23-يوليو-2019

مضيق هرمز بات يهدّد المصالح الجزائرية في المنطقة (رضا كرامدي/Getty)

أُجبرت الناقلة البترولية "مصدر" التابعة لشركة سوناطراك الجزائرية، على تغيير وجهتها نحو المياه الإقليمية الإيرانية من قبل حراس سواحل البحرية الإيرانية، عندما كانت تعبر مضيق هرمز، حسبما أعلنته الشركة الوطنية للمحروقات.

يستبعد خبراء أن تكون الحادثة مجرّد خطأ غير مقصود من طرف قوّات السواحل الإيرانية

وأوضح المصدر نفسه، أنه "في يوم الجمعة 19 جويلية/ حزيران 2019،على الساعة السابعة والنصف بتوقيت الجزائر، أجبرت قوات خفر السواحل للبحرية الإيرانية، الناقلة النفطية "مصدر" التي تبلغ طاقتها 2.000.000 برميل، والتابعة لشركة سوناطراك، على الإبحار إلى المياه الإقليمية للسواحل الإيرانية بينما كانت تعبر مضيق هرمز.

اقرأ/ي أيضًا: الجزائر خارج حسابات الأزمة الليبية

وجاء في بيان شركة سوناطراك، أن السفينة كانت متّجهة إلى تنورة (مصفاة رأس تنورة الواقعة بالمملكة العربية السعودية) لشحن النفط الخام لحساب الشركة الصينية أونيباك UNIPEC" "، وعلى إثر ذلك، تمّ على الفور إنشاء خلية متابعة بين وزارتي الطاقة والشؤون الخارجية، إلى أن تتمّ معالجة هذه القضيّة، وأشار البيان إلى عدم تسجيل أيّ حوادث بشرية أو ماديّة.

من جهتها، ذكرت وكالة الأناضول، أن جنودًا من قوّات الحرس الثوري شوهدوا على متن الناقلة البترولية الجزائرية، وبحسب موقع "مغرب إيمرجنت"، فقد تمّ السماح للناقلة البترولية بمواصلة الإبحار والتوجّه إلى تنورة بالمملكة العربية السعودية، بعد التأكّد من طرف قوّات خفر السواحل الإيرانية أن الناقلة ليست بريطانية.

حادث متعمّد

تعدّ هذه الحادثة، المرّة الأولى في تاريخ العلاقات الجزائرية الإيرانية، التي يتمّ فيها توقيف ناقلة بترولية جزائرية من طرف القوّات البحرية الإيرانية، وبحسب خبراء في النقل البحري، فإن الحادثة لا يمكن اعتبارها اعتباطية أو خطأً من طرف قوّات السواحل الإيرانية؛ فالنقل البحري يخضع إلى إجراءات أمنية مشدّدة، كما يخضع إلى شروط الملاحة الدولية الدقيقة، كتحديد هويّة الناقلات البحرية ومساراتها والمعابر التي تسلكها، والناقلة البترولية الجزائرية "مصدر" من أكبر الناقلات البحرية في المنطقة، ولا يمكن تجاهل هويّة السفينة ومصدر البلد ببساطة.

في هذا السياق، يُثير هذا التدخّل الإيراني عدّة تساؤلات لدى متابعي الشأن الدبلوماسي، إن كان سلوك طهران الأخير هو ردّة فعل من مشاركة الجزائر الأخيرة في القمّة العربية والدورة 14 لمنظمة التعاون الإسلامي، المنعقدة في 30 مايو/ أيّار بمكّة المكرّمة، وهل هو رسالة من إيران إلى الحليف السياسي التقليدي في شمال أفريقيا؟

يُذكر، أن أبرز ملفّات القمّة العربية الأخيرة، هي التوتّرات الخليجية الإيرانية؛ فقد دعا الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي يوسف العثيمين إلى "رفض التدخّلات الإيرانية في المنطقة"، وشكّلت القمّة تعبئة دبلوماسية سعودية ضدّ إيران، أو ما وصفته بـ "الأطماع التوسّعية في المنطقة الخليجية". إذ تحاول المملكة السعودية رسم سيناريوهات مستقبلية في الخليج العربي، كما تعمل على تجنيد العالم العربي والإسلامي في صراعها مع إيران.

هل يتراجع محور الجزائر- طهران؟

يبدو أن توقيف الناقلة البترولية الجزائرية، يرفع من احتمالات انعكاس هذه الحادثة على العلاقات الجزائرية الإيرانية، حيث تتقارب وجهات النظر في كثير من المسائل السياسية والطاقوية، وقد ينتج عن هذه التوتّرات، انضمام الجزائر إلى المحور السعودي، الرامي إلى محاولة عزل إيران سياسيًا ودبلوماسيًا؛ فالسلوك الإيراني بعد توقيف الناقلة البترولية الجزائرية، ستكون له انعكاسات على السياسة الخارجية الجزائرية تجاه إيران بحسب خبراء؛ فالأضرار والخسائر ستمسّ مستقبلًا شركات النقل البترولية الجزائرية عبر مضيق هرمز، بداية من رفع بوليصة التأمين إلى مستويات قياسية تتجاوز الواحد في المائة.

يشهد مضيق هرمز توتّرات أمنية في الآونة الأخيرة، خاصّة بعد احتجاز الناقلة البحرية البريطانية "ستينا أمبيروا"

يُذكر أنّ معبر هرمز، يشهد توتّرات أمنية في الآونة الأخيرة، خاصّة بعد احتجاز الناقلة البحرية البريطانية "ستينا أمبيروا" من طرف الحرس الثوري الإيراني، حيث زادت المخاوف الدولية من انزلاقات إقليمية قد تؤدّي إلى حرب في الممرّ المائي الاستراتيجي، في مقابل ذلك احتجزت البحرية البريطانية الناقلة الإيرانية "جريس1" في جبل طارق في الرابع من جويلية/ تمّوز للاشتباه في تهريبها النفط إلى سوريا، وهو ما ينتهك العقوبات الدولية المفروضة على الأخيرة.

 

اقرأ/ي أيضًا:

أطماع فرنسية في ليبيا.. يدٌ مع الوفاق وأخرى على النفط

الجيش الجزائري.. عين على ليبيا وأخرى على تونس