29-مارس-2024
عبد القادر بن قرينة

عبد القادر بن قرينة، رئيس حركة البناء الوطني (الصورة: فيسبوك)

انضم عبد القادر بن قرينة رئيس حركة البناء الوطني الشريك في التحالف الرئاسي إلى المطالبين بتنظيم انتخابات تشريعية ومحلية في الجزائر قبل عامين عن موعدها المقرر، ما أثار اهتماما بالغا لدى الأوساط السياسية نظرا لسياقاته وتوقيته ومراميه، إذ جاء بعد أيام معدودة من إعلان استدعاء انتخابات رئاسية مسبقة، وعقب لقاء بن قرينة بالرئيس عبد المجيد تبون .

دور سياسي

و اعتبارا لمكانة بن قرينة في منظومة الحكم وقيامه بأداور لصالحها حسب الملاحظين فقد فهم من تصريحاته بأنها إشارات غير مشفرة  للمعارضة بالتزامن مع ما يدور في صالونات سياسية منذ فترة معلومات عن احتمال إقدام السلطات على إجراء انتخابات تشريعية مسبقة في سياق عملية انفتاح على المعارضة وإعادة إدماجها في المؤسسات المنتخبة، ومنها حزب العمال، والتجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، وجبهة القوى الاشتراكية التي قاطعت كليا أو جزئيا الانتخابات السابقة، زيادة عن محاولة تجاوز حالة الركود والانسداد التي يوجد عليها البرلمان الجزائري المكون من وجوه تفتقد للكفاءة والتجربة السياسية رغم وجود عدد هائل من حملة الشهادات الجامعية العليا .

وفي هذا الصدد، يرى الناشط والحقوقي سعيد زاهي أن ما أقدم عليه بن قرينة مجرد "بالون اختبار وإستراتيجية من قبل توابع النظام لسد فراغ الساحة السياسية".

سعيد زاهي لـ "الترا جزائر":  بن قرينة مجرد "بالون اختبار" وإستراتيجية من قبل توابع النظام لسد فراغ الساحة السياسية

وأوضح زاهي في حديث لـ "الترا جزائر"، أنه "من اللافت أن الاختيار وقع على بن قرينة لتولي هذا الدور منذ الحراك الشعبي الذي لفظ الأحزاب التقليدية للموالاة وهما حزبا جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي".

 واستطرد قائلا " أن السلطة تجاوزت الانتخابات الرئاسية المسبقة ودخلت في مرحلة تحضير لما هو قادم". ونبّه في السياق ذاته إلى أن ما يمارسه بن قرينة "بالإدلاء بتصريحات ورسائل توحي بأنه موكل بمهمة تحضير الرأي العام لخطة استباقية للنظام لأجل احتواء كل انزلاق أو مفاجآت مستقبلية تهدد وجوده"، وتأسف من كون هذه الممارسات" أبعد من أن تؤسس حوارا شفافا وتفتح المجال الإعلامي والسياسي وتساهم في إطلاق سراح معتقلي الحراك والرأي".

حب الأضواء

بالمقابل يتداول داخل أوساط قوى الموالاة بأنه لا غرابة في تصرف بن قرينة الذي عود الساحة منذ عقود سنوات على تسليط الأضواء عليه، والبقاء في واجهة الأحداث ولا يتردد في كسر الطابوهات وإثارة نقاشات وقضايا جدلية بغية التأثير في قرارات أو توجيه سياسات السلطة والمنافسين، إلا أن هذه الدوائر السلطة تخشى من تؤدي إثارة النقاش حول الانتخابات المحلية إلى توجيه الأنظار بعيدا عن الانتخابات الرئاسية، زيادة على ذلك ما قد يوحي حل البرلمان به قبل عامين من الانتخابات وتأكيد الصورة النمطية وجود أزمة سياسية هيكلية ، في حين أن الظروف الراهنة التي تعيشها الجزائر تختلف كلية عن ظروف وحيثيات حل البرلمان سواء في 1965 أو كانون الثاني/جانفي 1992 أو في آذار/مارس2021 .

عوّد بن قرينة الساحة منذ عقود سنوات على تسليط الأضواء عليه، والبقاء في واجهة الأحداث ولا يتردد في كسر الطابوهات وإثارة نقاشات وقضايا جدلية بغية التأثير في قرارات أو توجيه سياسات السلطة والمنافسين

وذهب مسؤول حزبي من الموالاة فضل عدم الكشف عن هويته إلى الاعتقاد بأن هذا المطلب لا يغدو عن كونه محاولة عقد صفقة أو عملية مقايضة مع مرشح السلطة يمنح بموجبها دعم حزبه وقواعده مقابل قرار حل المجالس التشريعية والمحلية المنتخبة، على أمل زيادة رصيد حزبه من المقاعد في البرلمان والحكومة المقرر أن تنبثق عن الأغلبية الجديدة.

صدمة

وأثارت دعوة بن قرينة صدمة لدى أعضاء البرلمان بن فيها مجموعته البرلمانية لحركة البناء الوطني في مرحلة يشتكي النواب مما يصفوه حملة إعلامية وسياسية حط من مكانتهم، في شكل تركيز إعلامي مكثف على ملفات نزع الحصانة النيابية والأجور والزيادات في المنح .

 وكتب النائب حليم بن شريف عضو المجموعة البرلمانية للتجمع الوطني الديمقراطي في تدوينة له منصة التواصل الاجتماعي فيسبوك قائلا:"البرلمان الحالي زكاه رئيس الجمهورية بقوله بأنه نظيف،والذي يتمنى أن يرافق الانتخابات الرئاسية انتخابات تشريعي مسبقة (أي بن قرينة) فمن الواضح أنه يريد رئيس آخر غير تبون".

دعدغة مشاعر المعارضة

ويلقى هذا المطلب اهتمام قوى المعارضة التي قاطعت المؤسسات البرلمانية،وتطالب بإعادة تشكليها وفي هذا السياق صرح رشيد حساني مسؤول الإعلام بالتجمع من أجل الثقافة والديمقراطية لـ "الترا جزائر"أنه "من المتعارف عليه أن رد السلطة واستجابتها في أعقاب الثورة الشعبية الرائعة وغير العادية عام 2019 لم ترقى إلى التطلعات؛ بل أنه افتقر إلى التوجيه السليم وحسن التقدير حينما تفاعل على الأزمة السياسية العميقة بإعادة ترتيب المؤسسات والقيام بتنفيذ أجندة انتخابية كانت محل مقاطعة واسعة من الشعب".

وأردف قائلا "لقد كانت الانتخابات الرئاسية 2019، والاستفتاء على الدستور، والانتخابات المحلية، بمثابة مواعيد ضائعة، والمؤسسات الناتجة والمنبثقة عنها موسومة بعدم الشرعية. واليوم، مع الإعلان عن انتخابات رئاسية مسبقة، بات من الواضح أن من هم في السلطة قد انتبهوا إلى الشرعية المبتورة الناقصة"،وخلص للقول "يبدو منطقي إجراء انتخابات تشريعية ومحلية مسبقة لإعطاء القليل من المصداقية للمنتخبين والمجالس المنتخبة الذين يواجهون صعوبات جمة من أجل الوفاء بمتطلبات مهامهم".

وأفاد المكلف بالإعلام في حركة مجتمع السلم عبد المنعم بن حمدة  في تصريح لـ "الترا جزائر" أن استدعاء انتخابات مسبقة من صلاحيات رئيس الجمهورية، مثلما هو متاح للأحزاب تقديم مواعيد مؤتمراتها.

واستدرك: "الأهم لنا هو مدى توفر شروط إجراء الانتخابات ومنها وضع الحريات السياسية والإعلامية"، وتابع : "تعيش الجزائر حالة إغلاق سياسي وإعلامي والمعارضة محرومة من الوصول إلى التلفزيون العمومي ثم إن النظام الانتخابي مطلوب إعادة النظر فيه وبالأخص البنود المتعلقة بحق الأحزاب في تغطية مكاتب الانتخابات بالمراقبين، ونظام التمييز الايجابي للمرأة" أو ما يعرف بشرط المناصفة في قوائم المرشحين .

وتخطط حركة مجتمع السلم حسب مسؤول الإعلام فيها لتقديم مقترح قانون لتعديل وإصلاح هذا التشريع الانتخابي الحالي لتعزيز الضمانات والثقة في العملية الانتخابية وشرعية المؤسسات.

وبدورها تخطط حركة البناء عن إنشاء ورشة لتعديل قانون الانتخابات مشكلة من قياديين وإطارات في الحزب.

أما على أجندة الحكومة فلا يوجد إلا مشروع إعادة النظر في قانون الجماعات المحلية لكن لا إشارات إلى مراجعة قانون الانتخابات ولا لإجراء انتخابات تشريعية أو محلية مسبقة رغم حالة الانسداد في مئات المجالس المنتخبة البلدية.