23-سبتمبر-2023
سيارتا جيلي وشيري (الصورة: coolray.club)

سيارتا جيلي وشيري (الصورة: coolray.club)

في ظرف أسبوعين فقط، أصدرت الحكومة تعليمتين صارمتين تحملان ختم استعجاليًا، إحداها موجهة للغرفة الوطنية للموثقين والثانية إلى ولاة الجمهورية للتبليغ إلى رؤساء الدوائر ومنه إلى رؤساء المجالس الشعبية البلدية أو "الأميار"، وتصبّ كلاها ضمن خانة منع التلاعب بالسيارات الجديدة بترقيم سنة 2023.

مصطفى زبدي لـ "الترا جزائر": صدور تعليمة وزارة العدل ودخولها حيز التنفيذ ستُفقد السمسار أحد أساليب التلاعب التي كان يلجأ اليها للاستحواذ على السيارات الجديد

واحتوت المراسلة الأولى تجميد إجراء الوكالة لعمليات بيع السيارات الجديدة على مستوى كافة مكاتب التوثيق في الوطن، في حين تبلغ التعليمة الثانية مسؤولي البلديات بتجميد معالجة ملفات ترقيم السيارات الجديدة المقتناة عبر الوكالة الموقعة لدى الموثق.

ورغم أن هاتين التعليمتين مؤقتتين، إلا أنهما حملتا طابع "الاستعجالي والضروري"، رغبة من السلطات العليا في البلاد في تطبيقهما في القريب العاجل ودون أي تماطل، وأدرجت الإجراءات التي تضمنتها ضمن خانة محاربة المضاربة غير المشروعة.

وصنّفت السلطات اليوم ما يقوم به سماسرة السيارات، عبر اقتناء مركبات فيات المتوفرة في السوق الجزائرية من الوكلاء، وإعادة بيعها ضمن خانة المضاربة غير المشروعة، التي تصل عقوباتها إلى 30 سنة سجنًا وفقًا للتعديلات الأخيرة التي دخلت حيز التنفيذ قبل سنة من الآن أي عام 2022.

ويجزم رئيس الغرفة الوطنية للموثقين رمضان في بوقفة في إفادة لـ "الترا جزائر"، أن الإجراء مؤقّت وسيستمر فترة قصيرة فقط إلى غاية اتضاح وضعية السوق، وكيف تتم عملية البيع والشراء للمركبات الجديدة، في حين يشدّد على أن الموثقين منخرطين ضمن هذا المسعى الذي بادرت به الحكومة والذي يهدف إلى منع المضاربة غير المشروعة بسيارات الجزائريين، فهل ستنجح هذه الإجراءات في القضاء على الفوضى التي تشهدها سوق السيارات خلال الأيام المقبلة؟ خاصة في ظل انتظار وصول مركبات جديدة من علامات مختلفة للسوق.

طرق نشاط "سماسرة السيارات"

إلى هنا، يشيد رئيس منظمة حماية المستهلك مصطفى زبدي بقرار وزارة العدل بمنع الموثقين من إبرام عقود السيارات الجديدة، وحتى منع البلديات من معالجة ملفات ترقيم السيارات المقتناة عبر الوكالة، مشيرًا الى أن القرار سيحد من نشاط سماسرة السيارات في الجزائر.

ويوضح زبدي في تصريح لـ "الترا جزائر"، أن صدور تعليمة وزارة العدل ودخولها حيز التنفيذ، ستفقد السمسار أحد أساليب التلاعب التي كان يلجأ إليها للاستحواذ على السيارات الجديدة وخلق أزمة في السوق، ستفاقم الوضع للمواطن، حيث يرتفع سعر المركبة بما يصل 500 ألف دينار أو يتجاوزه أحيانًا أي أكثر من 3643 دولار يقول المتحدّث.

وبالعودة الى الطرق التي يلجأ إليها السمسار للاستحواذ على المركبات الجديدة والمضاربة بأسعارها، يقول زبدي أن هذا الأخير يستأجر أحد معارفه للقيام بطلبية شراء سيارة جديدة وبعد تسلم هذا الشخص السيارة يلجأ السمسار إلى الموثق مباشرة من أجل الحصول على تنازل من الشخص الذي استأجره، ليشرف بعدها السمسار على كافة الاجراءات الخاصّة بالبيع والشراء ويضارب في سعر السيارة في السوق.

وحسب زبدي فان قرار وزارة العدل يجعل هؤلاء السماسرة متخوفين لاسيما وأن الموثق لن يجرأ على إبرام عقد التنازل بعد المراسلة التي وجهتها وزارة العدل، ليضيف في هذا الشأن :"القرار الجديد رغم أنه ظرفي إلا أنه يرفع حظوظ المواطنين في اقتناء سيارة جديدة بأسعار معقولة مباشرة من الوكيل دون أي استغلال من طرف السماسرة ".

وذكر المتحدث بأن منظمته سبق وأن حذرت من وجود سماسرة يستغلون السيارات الجديدة لتحقيق الربح على حساب المواطن بسبب المضاربة غير المشروعة، حيث تم تحرير في هذا السياق العديد من الشكاوى التي تم رفعها للجهات المعنية.

الإجراءات الإدارية لا تكفي

من جانبه، اعتبر الخبير الاقتصادي مراد كواشي أن قرار وزارة العدل بمنع الموثقين من إبرام عقود السيارات الجديدة لن يقضي على أزمة المركبات في الجزائر، حيث يجب أن يكون هذا الأخير متبوعًا بقرارات أخرى لضمان الوفرة.

وأوضح كواشي أن القرار الجديد ينقص من حرّيات الأفراد على اعتبار إن المستفيد لا يمكنه التصرف في المركبة إلا بعد مرور فترة من الزمن قائلًا: "يمكن لشخص القيام باقتناء سيارة، ليضطر إلى بيعها في ظرف قياسي، كأن يحتاج إلى المال لأمر طارئ، مثل العلاج في الخارج، في حين تمنعه الإجراءات الجديدة من استكمال عملية البيع".

ويرى المتحدث إن القضاء على المضاربة في السيارات يقتضي إيجاد حلول جذرية وليست إدارية، وذلك من خلال تحقيق الوفرة في السيارات لأن هذا المشكل حسبه يبقى مطروحًا ما دامت السوق الوطنية متعطشة للمركبات والحظيرة الوطنية في تقادم مستمر، ليضيف في هذا الشأن: "حاليًا المطلوب حلول على المدى البعيد وليس إجراءات ظرفية".

ويشدّد كواشي على ضرورة فتح المجال أمام المتعاملين لجلب السيارات بكميات معتبرة تقضي على الأزمة، مشيرًا في نفس الوقت إلى أن الذهاب نحو التصنيع مستقبلًا سيقلل من الندرة .

1000 سيارة شهريًا لحل الأزمة

أما عضو لجنة المالية والميزانية بالمجلس الشعبي الوطني كمال بلخضر، فيؤكد في تصريح لـ"الترا جزائر" أن سوق السيارات ستعرف في الجزائر انتعاشًا مستقبلًا مع دخول علامات جديدة من المركبات وانطلاق نشاط مصانع الإنتاج مع نهاية السنة.

وقال بلخضر إن سوق السيارات اليوم لا تزال تعاني من نقصٍ كبيرٍ في المركبات وذلك راجع الى عدم امتثال الطرف الإيطالي للحصص المتفق عليها لحد الساعة مع الجانب الجزائري والمقدرة بـ 12 الف سيارة شهريًا، حيث ان هذا الأخير يوفر اليوم حوالي ثلاث آلاف سيارة شهريًا وهي كوطة غير كافية، حسبه، في ظل تعطش السوق الوطنية للمركبات الجديدة.

السوق الوطنية للمركبات لن تعرف انتعاشًا إلا مع دخول علاماتٍ جديدة وانطلاق المصانع في الإنتاج

كما أن الأنواع المتوفرة اليوم من قبل المتعاملين لا تلبي احتياجات السوق خاصة وأن جمهورًا عريضًا من الجزائريين يميلون إلى السيارات الألمانية والفرنسية، لذلك يمكن القول أن السوق الوطنية للمركبات لن تعرف انتعاشًا إلا مع دخول علاماتٍ جديدة وانطلاق المصانع في الإنتاج مثلما تم الاتفاق عليه.