بعد عروض فنية وموسيقية رائعة، ولوحات جسّدت تاريخ مدينة وهران، صعد عبد العزيز درواز محافظ ألعاب البحر الأبيض المتوسط في طبعتها الـ19، ليلقي كلمته مرّحبًا بضيوف الجزائر في العرس المتوسطي، لكنه تعثّر في قراءة خطابه المكتوب وبدا عليه توتّر في إلقاء الكلمة باللغة العربية.
ناشطون دعوا إلى تكوين رياضيينا في فنّ الخطابة ومقابلة الجمهور بعيدًا عن الجانب البطولي والبناء الجسدي
في بادئ الأمر استهجن الجمهور الحاضر في الملعب ذلك، لكنه سرعان ما بدأ يتفاعل مع كلمة "مخترع الدفاع المسطح" في كرة اليد.
مجرد خطأ
وذهبت غالبية تعليقات رواد مواقع التواصل الاجتماعي إلى التذكير بالتاريخ الساطع لأحد أساطير كرة اليد في الجزائر، ناشرين قائمة تتويجاته وإنجازاته كلاعب ومدرب وإداري ووزير.
هنا، كتب الصحافي جعفر خلوفي "عندما رُسمت رياضة كرة اليد في السماء خلال الحفل، قال الصديق أبو طالب شبوب معلقًا على قناة "بيين سبورت"، إن أحد قامات هذه الرياضة هو؛ محمد عزيز درواز الذي يُجيد "العمل أكثر من الخطابات"، درواز الذي سيطر على أفريقيا والذي يعتبر حرفيًا زيدان كرة اليد".
عندما رُسمت رياضة كرة اليد في السماء خلال الحفل، قال الصديق أبو طالب شبوب معلقا على قناة beinsport ، أن أحد قامات هذه...
Posted by Djaàfar Kheloufi on Saturday, June 25, 2022
وأضاف خلوفي "سرعة بديهة شبوب وإعطاء الرجل حقّه في مجاله بعد تعثره في إلقاء الخطاب، لفتة رائعة ومهنية فيها رقة".
فيما دوّن أيمن بوجناح في السياق عينه "مخترع الدفاع المسطح بكرة اليد وصاحب الخمس كؤوس أفريقية لجزائر التاريخ يبقى عَلَمًا من أعلام الرياضة وتلعثُمه لا يعكّر شيئًا بحفل الافتتاح ولا البطولة بأكملها".
شاهد كيف تفاعل الجمهور كلمة بكلمة مع خطاب محافظ ألعاب المتوسط عبد العزيز درواز
شاهد كيف تفاعل الجمهور كلمة بكلمة مع خطاب محافظ ألعاب المتوسط عبد العزيز درواز
Posted by El Hayat TV - قناة الحياة on Saturday, June 25, 2022
وهو نفس رأي براهيم روابحي الذي قال: "عبد العزيز درواز لمن لا يعرفه، بعيدًا عن فن الخطابة، إنه رجل ميدان بعقلية الفائز والمتفوق دائمًا، الخطأ ليس في شخصه بل في من اختاره للكلام، إنه الرجل الذي أحدث ثورة في كرة اليد الجزائرية لجعل المنتخب الجزائري أفضل فريق أفريقي في الثمانينيات، بما في ذلك خمسة انتصارات متتالية في بطولة أمم أفريقيا".
رأي مخالف
عكس ذلك، قالت الناشطة الثقافية نسيبة عطاء الله إنه "أعتقد أن أي شخص عادي في هكذا ظرف يمكنه ارتجال جملة واحدة سليمة حتى لو بالدّارجة دون تكلّفٍ أو انحياز لأي لغة، وهذا يجعلنا نفكّر في التكوين الرياضي للأفراد، الذي يركز فقط على الجانب البطولي والبناء الجسدي بإغفال جوانب أخرى يحتاجها الرياضي في محافل دولية أهمها المرونة النفسية ومواجهة الجمهور وفنّ الخطابة ولهذا لا يمكننا أن نقول عن النجاح أنه نجاح إلا إذا كان شاملاً ومتكاملًا ومتوازنًا وليس نجاحًا على صعيد يجعل باقي الأصعدة مرآة مكسورة لصورة الأول".
الفرق بين كلمة رئيس الجمهورية وكلمة درواز هو الاحترافية الكامنة فيما قلّ وحَسُنَ فدلّ، بعض النظر عن كل الخلفيات والأحكام...
Posted by Nosseiba AttaAllah on Sunday, June 26, 2022
الروائي عبد الرزاق بوكبة سار على نفس المسار، بالقول: " إنّ الحرج كان سيقلّ لو قرأها بالفرنسيّة، فأن يظهر مسؤول جزائريّ متحدّثًا بلغة أجنبيّة في محفل رامز، أفضل من ظهوره محدودًا في لغته الوطنيّة".
وتابع: "لقد آن الأوان ليدرك الرسميّون الجزائريّون توقّع ردود الأفعال الشّعبيّة مسبقًا؛ في ظلّ منطق مواقع التّواصل الاجتماعيّ. وأن يكون لهم مستشارون خبراءُ في هذا الباب، حتّى يُجنِّبوا صورَهم الشّخصيّة وصورةَ البلاد تشويهاتٍ يمكن تجنّبُها".
مسيرة حافلة
كرس عبد العزيز درواز حياته لرياضة كرة اليد لا سيما كمدرب بعدما أنهى مسيرته كلاعب في سن العشرين بسبب إصابة، وقد دخل مجال التدريب سنة 1971 مع فريق "جي. يس. أس" الجزائر العاصمة.
وقام بعدها بتدريب "ناديت الجزائر" قبل أن يتولى سنة 1979 الإشراف على مولودية الجزائر وهو النادي الذي حقق معه سجلًا ثريًا من ستة ألقاب بطولة وثلاثة كؤوس وطنية وثلاثة كؤوس أفريقية للأندية الفائزة بالكؤوس ولقب الأندية البطلة.
وفي عام 1980، تم تعيينه على رأس المنتخب الوطني الجزائري لكرة اليد، حيث حقق معه خمسة ألقاب متتالية في بطولة أمم أفريقيا وميدالية ذهبية في ألعاب البحر الأبيض المتوسط في اللاذقية سنة 1987.
كما شارك في الألعاب الأولمبية ثلاث مرات مع "الخُضر" إضافة إلى مشاركتين في بطولة العالم؛ وخاض محمد عزيز درواز تجربة كمدرب في البطولة السعودية حيث أنهى مسيرته التدريبية.
وشغل بعدها منصب رئيس المجلس الأعلى للشباب قبل أن يتم تعيينه وزيرًا للشباب والرياضة (1997-1999) كما ترأس المجلس الأعلى للرياضة في أفريقيا من 1997 حتى نهاية عام 1998، وفي سنة 2013 تم انتخابه رئيسًا للاتحاد الجزائري لكرة اليد.
وتحصل محمد عزيز درواز خلال مسيرته على عدة أوسمة مثل وسام الاستحقاق الأولمبي من قبل اللجنة الأولمبية الجزائرية سنة 1989 ووسام الفدرالية الدولية لكرة اليد.