص في الفعالية والمردودية، مضيفًا، أنّه بسبب هذا تقرّر إعادة الأسهم إلى مؤسّسة ميناء الجزائر.  

ونفى السيد عاشور، أي مراجعة أو تعديل للشراكة التي تربط مؤسّسة ميناء الجزائر بمؤسّسة موانئ دبي العالمية، و التي ما تزال حسبه سارية وفقًا للعقود المبرمة بين الطرفين.

تقليص النفود الاماراتي ؟

في مقابل ذلك، اعتبر بعض المراقبين أن خطوة استرجاع مؤسسة ميناء الجزائر لفرع دبي موانئ الجزائر، ماهي إلا العودة إلى الاتفاق الأوّل الموقع بين الحكومة الجزائرية والشريك الإماراتي، تأسّست  خلاله الشراكة المسمّاة "ديبي ورد جزائر". 

من جهته أوضع السيّد وليد (إسم مستعار)، وهو أحد الكوادر في الشركة، في حديث إلى "الترا جزائر"، أن تعليمات فوقية وبقرار سياسي في سنة 2016،  كانت وراء تحويل "ديبي وورد جزائر" إلى مجمّع خدمات الموانئ الجزائرية "سير بور"، في ظروف غامضة، علمًا أن المجمع يسيّر أحد عشر ميناءً على المستوى الوطني، ويمتلك صلاحيات موسّعة في مجال النقل البحري واللوجستيك، ويُذكٍّر المتحدّث، أن الاتفاق الموقع سابقًا بين المؤسسة ميناء الجزائر، يحدّد صلاحيات موانئ دبي العالمية، في نشاط تفريغ وشحن الحاويات فقط، بينما توكل إلى مؤسّسة ميناء الجزائر مهمّة إدارة الميناء، معتبرًا أن "الاستراتيجية العالمية لموانئ دبي أبعد من أن تقتصر على تفريغ وشحن الحاويات".

تحييد الخواص

في سياق مرتبط، وما يعزّز فرضية محاولة الجزائر تقليص المطامع  التوسّعية لموانئ دبي العالمية، هو القرار الحكومي الذي صدر مؤخّرًا، يسعى فيه إعادة النظر في نشاط الموانئ، وشروط الاعتماد الموانئ الجافة، حيث صدرت تعليمة حكومية وقطاعية، بتوقيف اعتماد الموانئ الجافة الخاصّة، وتحويل الحاويات إلى الموانئ العمومية، كما تقرّر استغلال كل القدرات الوطنية في مجال النقل البحري للبضائع، وتعزيز الأسطول البحري الذي تمّ تعزيزه بعشر بواخر، لم يتمّ استغلالها تمامًا، كما تمّ تكليف المؤسّسة الوطنية للنقل البحري، باستيراد مادتي الحليب والقمح اعتمادًا على الأسطول البحري الجزائري بشكلٍ حصري، وهذي القرارات تمسّ كامل القطاع المينائي والبحري.

أهداف  سياسية أم تجارية ؟

تدير موانئ دبي العالمية حول العالم 78 محطة بحرية، موزّعة على 50 دولة، تشمل 6 قارات، ولها عدة مشاريع مستقبلية، وتهدف الإمارات عبر شركة موانئ دبي، إلى فرض سيطرة استراتيجية،تسمح لها بالريادة في مجال التجارة الدولية، هدفها الوصول إلى موانئ الولايات المتحدة الأميركية، بعد سيطرتها على موانئ في القرن الافريقي  في جيبوتي، واليمن والصومال، وتعتبر الجزائر محورًا هامًا في الحوض المتوسّطي، كمعبر  إلى أروبا شمالًا، وإلى الساحل الأفريقي جنوبًا، وهو بحر متّصل بالمحيط الاطلسي.

تلقّت الإمارات في الفترة الأخيرة، عدّة ضربات من دول القارة الأفريقية القارة الأفريقية، فقد  أعلنت يبوتي سنة 2018، عن فسخ عقدها مع شركة موانئ دبي وتأميم موانئها، كما صوت البرلمان الصومالي، عن حظر عمل الشركة في البلاد، خاصة ميناء بربرة، الذي قام بإبرام عقده دون موافقة الحكومة المركزية .

من جانبه، تواجه موانئ دبي العالمية في الجزائر العديد من الانتقادات، من طرف الشريك الاجتماعي، حيث انتقدت نقابة القطاع المتعامل الإمارات، بعدم الوفاء لدفتر الشروط المتّفق عليها، من تحفيز البنى التحتية، وتقليص الاكتظاظ في ساحة الحاويات والتأخير الإداري في الميناء، وشهد ميناء الجزائر عدة حركات احتجاجية، كان آخرها شهر فيفري/ شبّاط من السنة الجارية.

فشل الشراكة

وبخصوص نجاعة الشراكة بين المتعامل العمومي والشريك الإماراتي، أوضح الخبير الاقتصادي إسماعيل لالماس في حديث إلى"الترا جزائر"، أنه إلى غاية اليوم لم تحقّق هذه الشراكة أيّة إضافة نوعية وملموسة إلى الاقتصاد الوطني، بل بالعكس يضيف المتحدّث، "فقد عرف النشاط المينائي ارتفاعًا في تكلفة الخدمات، إلى مستويات قياسية، ما انعكس سلبًا على الأسعار المواد الأساسية المستوردة التي عرفت ارتفاعًا هي الأخرى، زيادة إلى تكاليف إضافية على المتعاملين في مجال التصدير. علمًا أن التأخير والتباطؤ في عملية تفريغ وشحن الحاويات لا يزال قائمًا".

يُشير الخبير الاقتصادي إسماعيل لالماس إلى أن سوء تسيير هذه المؤسّسة، يكلّف البلاد خسائر باهظة من العملة الصعبة

يُشير الخبير الاقتصادي، أن وضعية سوء تسيير هذه المؤسّسة، يكلّف خسائر باهضة من العملة الصعبة، تتحمّل الخزينة العمومية أعباءها المالية، فهي المكلّفة بدفع الخسائر الناتجة عن غرامات التأخير "سير بور"، وتكبّد زيادات في رسوم التخزين، والتي تقدر ما بين 10000 إلى 20000 دولار يوميًا.

 

اقرأ/ي أيضًا: 

بعد تصويتهما ضدّ المغرب.. الجزائريون ساخطون على الإمارات والسّعودية

"لا للإمارات في أرض الشهداء".. الحراك الجزائري يشخص أعداءه