30-أبريل-2022

في رمضان تظل المقاهي مفتوحة لساعات متأخرة من الليل (الترا جزائر)

طيلة شهر رمضان الجاري، كانت السهرات الرمضانية في الجزائر مختلفة هذه السنة عن سابقتها، وباتت فترة الإغلاق التي شهدتها البلاد والعالم لمدة سنتين بسبب فيروس كورونا حديثًا من الماضي، حيث عادت الحركة معها في الساحات والقاعات والفضاءات العامة على خلاف الأيام العادية، بدت كنوع من التنفيس من ضغط الحجر وضغوطات العمل والروتين اليومي.

سطّرت المراكز الثقافية عبر المدن الجزائرية العديد من النشاطات الفنية والترفيهية الخاصة بالسهرات الرمضانية

يجمع كثير من المتابعين، أن المحلات في الجزائر هذا الشهر تفتح في وقت متأخر من النهار، على خلاف الأسواق فقط التي تلتزم بتوقيت الفتح في الصباح الباكر إلى غاية صلاة العصرـ، كما أن الحركة في النهار تتميّز بالرتابة، إلى غاية وقت العصر أين تدبّ الحركة أكثر صوب محلات بيع الحلويات التقليدية والخبز، التي تسيل لعاب الصائمين قبل آذان المغرب.

تميّزت أجواء شهر رمضان وبخاصة خلال السَّهرة، باختلافها عن الأيام العادِية وهنا لا بدّ من الإشارة إلى أن المدن الجزائرية غالبًا ما تنام مُبكِّرا مع حُلول الظّلام أو في فترة ما بعد آذان المغرِب، لكن يوميات هذا الشهر منح للسهرات على مدار ثلاثين يومًا حياة بشكل مغاير، خصوصًا بعد الإفطار، إذ تعود الرّوح للمدن ليلًا، ويستعيد الجزائريون حيويتهم.

ما بعد كورونا

لا يختلف الجزائريون، أن أزمة كورونا ألقت بظِلالها على تغيير العادات الخاصة بسهرات "الضّيف العزيز" مرّدها استشعار أغلبهم غياب نّكهة الشهر الفضيل لمدّة عامين، لتعود الأحياء والشوارع إلى حالة الصّخب ليلا، ورجعت معها الحركة شيئا فشيئا وحلّت معها نفحات رمضان في المساجد.

الملفِت للملاحظة هو مسارعة الكثيرين لآداء صلاة التراويح، إذ تعرف إقبالًا من الكبار والصغار ومن الرجال والنّساء، لتعود الحركة للمساجد وتزايد الاهتمام بأداء الصلوات فيها.

في هذا الصّدد، قال ياسين (29 سنة)، أنّه تعوّد على تأدية صلاة التراويح في مسجد" الشيخ البشير الابراهيمي بحي المدَنية (صالومبي سابقًا) بالعاصمة الجزائرية، وأنها "روح الصائمين في شهر رمضان"، لافتًا في حديثه لـ" الترا جزائر" أن فرحة رمضان والصوم تعادله صلاة التراويح بعد منعها بسبب فيروس كورونا.

وفي مقابل تمسُّك الجزائريين بعادات الشهر الفضيل بأداء صلاة التراويح في المساجد، يقضي البعض بقية الوقت من الليل في فضاءات الترفيه والمقاهي والاستمتاع بالسهرات الرمضانية في قاعات الحفلات.

وِجهة المصلِّين

تتميّز سهرات رمضان في الجزائر، برواج بيع الشّاي والمكسّرات والحلويات التّقليدية، وهي محلاّت باتت الرقم واحد في معظم المدن الجزائرية، إذ يتفنّن في تجهيزها بعض الحرفيين القادمين من عديد المدن الصحراوية، لتكون بذلك وجهة خاصة بالنسبة للمصلين عقب صلاة التراويح.

بالإضافة إلى ذلك، تعدّ المقاهي والفضاءات المفتوحة وجهة محبذة للشباب والكهول على حدّ سواء، إذ تبدأ السهرة حول فناجين القهوة والشاي وحبات حلويات" قلب اللّوز"، والتسامر فيما بين المجموعات حول لعبة الورق أو لعبة " الدومينو" فيما يفضل البعض الاستمتاع بمشاهدة مباراة كرة قدم جماعيا يضمن فيها الحضور الفرجة والمتعة.

جيب المواطن حديث المقاهي

بينما أخذت عملية رفع أجور الموظّفين التي أفرجت عنها الحكومة الأيام الماضية، حصة الأسد في أحاديث الساهرين والمتجمعين في المقاهي، إذ على خلاف الأمنيات وحتى الإعلانات السابقة والإشهار لحجم الزيادات، كما قال عبد الله كافي لـ"الترا جزائر" إلا أنها لم ترق إلى رضا الكثيرين باعتبارها لا توازي ارتفاع الأسعار.

وأضاف كافي وهو موظف في مديرية النشاطات الرياضية بولاية بومرداس، أن الزيادات في الأجور "لم تكن بحجم انتظارات الموظفين، ولم تستجيب بعد لمطالب العمال في مختلف القطاعات، خصوصا وأن شهر رمضان أظهر مدى انخفاض القدرة الشرائية لدى الطبقة المتوسطة،

وفور الإعلان عن الفئات المستهدفة من رفع الأجور ونسبة المبالغ المصروفة لكل فئة من الموظفين في الوظيفة الحكومية، عجت التجمعات والنقاشات حول الموضوع، وباتت الحديث الغالب في سهرات رمضان لدى البعض يتمحور حول تلك الزيادات غير المتكافئة مع غلاء المعيشة.

في المقابل من ذلك، انتقد كثيرون المسلسلات والبرامج الفكاهية التي عرضتها القنوات التلفزيونية العمومية والخاصة على حدّ سواء، فمنها من جلب اهتمام الجزائريين في سهراتهم الرمضانية، ومنهم من اشتاق إلى مسلسل" عاشور العاشر" الغائب هذه السنة عن الشاشات، ومنهم من اعتبر برامج الكاميرا الخفية، دعابة مكررة في معظم القنوات.

فضاءات التّرفيه

البعض يجوب الشوارع والمقاهي بحثًا عن قضاء وقت للراحة والترفيه، كما ذكر فريد بوحالة لـ"الترا جزائر" قائلا إنه من هواة المسرح ويتوق لمشاهدة عروض مسرحية أو برامج فنية تَرقى لمستوى التوعية والترفيه للجزائريين.

وفي هذا المضمار، سطّرت المراكز الثقافية عبر المدن الجزائرية العديد من النشاطات الفنية والترفيهية الخاصة بالسهرات الرمضانية، من عروض موسيقية متنوعة، أعادت النشاط والحيوية للمجال الثقافي والفني بعد سنتين من الركود.

وفي هذا السياق أيضًا، هيأت دور الشباب مسابقات للأطفال في حفظ القرآن والرسم، وهي برامج استحسنها البعض سطر ديوان رياض الفتح بالعاصمة الجزائرية، ومختلف دور الثقافة عبر ولايات الوطن عدة برامج فنية في ليالي رمضان.

باتت المحلات وجهة" متعبة" في شهر رمضان بسبب ارتفاع الأسعار خاصة ما تعلّق منها بالمواد الأساسية

الملفِت للانتباه، أن غلاء الأسعار أخذ نصيب الأسد من أحاديث الجزائريين، إذ باتت المحلات وجهة" متعبة" في شهر رمضان بسبب ارتفاع الأسعار خاصة ما تعلّق منها بالمواد الأساسية التي سجّلت ندرة في السوق بسبب المضاربة.