27-سبتمبر-2024
(الصورة: فيسبوك) ساحة مدرسة ابتدائية

(الصورة: فيسبوك) ساحة مدرسة ابتدائية

رغم انطلاق السنة الدراسية الجديدة، إلا أن قرار تعميم التعليم التحضيري في كافة الابتدائيات الذي وعدت به الوزارة ابتداءً من الموسم الحالي يظهر أنه لن يشمل جميع المدارس التي لم تصلها حتّى الآن أيّ تفاصيل إن كانت معنية بهذا القرار، أم أنها ستلتزم بما جاء في الخريطة المدرسية التي تضمنت عدم فتح أقسام تحضيرية بها رغم إعلان الوصاية عن انطلاق عملية التسجيل في هذا النوع من التعليم غير الإلزامي ابتداء من يوم الأحد المقبل.

محمد حميدات لـ"الترا جزائر": أهمية التعليم التحضيري تكمن في أنه يساعد في " تهيئة التلميذ للسنة الأولى ابتدائي اجتماعيًا ونفسانيًا

ورغم أن الالتحاق بالأقسام التحضيرية يظل اختياريًا، إلا أن تسجيل الأولياء لأبنائهم في هذا الطور أصبح من الإلزاميات بالنسبة لهم لذلك انتظروا هذه المرة تأكيد تصريحات الوزير السابقة بتعميم التعليم التحضيري، والذي سيسمح بتسجيل الأطفال في مدارس قريبة من محل سكنهم، إلا أنهم تفاجؤوا بأن بعض الابتدائيات خارج تنفيذ هذا القرار.

وعود وزارية

حرص وزير التربية الجزائري عبد الحكيم بلعابد في كل تصريحاته المتعلقة بالسنة الدراسية الجديدة على التأكيد أنه سيتم لأول مرة تعميم التعليم التحضيري ليصبح مطبقًا 100 بالمئة في كل المدارس، بعدما كان لا يطبق إلا في 56 بالمئة من المؤسسات التربوية الابتدائية.

وحسب متابعين لقطاع التربية، فإن الهدف من تعميم التعليم التحضيري بالدرجة الأولى هو تحقيق العدل والمساواة بين جميع الأطفال بشأن الحق في التعليم، إذ أن الوضع قبل هذا العام كان يعني أن 44 بالمئة من التلاميذ الذين بلغوا السنة الخامسة من العمر محرومون  من التعليم التحضيري الذي يساهم في إعداد الطفل للالتحاق بالتعليم الإلزامي لما يبلغ ست سنوات من العمر.

وقال الأمين العام للنقابة الوطنية المستقلة لأساتذة التعليم الابتدائي محمد حميدات لـ"الترا جزائر" إن أهمية التعليم التحضيري تكمن في أنه يساعد في " تهيئة التلميذ للسنة الأولى ابتدائي اجتماعيًا ونفسانيًا، ليصبح قادرا على كتابة الحرف الهجائي ويستعمل الوسائل التعليمية بطريقة صحيحة، حيث لا يصبح خائفا من التعلم، كونه يساعد التلاميذ الذين لم يخضعوا للتعليم التمهيدي في الروضات أو المدارس القرآنية بأن يكونوا جاهزين للتعلم في السنة الأولى من التعليم الإلزامي".

ورغم الوعود التي أطلقت في سنوات سابقة بتعميم التعليم التحضيري إلا أنها فشلت كلها، ففي 2014 في عهد الوزير السابقة نورية بن غبريت تحدث وقتها المفتش العام بوزارة التربية مسقم مجادي عن شروع الوزارة حينها في خطة محكمة لتعميم التعليم التحضيري، وبالخصوص في الولايات التي تعرف نتائج ضعيفة جدا كولايات الجنوب وبعض ولايات الهضاب العليا، إلا أن هذا الهدف لم يتحقق حينها بالنظر لعدم وجود جدية حقيقية في تحقيق المساواة في التعلم لجميع الأطفال.

طابع رسمي

تكمن أهمية هذا القرار في إعطاء التعليم التحضيري طابعًا رسميًا أكثر، وفق ما أوضحه محمد حميدات الذي توقع أن يكون هذا التطور في رؤية الوزارة لهذه المرحلة من التعليم مذكورة ضمن القانون الأساسي لموظفي قطاع التربية الذي وعد رئيس الجمهورية عبد المجبد تبون بالإفراج عنه قبل نهاية السنة الجارية، وفق ما جاء في بيان مجلس الوزراء المجتمع الأحد الماضي.

وأشار النقابي ذاته إلى أن مديري الابتدائيات لن يصبح في إمكانهم التهرب من فتح اقسام تحضيرية بمدارسهم، كونهم سيصبحون ملزمين  بفتح أقسام جديدة لهذه الفئة العمرية من الاطفال، كون التعليم التحضيري قد أرسل ضمن الخريطة المدرسية التي تسلمها المديرين.

وأشار حميدات، إلى أن الوزارة قد طبعت كتابين مدرسيين خاصين بالتعليم التحضيري والمتمثلين في دفتر الأنشطة العلمية للتربية التحضيرية، ودفتر الأنشطة اللغوية للتربية التحضيرية، مبينًا أنه من غير المعقول أن تكون الوصاية قد طبعت كميات هائلة من الكتابين وبعدها لا تقوم بتعميمي التعليم التحضيري.

ويباع الكتابين على مستوى المدارس الابتدائية بمبلغ 360 دينار جزائري، وهو متوفر بالكميات المطلوبة، وفق ما أكده أحد المديرين لـ"الترا جزائر".

لا جديد

لكن حسب مديرين في الابتدائي تحدثت إليهم "الترا جزائر" فإن قرار تعميم التحضيري لن يشمل مدارسهم، بالنظر إلى أنهم لم تصلهم من مديريات التربية أي قرارات بأن تصبح مؤسساتهم التربوية، لذلك لم يحضروا القيد الدراسي لهذه الفئة التعليمية التي سيكون دخولها الرسمي في 10 تشرين الأول/أكتوبر الداخل.

وأعلنت وزارة التربية يوم الأربعاء الماضي، عن انطلاق عمليات التسجيل الإلكتروني في التربية التحضيري ابتداءً من يوم الأحد 29 أيلول/سبتمبر الجاري عبر فضاء الأولياء.

ويظهر من إعلان وزارة التربية أن التعليم التحضيري لن يكون معمما في كل الابتدائيات، بالنظر إلى أن الوزارة مازالت تبقي هذا التعليم اختياريا، حيث تحدثت عن "الأولياء الراغبين في تسجيل أبنائهم" بدل الحديث عن ضرورة تسجيل التلاميذ، وذلك لأنها لا تملك حق الإلزام كون الأطفال المعني بالتحضيري هم من بلغوا عمر خمس سنوات وهو خارج التعليم الإلزامي للأطفال الذي ينطلق عند السنة السادسة من العمر.

كما أشار بيان الوزارة إلى إعلان قوائم التلاميذ المقبلولين بالمؤسسات التربوية المعنية، ولم يتحدّث عن كل المؤسسات، ما يعني أن بعض الابتدائيات لن يشملها هذا القرار، وهو ما يجعل بعض التلاميذ غير قادرين على الالتحاق بهذا الطور التعليمي كون بعض الابتدايئات بعيدة عن مقر سكناهم، ويسجلون في مدارس بعيدة، وهو وضع لا يتناسب مع عمر الطفل الذي يدرس في المستوى التحضيري كونه يزيد من مشقة تنقله.

وما يزيد في تعقيد هذا الوضع حسب شهادات بعض الأولياء أنهم يجدون صعوبة في تحويل أبنائهم إلى المدارس القريبة من محل إقامتهم لما ينتقل أبناؤهم إلى السنة الأولى ابتدائي، حيث يكون الأمر متعلقًا بمدى توفر مقاعد بها وعدم معاناتها من الاكتظاظ، لذلك يفضلون عدم تسجيلهم في المستوى التحضيري بالمؤسسات التربوية العمومية، وإلحاقهم بمدارس خاصة إن كان وضعهم المادي يمكن من ذلك، او تسجيلهم في المدارس التابعة لوزارة الشؤون الدينية والجمعيات الخيرية.

يفضل بعض الأولياء عدم تسجيل أبنائهم في المستوى التحضيري بالمؤسسات التربوية العمومية، وإلحاقهم بمدارس خاصة

وإن لم تقدم الوزارة أسباب عدم فتح التعليم التحضيري بكل المستويات التعليمية، يرجعها عاملون في قطاع التربية من مديرين وأساتذة إلى عدم توفر الأقسام بهذه المدارس رغم وجود حلٍ يتعلق بإمكانية اللجوء إلى التفويج، وكذا بسبب الخوف من هدم كفاية المؤطرين اللازمين.