15-أبريل-2021

المخرج أحمد راشدي (الصور: يوتيوب)

كانت الصّناعة السّينيمائيّة من أكثر الهواجس الثّقافيّة التّي ركّز عليها الرّئيس عبد المجيد تبّون، أثناء حملته الانتخابيّة نهاية عام 2019. ثمّ جسّد ذلك في استحداث كتابة دولة مكلّفة بالملّف في حكومة عبد العزيز جرّاد الأولى وأبقى عليها في حكومته الثّانية؛ غير أنّه تخلّى عنها تمامًا وعن كاتب الدّولة الممثّل يوسف سحيري، خلال التّعديل الحكوميّ الأخير.

يعتقد بعض المعترضين على قرار تعيين أحمد راشدي أنه يملك الجهد ولا المعرفة بتحوّلات المشهد السّينيمائيّ الجزائريّ 

وكان من بين تصريحات الرّئيس في اللّقاء ما قبل الأخير مع ممثّلي الصّحافة الوطنيّة، أنّه يولّي أهمّيّة لملفّ الصّناعة السّينيمائية، لكنّه لم يجد من يحمل الشّعلة للذّهاب فيه بعيدًا. وهو التّصريح الذّي أثار جدلًا في أوساط الممارسين السّينيمائيّين وروّاد مواقع التّواصل الاجتماعيّ، إذ لم تعد الجزائر عاقرًا، حسبهم، في هذا الباب.

اقرأ/ي أيضًا: هل أساء فيلم أحمد راشدي الجديد للثّورة الجزائرية؟

وتجدّد الجدل بإقدام الرّئيس عبد المجيد تبّون على تعيين المخرج والمنتج وكاتب السّيناريو أحمد راشدي (1938) مستشارًا مكلّفًا بالسّينما والشّؤون الثّقافيّة؛ خاصّةً من زاوية كون صاحب فيلم "الأفيون والعصا" كبيرًا في السّن، فهو حسب بعض المعترضين لا يملك الجهد ولا المعرفة بتحوّلات المشهد السّينيمائيّ الجزائريّ للقيام بما يتطلّبه من رؤًى وإجراءاتٍ للخروج به إلى برّ النّجاعة والإنتاج

يقول النّاقد السّينيمائي عبد الكريم قادري إنّ تعيين المخرج أحمد راشدي مستشارًا لرئيس الجمهوريّة في السّنيماتوغرافيا دليل على إفلاس في الرّؤيا، وإصرار واضح على الإبقاء على العفونة السّينمائيّة، "لأنّ راشدي الذّي دخل في العقد التّاسع من العمر لا يملك أيّ تصوّر لتطوّر السّينما. والدّليل أنّه استفاد من الملايين التّي أخرج بها  أفلامًا لم تقدّم أيّ رؤية فنّية أو إضافة للمشهد".

وأضاف صاحب كتاب "مدخل إلى السّينما الجزائريّة": "بعد أكثر من نصف قرن من الاستقلال ما تزال التّعيينات خاضعةً للشّرعيّة الثّوريّة".

وذهب الصّحفيّ المتخصّص في السّينما محمّد علّال إلى عكس هذا الرّأي، بالقول إنّه يعتبر تعيين المخرج أحمد راشدي مستشارًا للرّئيس مكلّفًا بالثّقافة والسّمعيّ البصريّ، قرارًا صائبًا في الوقت الحالي، "راشدي رجل يكبر ولا يشيخ. رجل دولة وليس رجل نظام، مجدّد لأفكاره وزاده، متابع جيّد للمشهد السّينمائيّ العالميّ ويعرف خبايا الإنتاج المحلّي".

قد لا تعجبك أفلامه الأخيرة، يضيف محمّد علّال، ولكن هذا لا يُنقص من احترامك له. فهو له وزن مهمّ عربيًّا ما يساعده في المهمّة، والجزائر تحتاج للأخذ برأيه في الوقت الحالي، بهذا التّعيين تمّ وضع راشدي أمام مهمّة صعبة جدًّا وسط مشهد هشّ ومتخلّف وتتحكّم فيه البيروقراطية المقيتة".

النّسخة الحالية من وزارة الثّقافة والفنون لا تملك استراتيجيّة واضحة المنطلقات والأدوات والآفاق

ويبدو أنّ الرّئيس عبد المجيد تبّون في مسعى لومه لكاتب الدّولة المكلّف بالصّناعة السّينيماتوغرافيّة الذّي استدعاه من قلب الحراك الشّعبيّ، لم ينتبه إلى أنّ النّسخة الحالية من وزارة الثّقافة والفنون لا تملك استراتيجيّة واضحة المنطلقات والأدوات والآفاق، فهي غارقة في التّنشيط البسيط؛ بما يجعل تغيير وجه بوجه عوضًا عن تغيير اتّجاه باتّجاه، بلا جدوى تنعش القطاع وتنقّيه من اختلالاته وأمراضه المختلفة.

 

اقرأ/ي أيضًا:

عبد الكريم قادري.. كمن يمسح بالضّوء

جودي فوستر: نحن في عصر البحث عن الهوية!