29-سبتمبر-2022

(بلال بن سالم/ Getty)

فريق التحرير - الترا جزائر 

يعتزم حزب جبهة التحرير الوطني صاحب الأغلبية البرلمانية في الجزائر إلغاء منصب رئيس الحزب من قائمة هياكله القيادية، في مسعىً منه للتخلّص من إرث مرحلة "البوتفليقية".

حزب "الأفلان" لم يعرف رئيسًا غير بوتفليقة لكنه لم يكن يحضر نشاطاته أو يمارس صلاحياته

وفي وثيقة المشروع التمهيدي للقانون الأساسي تحوز "الترا الجزائر"، على نسخة منه اختفى هيكل الرئيس من قائمة مؤسّسات الحزب الواحد سابقًا  التي تضمّ اللجنة المركزية والأمين العام، حيث أن الحزب المحسوب على أحزاب الموالاة، لم يسبق له أن خالف قرارات السلطة أو صوّات نوابه ضدّ مقترحاتها، حتى وإن لاقت اعتراضًا شعبيًا واسعًا.

وعزت لجنة الصياغة المشكّلة من كوادر في الحزب قرارها إلى "اختفاء المنصب"، مقترحةً تحويل الصلاحيات التي يحوز عليها في القانون الأساسي الحالي وهي سلطة رئاسة المؤتمر واللجنة المركزية واستدعاءهما للأمين العام للحزب.

ولم يعرف "الأفالان"، رئيسًا له إلا عبد العزيز بوتفليقة، لكنه لم يسبق له أن حضر نشاطاته أو مارس حضوريًا هذه الصلاحيات  خلال فترة توليه رئاسة البلاد بين 1999 إلى غاية استقالته الإجبارية في نيسان/أفريل 2019، بضغط من المؤسّسة العسكرية والشارع الذي استفزه ترشّح الرئيس السابق لعهدة خامسةرغم تقدّمه في السن وضعه الصحي الهش.

وترجمت التعديلات المقترحة رغبة واضحة في التمكين للأمين العام المقبل بحماية قانونية وصلاحيات إضافية لأجل بسط سيطرته  الكلية عليه، وفي الخلفية التخلص من هاجس الانقلابات التي عاشها الحزب في الثلاثين عامًا الماضية، والتي استفحلت في السنوات العشر الماضية.

إذ مر على الأمانة العامة ستة أمناء عامون منذ 2012 هم: عبد العزيز بلخادم ، عمار سعداني، جمال ولد عباس، معاذ بوشارب، محمد جميعي ثم أبو الفضل بعجي (الأمين العام الحالي)، فأصبح الأمين العام حاملًا لـ "صفة الممثل الرسمي للحزب امام مؤسّسات الدولة وخارج الوطن"، وليس صفة الناطق الرسمي فقط مثلمًا هو منصوص عليه في القانون الأساسي الحالي.

وإلى جانب استحواذه كما ورد سابقًا على سلطة استدعاء المؤتمر العادي والاستثنائي، سيصبح متاحًا له إنشاء ديوان ملحق به ولجان مؤقتة، وفي العرف والممارسة السياسية الجزائرية، يعني ذلك إنشاء فريق بديل للمكتب السياسي الذي قد لا يكون على وفاق دائم مع أعضائه.

و في حالة موافقة هياكل الحزب وغالبيتها موالية للأمين العام الحالي أبو الفضل بعجي على تعديل المادة 66، الذي يتضمن اقتراح انتخاب العام من قبل المؤتمر، ستفقد اللجنة المركزية أكثر من ذلك اهم سلطاتها التي تحتفظ بها منذ مرحلة الحزب الواحد.

وبحسب تسريبات صحفية فقد ألقى أمين عام حزب جبهة التحرير الوطني أبو الفضل بعجي، بثقله في أشغال لجنة صياغة القانون الأساسي لفرض هذا الخيار، بدلًا من الإبقاء على النظام الحالي الذي يجعل اللجنة المركزية شريكًا في اتخاذ القرار في التنظيم السياسي.

لم تتبق للجنة المركزية إلا صلاحيات رمزية  تتضمن إمكانية استدعاء المؤتمر و اختيار اسم مرشح الحزب للانتخابات الرئاسية من عائلة  او تزكية مرشح آخر "، وهي مهمة شرفية باعتبار أن اختيار مرشح الرئاسيات في الجزائر يتم في مراكز قرار بعيدًا عن أعين الدوائر الحزبية.

وأتاحت التعديلات للأمين العام أيضًا سلطة دعوة إطارات وكفاءات حزبية للمؤتمر بصفة مندوبين أي يحق لهم المنافسة على عضوية اللجنة المركزية مثلهم مثل المندوبين المنتخبين من قبل قواعد الحزب في خطة تهدف لتعزيز حظوظ بعجي للاستمرار في منصبه.

و تضم التعديلات على القانون الأساسي تقليص عدد أعضاء اللجنة المركزية من جديد إلى ما بين 250 و 301 عضو بدل 500 عضو حاليًا (المادة 61).

وفي حالة شغور منصب الأمين العام للحزب (تكرر في العهدة الحالية مرارًا)  يجتمع المكتب السياسي وجوبًا ويكلف واحدًا منه لتولي المنصب بالنيابة (المادة 64).

انفتاح أكبر

ترجمت الصياغة الجديدة للقانون الاساسي توجهًا لزيادة المنتسبين والمتعاطفين من خلال مرونة أكبر على شروط العضوية والترشح في قوائمه.

حيث تم يمكن للمنخرطين الجدد مثلًا التقدم للانتخابات التشريعية في صفوف الحزب بعد أربعة أعوام  مستقبلًا بدل 7 أعوام حاليًا، وعامين للانتخابات المحلية بدل خمسة .

ويحسب ذلك على التقدم لمناصب في مؤسّسات الحزب القاعدية باستثناء المناسب العليا ومنها المكتب السياسي الواجب حيازة أعوام  اقدمية.

قواعد انضباط مشددة

نال القسم المتعلق بالمساءل التأديبية والأخلاقية مساحة هامة من التعديلات، في سياق معركة تخوضها القيادة الحالية للحزب المدعومة بالدولة لفرض مزيد من الانضباط الحزب،وكسر عمليات التمرد التي أوصلت كوادر فيه للمحاكم والسجن في العام 2021(محمد يسعد، ومحمد زبيري) فيم لازال التهديد بالحبس يلاحق آخرين بمن فيهم برلمانيين.

وأضيفت التعليقات والآراء التي ينشرها كوادر الحزب على مواقع التواصل الاجتماعي بدون رخصة من قبل قيادة الحزب لقائمة الاخطاء التي تضع مرتكب الفعل تحت طائلة الملاحقة امام لجان التأديب(البند 9 من المادة 26)،

واقترحت لجنة الصياغة الإقصاء الفوري لكل مناضل شارك في تجمع غير مرخص أمام مقرات الحزب للتعبير عن الرأي  ووضع التقارير المزيفة(توجه عادة للرئاسة منها التشكيك في دور عائلة الأمين العام الحالي في حرب التحرير) ونشر البيانات دون ترخيص في المسائل المرتبطة بقيادة الحزب(المادة 26).

و تترجم هذه العقوبات رغبة في إنهاء ظاهرة التجمهر والاحتجاج أمام مقرات الحزب، والتي لازالت مستمرة بسبب خلافات حول طريقة إعداد المؤتمر.

الزعامة الحالية لحزب "الأفلان" وضعت قانونًا على مقاسها لقيادة مريحة في الفترة المقبلة

ومن غير المستبعد أن تعرف هذه الوثيقة تغييرات يرجح أن تعود الكلمة فيها للموالين للزعامة الحالية للحزب التي يببدو أنها وضعت قانونًا على مقاسها لقيادة مريحة في العهدة المقبلة.