أعاد افتتاح مهرجان الراي على مسرح الراحل حسني شقرون بعد خمسة عامًا من غيابه عن وهران الذي ترعرع بها واشتهر بين أحيائها العتيقة، ذاكرة سنوات لأغنية الراي مع حسني ومامي وخالد، كما رجع بالذاكرة إلى صور مقاومة الجزائريين للاستعمار الفرنسي الذي حارب طوال 132 عامًا الهوية والتراث والكلمة الهادفة التي تحمل في طياتها النضال والمقاومة.

محافظ مهرجان أغنية الراي:  الأغنية الرايوية هي الطابع الجزائري والعربي الوحيد الذي استطاع في وقت قياسي بلوغ العالمية

عاشت مدينة وهران حاضنة موسيقى الراي العالمية، أجواء استثنائية بعودة مهرجان الراي إليها بعد 15 سنة من الغياب بسبب نقل فعالياته إلى مدينة سيدي بلعباس، في السنوات الماضية، حيث استضافت الدورة الـ 12 مشاهير هذا الطابع الفني، فتألقوا على مسرح يحمل اسم عندليب الراي حسني شقرون الذي أسكتت صوته بنادق الإرهاب خلال العشرية السوداء قبل نحو 28 عامًا.

اقرأ/ي أيضًا:

الشاب حسني في ذكرى اغتياله.. أغنية بين طلقتين

الموسيقى سلاح

عودة مهرجان الراي إلى مدينته الأم تتزامن والاحتفال بالذكرى الستين للاستقلال (1962)، وكان خطاب الافتتاح على لسان محافظه محمد بوسماحة مفعمًا بالوطنية والحماس وارتباط موسيقى الراي بتاريخ الجزائر المجيد، تاريخ نضالها الطويل ضد الاستعمار الفرنسي الذي سعى لمحو هوية الجزائريين، وطمس فنّهم وتغريب ثقافتهم ولكنّه فشل بفضل مقاومة شهداء الكلمة وشهداء اللحن الذين كانوا سندا للأبطال في الجبال والقرى والمداشر، بل كانوا صوت الجزائر في المحافل الدولية، ولعلّ أبرز مثال على ذلك الفرقة الفنية لجبهة التحرير الوطنية التي ساهمت في التعريف بالقضية الجزائرية وكانت تتشكل من خيرة وألمع الفنانين الذين تركوا بصمات خالدة في ريبرتوار الفن الجزائري بشكل عام سواء المسرح أو في السينما أو في الموسيقى.

وبالتالي، موسيقى الراي أو أغنية الراي في الغرب الجزائري كانت جزءًا لا يتجزأ من هذا النضال الفنّي من خلال شعراء ومطربين وملحنين صوّروا معاناة الشعب الجزائري إبّان حقبة الاحتلال، وسعوا لإيصال صوت الجزائر إلى العالم، لذلك يبقى الراي ليس مجرد موسيقى وكلمة عاطفية ومقاطع حماسية، أو أغاني تنقل الواقع، بل هو ذاكرة أجيال وكتاب يروي تاريخ بلد مقاوم، تاريخ شعب لم يرضخ للاستدمار طوال 132 عامًا،

ولم تحد رسالة حفل افتتاح النسخة الثانية عشر لمهرجان الراي عن هذا السياق، بل أكدّت روح المقاومة التي اتسم بها الراي منذ نشأته في مدن الغرب الجزائري إلى غاية شهرته بالباهية وهران، وبدء من شيوخ اعتمدوا الكلمة كسلاح ضد العدو ودعمًا للمقاومين في الجبال.

محافظ الهرجان بوسماحة محمد قال في كلمة الافتتاح بحضور وزيرة الثقافة صورية مولوجي، إنّ الراي لا يجب أن تتبناه ولاية معينة، لكونه طابع موسيقي وغنائي ولد في الغرب الجزائري وهو طابع جزائري محض في ظلّ الاختلاف حول الولاية التي نشأ فيها.

 بوسماحة أضاف أنّه "سعيد بأن يرى أغنية الراي تشارك بلادها الأم الجزائر، ذكرى استقلالها الستين بعد أن رافقتها بالأمس كوسيلة فنية أرّخت معاناة شعب مع الاحتلال، وكانت محرضة للأبطال على الانتفاضة ضد المحتل".

 وتابع  المتحدث: "وبعد أن عبّرت عن معاناتنا شعبًا رافقته وكانت أنيسًا له أيام المحنة، شاركته أفراحه وأيام السلم والنهضة لنصل إلى ما نحن عليه اليوم بفضل الله والرجال".

وتابع قوله: "أغنية الراي تفتخر اليوم بأن تكون جزءًا من موروث ثقافي وتراثي عظيم لدولة عظيمة، تستقبل به زوارها من مختلف أنحاء العالم، بمناسبة ألعاب المتوسط، أغنية الراي لن تعرّف بنفسها للعالم لأنّ العالم يعرفها جيدًا، وباعتبارها الطابع الجزائري والعربي الوحيد الذي استطاع في وقت قياسي بلوغ العالمية".

عودة الملك حسني

وبالمقابل، الراي موسيقى الحب والجمال والحماس، موسيقى تصويرية للواقع، تحكي يوميات الشباب، معاناتهم وآمالهم وطموحاتهم التي عبرت عنها أغاني كثيرة من بينها التي أدّاها الشاب خالد ومامي وصحراوي، والراحل حسني، والأخير عاد مكرّما بين أهله وفي مدينته وعلى مسرحه في ليلة خاصة.

تكريم حسني في سهرة افتتاح الطبعة الثانية عشر، جاء في إطار برنامج أعدته المحافظة لتكريم نجوم الراي سواء الذين على قيد الحياة أو الذين رحلوا. كما قام فنانون أمثال هواري الدوفان والشيخ النعام كاتب كلمات وملحن، قام بكتابة أشهر الأغاني التي ذاع صيتها بصوت المرحوم حسني من بينها "يا ولفي وعلاش"، و"لي بيني وبينها".. إلخ.

وقال الشيخ النعام في حديث لـ "الترا جزائر" أهديت التكريم للمرحوم حسني الشاب الذي لم يشبع دنياه، كما أهديته لروح الفنانين الذي فقدناهم أمثال بلاوي الهواري، الشيخ فتحي،أحمد وهبي، الممثل السينمائي الذي توفي مؤخرًا أحمد بن عيسى،  والممثل الراحل حزيم، لكن هذا الحفل الافتتاحي خصص لحسني رحمه الله.

مهرجان أغنية الراي يشهد مشاركة 21 فنانًا أمثال الشيخ النعام، هواري الدوفان، الشاب ناصيرو، بلال الصغير

والجدير بالذكر أنّ مهرجان الراي في نسخته الثانية عشر التي تستمر إلى 30 حزيران/جوان، يشهد مشاركة 21 فنانًا أمثال الشيخ النعام، هواري الدوفان، الشاب ناصيرو، بلال الصغير، فرقة راينا راي، هواري بن شنات، الشابة الزهوانية.. وأسماء أخرى.

اقرأ/ي أيضًا:

"الراي الجزائري" على طاولة اليونيسكو رسميًا

يوشي كاسوي.. أغنية الراي في طوكيو