28-أكتوبر-2023
غوانتانامو

معتقل غوانتنامو (أ.ب)

أفرجت السلطات الجزائرية عن ساعد بخوش، المعتقل السابق بسجن غوانتانامو، الذي تم احتجازه مباشرة بعد تسلّمه من الولايات المتحدة الأميركية في 20 نيسان/أفريل الماضي.

الجزائر واجهت حملة شرسة من منظمات حقوقية غير حكومية زعمت بأن الموقوف راح ضحية إساءة معاملةٍ

واستنادًا إلى إفادة محاميته؛ فإن بخوش البالغ من العمر 52 عامًا، انتقل قبل أيام للإقامة مع عائلته بالشرق الجزائري، بعد حصوله على الإفراج المؤقت من قبل القضاء، ودون أن تفرض عليه قيودًا على الحركة إلى غاية تحديد موعدٍ جديد لمحاكمته.

وجاء الإفراج عن بخوش، الذي يعدُّ آخر معتقل جزائري بسجن غوانتانامو، امتدادًا لقرارات سابقة للسلطات الجزائرية التي أخلت سبيل كل المرحلين من السجن الأميركي بعد التحقيق معهم.

ويُعاني المتهم من مشاكل صحية ونفسية بسبب المدة الطويلة، التي قضاها في غياهب السجن والتي قدرت بـ 21 عامًا، وفق ما ذكره محاموه الأميركيون في تموز/جويلية الماضي.

توضيح..

وقد واجهت الحكومة الجزائرية حملة شرسة من منظمات حقوقية غير حكومية، زعمت بأن الموقوف راح ضحية إساءة معاملةٍ رغم هشاشة وضعه الصحي والنفسي، قبل أن تستلِم هيئات حقوقية أممية الملف، إذ تقدّم المقرر الخاص المعني بمكافحة الإرهاب وحقوق الإنسان، والفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي والمقرر الخاص المعني بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة والفريق العامل المعني بحالات الاختفاء القسري أو غير الطوعي، ببلاغ  في 8 آب/أوت الماضي للسلطات الجزائرية تحدثوا فيه عن مزاعم بتعرضه لإساءة معاملة والحرمان من الرعاية الطبية والنفسية.

وهو ما كذّبته السلطات بشدّة نافية تعرّضه لأي إساءة معاملة؛ وقالت في ردها المؤرخ في 7 تشرين الأول/أكتوبر الجاري (قبل الافراج عنه): ''إن بخوش حظي بالمتابعة الصحية بصفة دورية من طرف الطاقم الطبي للمؤسسة العقابية وحالته مستقرة.''

وتضمّن الرد الجزائري معلومات عن أسباب توقيف السجين السابق، الذي قضى عقدين من الزمن في غوانتانامو، حيث أقرّ عند سماعه من قبل المحققين بـ "انتمائه إلى التنظيم الإرهابي المسمى "تنظيم القاعدة" بأفغانستان وتلقى تدريبًا عسكريًا هناك وبقي ينشُط في هذه التنظيمات الإرهابية، إذ شارك في عدة عمليات إرهابية في دولة أفغانستان، كما التقى بعدة مسؤولين في تنظيم القاعدة من بينهم أسامة بن لادن، وسيف العدل أبو الحسن محمد صالح، وأيمن الظواهري".

وتبعًا لتلك الاعترافات وُضِع المعني تحت النظر من تاريخ 20 نيسان/أفريل 2023 على الساعة الواحدة ظهرًا (13:00) إلى غاية الثاني من أيار/ماي 2023، وقرّر تمديد مدة التوقيف للنظر خمس مرات في القضايا الإرهابية طبقا للمادة 51 من قانون الإجراءات الجزائية، حسبما جاء في الرد.

الجزائر ردّت على مراسلات أممية بشأن السجين بخوش ووضحت بأنّه كان تحت النظر وفي مكان معلوم لدى القضاء

وأكّدت الحكومة أن المتهم مُكِن من جميع الحقوق المنصوص عليها في قانون الإجراءات الجزائية لا سيما الحقوق الواردة في المادة 51 مكرر 1 منه (حق إجراء اتصال هاتفي بعائلته أو محاميه وكذا تلقى زيارة من أحد أفراد عائلته وتم تمكينه من ذلك).

إضافة إلى ذلك تمّ عرضه على الطبيب من أجل الفحص الطبي بعد انتهاء فترة التوقيف تحت النظر (وأرفق الرد بنسخة من الشهادة الطبية مرفقة).

وتعقيبًا على ملاحظات المقررين الأمميين بخصوص حجز المتهم في مكان سري، قالت الحكومة ''إنّ المعني كان موقوفًا للنظر ضمن المدة المنصوص عنها قانونًا وتحت إشراف وكيل الجمهورية (قاضي) الذي أمر بتجديد توقيفه للنظر، وفي مكان معروف لدى السلطات القضائية التي يمنحها القانون زيارته وتفتيشه في أي وقت وعليه فإن المعني لم يكن في حجز تعسفي بل كان موقوفًا للنظر تحت رقابة القضاء للاشتباه في ارتكابه أفعالا ذات وصف إرهابي".

وأفادت أنه بعد تقديم المعني أمام نيابة الجمهورية لدى محكمة بوفاريك (ولاية البليدة) بتاريخ الثاني من أيار/ماي 2023 تمت متابعته بموجب طلب افتتاحي لإجراء تحقيق لأجل جناية الانخراط في منظمة إرهابية تنشط بالخارج طبقا للمواد 87 مكرر و87 مكررة من قانون العقوبات مع التماس أمر الإبداع في حقه.

وأضافت أنه بعد استجواب المتهم عند الحضور الأول، أصدر قاضي التحقيق أمرًا بوضعه رهن الحبس المؤقت. كما تأسّس في حقه المحامون بن بكير وبومرداسي حسيبة وبن زعيم نور الدين وتم تمكينهم من رخص الاتصال به من طرف قاضي التحقيق.

وأفادت إن حبس المعني مؤقتًا تم بموجب أمر قضائي أصدره قاضي التحقيق المختص طبقًا لأحكام المادة 123 مكرر من قانون الإجراءات الجزائية ولم يكن حبسًا تعسفيًا.

وتضمن الرد قائمة بالزيارات التي حصل عليها من شقيقه وفريق دفاعه، والفحوصات والزيارات الطبية التي خضع لها.

لي الذراع

واعتبر رئيس اللجنة الوطنية الاستشارية لترقية حقوق الإنسان السابقة، المحامي فاروق قسنطيني، أنّ السلطات الجزائرية تعاملت مع رعاياها المعتقلين سابقًا بغوانتانامو بحِكمة، منتقدًا الضغط الذي مُورِس عليها في قضية ساعد بخوش.

ووصف قسنطيني، في تصريح  لـ "الترا جزائر" البلاغات والبيانات التي صدرت في حق الجزائر، بـ"محاولة لي الذراع".

ودافع رئيس اللجنة الوطنية الاستشارية لترقية حقوق الإنسان السابقة عن طريقة تعامل السلطات الجزائرية مع الموقوفين السابقين في غوانتانامو وإخضاعهم للتحقيق، وقال: "الجزار سيّدة في قرارها، ويجب أخذ الوقت الذي يُتِيحه القانون في التحقيق مع المرحلين وخصوصًا المشتبه بهم في قضايا الإرهاب."

وتابع: ''القضاء مُستقل والجزائر سيدة في قراراتها.. وسبق لنا أن تعاملنا مع حالات مرحلين سابقين من سجن غوانتانامو ونالوا في الأخير الإفراج والحرية".

آخر جزائريي غوانتانامو

وكانت وزارة الدفاع الأميركية أعلنت في بيان لها في نيسان/أفريل الماضي أن سعيد بن إبراهيم بن عمران بخوش، وهو آخر سجين من جنسية جزائرية بالمعتقل، نُقِل إلى الجزائر بعدما صدر في وقت سابق من هذا العام قرار رسمي بالإفراج عنه.

وأضافت الوزارة الأميركية بأن إبقاء بخوش (52 عامًا) قيد الاعتقال "لم يعد ضروريًا لحماية الولايات المتحدة من تهديد كبير متواصل لأمنها القومي".