08-أكتوبر-2019

إسلام سليماني (الصورة: ALG 24)

لم يشكّل استدعاء قلب هجوم المنتخب الجزائري إسلام سليماني، من قبل المدرّب جمال بلماضي هذه المرّة للمباراة الوديّة المنتظرة أمام كولومبيا، مفاجأة لكثير من المتابعين والنقاد، خلافًا لما حدث في شهر أيّار/ماي الماضي، حين استُدعي ضمن التشكيلة التي خاضت منافسة كأس أمم إفريقيا بمصر، وذلك بعد أن استطاع صاحب الأهداف الرأسية، أن يبعث تألقه من جديد مع ناديه موناكو الذي التحق به بداية الموسم، وأصبح أحد لاعبيه الأساسيين في كلّ المباريات.

يسعى سليماني حتى وهو في هذا العمر، للحفاظ على المستوى الذي ظهر به منذ بداية الموسم في الدوري الفرنسي

لعلّ المتابع للظروف التي عاشها سليماني منذ مغادرته فريقه السابق سبورتينغ ليشبونة نحو ليستر سيتي الإنجليزي، الذي أعاره العام الماضي لفنربخشة التركي وهذا الموسم لموناكو، يتأكّد من جديد أنّ في كرة القدم لا شيء مستحيل، مع اللاعبين من أمثال ابن مدينة الشراقة بالعاصمة الجزائر، الذي تستحق مسيرته الكروية التوقّف والتأمل عندها.

اقرأ/ي أيضًا: رفيق حليش.. اعتزال آخر أبطال أم درمان

عودة قويّة

بعد موسم مخيّب قضاه العام الماضي مع فنربخشة، التحق سليماني بداية هذا العام بنادي موناكو الفرنسي على سبيل الإعارة من ليستر سيتي، لكن مع بند يتضمّن إمكانية شراء عقده كاملًا.

بالنسبة لسليماني العائد هذا الصيف من أرض الفراعنة بالتاج الإفريقي، مثّل له الالتحاق بنادي الإمارة الفرصة الأخيرة لإثبات مهاراته من جديد، وإلا سينضمّ إلى قائمة اللاعبين الذين انتهت صلاحياتهم، وما يكون عليه سوى الاعتزال أو الالتحاق بإحدى الأندية العربية مثلما فعل باقي زملاؤه في المنتخب عند قرب نهاية مسيرتهم الكروية.

واستطاع سليماني بالعزيمة التي انضمّ بها لفريق الإمارة، أن يحصد جائزة أحسن لاعب في النادي لشهر أيلول/سبتمبر الماضي التي يختارها جماهير النادي.

وجاء هذا التصويت بعد الأداء المميز الذي قدّمه الدولي الجزائري خلال الشهر الماضي، بتسجيله أربعة أهداف وتقديمه خمس تمريرات حاسمة، وهو الذي التحق بالنادي في 21 آب/أوت الماضي فقط.

وبالوجه اللافت الذي يقدّمه مع موناكو، تمكّن سليماني من أن يكون ضمن التشكيلة المثالية للدوري الفرنسي التي تضعها وسائل الإعلام المتخصّصة أسبوعيًا، والحصول على علامات ممتازة وصلت إلى 9 نقاط.

مسيرة حافلة

إن المتتّبع للمشوار الكروي لإسلام سليماني يتأكد أن اللاعب البالغ من العمر 31 سنة، لم يصل إلى هذا المستوى إلا بعد المرور بعدة محطّات صقلت موهبته، بداية بناديه الشراقة الذي برز فيه، لينتقل بعدها في 2009، لنادي شباب بلوزداد الذي كان بوابته للالتحاق بسبوتينغ لشبونة البرتغالي الذي لعب له بين 2013 و2016.

وانتقل سليماني بالبرتغال، في فترة كان نادرًا ما يوقع فيها لاعب جزائري في الدوري المحلّي مع ناد أوروبي، حيث كان الاستثناء فقط لزميله هلال العربي سوداني وقبلهما رفيق حليش.

وبعد لشبونة، التحق سليماني بليستر سيتي عام 2017، في صفقة تعدّت قيمتها 30 مليون يورو، غير أن رحلته لبلاد الإنكليز لم تكن موفّقة؛ فلعب لفترات مع النادي الذي اشترى عقده، لكن سرعان ما أعير لنيوكاسل في تجربة لم تكن موفقّة هي الأخرى وبعدها إلى تركيا من بوابة فنربخشة.

خلال هذه المسيرة الأوروبية، خاض سليماني عدّة مباريات في الدوريات المحليّة التي لعب فيها، كانت أبرزها تلك التي توّجت بحصوله على كأس البرتغال مع لشبونة سنة 2015، كما خاض عدّة مواجهات في المنافسات الأوروبية سواءً في دوري الأبطال أو دوري أوروبا.

ورغم أن ترتيب موناكو هذا الموسم، يظلّ في المركز الـ16 على عكس الوجه الذي كان يظهر به في المواسم الماضية، إلا أنّ إسلام سليماني استطاع أن يشدّ إليه الأنظار حتى الآن بالمستوى الذي يقدّمه، والذي قد يسمح للاعب الثلاثيني بأداء موسم كروي شبيه بما كان يقدمه مع لشبونة.

مونديال 2022

يسعى سليماني حتى وهو في هذا العمر، للحفاظ على المستوى الذي ظهر به منذ بداية الموسم في الدوري الفرنسي حتى الأعوام القادمة، بهدف ضمان مكان في المنتخب الجزائري، يسمح له بخوض "كان 2021" بالكامرون، وأيضًا المرور إلى المونديال للمرّة الثانية في مسيرته الكروية في موعد قطر عام 2022، بعدما كانت له الفرصة لحضور العرس العالمي في البرازيل سنة 2014، حيث تأهّل رفقة الخضر لأوّل مرّة للدور الثاني في أكبر المواعيد الكروية.

ورغم أن المأمورية تبدو صعبة، في ظلّ بروز جيل جديد من المهاجمين كبغداد بونجاح، وأندي ديلور، ووجوه أخرى قد تظهر هذا العام أو المواسم التي تليه، إلا أن سليماني الذي برهن في أكثر من مرّة أنه قادر على فعل المستحيل واقتناص فرص الحظ التي تصادفه في إمكانه حضور العرس العالمي من جديد، في حال تأهل محاربو الصحراء لموعد قطر، خاصّة وأن الناخب الوطني جمال بلماضي، أبدى في أكثر من مرة ثقته الكبيرة في ابن الشراقة وفي قدرته على جعل الخيبات تتحوّل إلى نجاحات متكرّرة.

وقبل الوصول إلى موعدي الكامرون وقطر، سيكون على إسلام سليماني الذي يملك في سجله الكروي 62 مباراة مع المنتخب الوطني، سجل فيها 28 هدفًا، العمل بجد لتجاوز التصفيات المؤهّلة للموعدين اللذين لن يكون الوصول إليهما سهلًا، حتى ولو كنت بطل إفريقيا لعام 2019.

بالنسبة لكثير من الشباب الجزائري، قد لا يشكّل مشوار سليماني الكروي مجرّد  سيرة للاعب سطع نجمه في عالم الساحرة المستديرة

بالنسبة لكثير من الشباب الجزائري، قد لا يشكّل مشوار سليماني الكروي مجرّد  سيرة للاعب سطع نجمه في عالم الساحرة المستديرة، إنما يشكلّ أيضًا أنموذجًا للجزائري الناجح، الذي استطاع تخطّي كل الصعاب التي يغرق فيها البلد في شتى المجالات حتى يُصبح اليوم أمير موناكو الجديد.

 

اقرأ/ي أيضًا:

بلماضي لن يُدرّب اللاعبين المحلّيين.. الخلاف مع "الفاف" يشتد

جمال بلماضي .. هل يستعيد هيبة "محاربي الصحراء"؟