26-أغسطس-2023
حفل طرقان

(الصورة: فيسبوك)

لقي الحفل الأوّل الذي أقامه مغني شارات الرسوم المتحركة، طارق العربي طرقان، بالعاصمة الجزائر، تفاعلًا واسعًا على مواقع التواصل الاجتماعي، كونه  مكّن من حضروا هذه السهرة الفنية الاستثنائية من استعادة لحظات من سنوات الطفولة، وكذا بسبب حرمان عشرات الآخرين من عيشِ هذا الشعور لعدم استطاعتهم ولوج مسرح الهواء الطلق، رغم اقتناءهم تذاكر بقيمة 2500 دينار.

مؤسسة الأرقم للإنتاج لـ"الترا جزائر": عدد الذين لم يدخلوا مسرح الهواء الطلق لحضور الحفل لم يتعدَّ الـ300 شخص والأرقام المتداولة على منصات التواصل الاجتماعي تهويل إلكتروني فقط

ورغم إقامة حملة دعائية واسعة لحفل طارق العربي طرقان، إلّا أن التنظيم لم يكن في مستوى الحضور الجماهيري، بحسب تعليقات الكثيرين الذين لم يسعفهم الحظ للاستماع من جديد لأغاني الكرتون التي شاهدوها في طفولتهم.

غضب

لم يتمالك الكثيرون ممن لم يحضروا حفلة الفنان طارق العربي طرقان أنفسهم في التعبير عن غضبهم بعد حرمانهم من هذا الحق رغم اقتنائهم تذاكر التظاهرة  الفنية.

وكتب حسن بلعبيدي قائلا: "حلم لم يتحقق لا في اليقظة ولا في المنام، حفل الفنان طارق العربي طرقان وأولاده ، لماذا نحاول تعطيل الفرح أينما كان بكل الطرق؟ سهرة ذكريات طفولتنا حرمونا منها".

مضيفا: "أحزنني منظر أحدهم وهو راجع إلى بيته وتذكرته في يده، لقد بدا مهزومًا، فقد اقترض مبلغ تذكرة الحفل مني ليعيدهم في بداية الشهر".

وجاء في منشور لمروان مزراق إن "أكثر من 3000 شخص اقتنوا تذكرة بمبلغ 2500 دج لحضور حفل نجم "سبيستون"، طارق العربي طرقان، لم يتمكنوا من الدخول، لأنهم وجدوا أبواب مسرح الهواء الطلق العادي فليسي موصدة في وجوههم.  لقد خرجوا من بيوتهم حاملين معهم شارات معلقة بأذهانهم، وأحلامًا، ليصطدموا بأبواب موصدة في وجه كل ما جال بخواطرهم!".

وتابع يقول: "السؤال المطروح لماذا تم بيع تذاكر أكثر من الطاقة الاستيعابية للمكان المخصص للحفل؟ وأين دور وزارة الثقافة من هذا المشهد البائس الذي يعطي صورة سيئة عن تنظيم مثل هذه الحفلات".

لكن مصدر  من مؤسسة الأرقم للانتاج التي نظمت الحفل، فنّد، في تصريح لـ"الترا جزائر" أن يكون رقم من لم يتمكنوا من حضور الحفل قد وصل إلى 3 آلاف شخص".

واعتبر أن "ذلك مجرد تهويل إلكتروني، لأن عددهم تراوح على الأكثر بين 200 إلى 300"، حسب محدثنا الذي رفض ذكر اسمه.

وتداول الجزائريون فيديوهات وصور لطوابير تنتظر منذ ساعات المساء لحضور حفل صاحب أغاني شارات الرسوم المتحركة، وهي الطوابير التي لم تنته حتى بعد امتلاء مسرح الهواء الطلق عن آخره، وبداية الحفل، ما جعل المحرومين من الدخول يعودون أدراجهم من حيث أتوا.

مشكلة تنظيم

واعتبر بعض المعلقين على مواقع التواصل الاجتماعي أن ما حدث في حفل طارق العربي طرقان وأبنائه دليل جديد على سواء التنظيم، الذي يتكرر في المناسبات الثقافية.

ووصف عبد الرحيم لعرابة ما حدث في هذا الحفل بأنه "مهزلة تنظيمة أخرى في قطاع الثقافة والفنون".

كما دوّن الصحفي مهدي فراح في منشور على فيسبوك أن ما حدث "فضيحة بمسرح الهواء الطلق الهادي فليسي، فمئات الأشخاص لم يتمكنوا من الدخول وحضور الحفل رغم حيازتهم للتذاكر.. لا نستطيع لوم الجماهير المتعطشة لهكذا فن راقٍ يعيدنا للزمن الجميل وذكريات أغاني الكرتون.. للأسف في الجزائر يقضون على كل ما هو جميل".

وتابع فراح قائلا: "الجهة المنظمة تتحمل الجزء الأكبر من المسؤولية وهي مؤسسة الأرقم التي طرحت تذاكر في الموقع وفي قاعة إبن خلدون ما يطرح تساؤلا حول قضية التلاعب بالتذاكر وعدم مراعاة طاقة استيعاب المسرح".

لكن مصدرًا بمؤسسة الأرقم للإنتاج المنظمة للحفل أوضح في تصريحه لـ"الترا جزائر" أن مؤسسته قامت بدورها على أكمل وجه، حيث سخرت 180 شخصًا لعملية التنظيم، لكن للأسف مصالح المسرح هي من قامت بفتح أحد الأبواب ما سهل دخول من لا يحوزون على تذاكر الحفل، وأصحاب الدعوات الخاصة التي كانت مبالغة، حيث وصل عددها إلى ألف دعوة.

وأشار محدثنا إلى أن ممثلين عن مؤسسة الأرقم للإنتاج تحدثوا مع حاملي التذاكر الذين لم يتمكنوا من حضور السهرة الفنية، ولمسوا لديهم تفهمًا، ومن أثاروا الفوضى هم الذين أرادوا دخول الحفل دون تذاكر، مذكرا أنه تم فتح الأبواب منذ الساعة الثانية بعد الزوال، وكان منذ البداية مقررًا غلقها على الساعة السابعة.

تعويض

وأفاد المصدر ذاته أنه لحد الآن لم يتصل بالمؤسسة سوى 20 شخصًا من أصحاب التذاكر الذين لم يطالبوا بالتعويض، إنما للاستفسار حول إمكانية تنظيم حفل جديد لطارق العربي طرقان وأبنائه بالجزائر العاصمة، مبينًا أن هذا ما تفكر فيه مؤسسة الأرقم للإنتاج بعد نجاح حفل الجمعة، لكن لم يتم لحد الآن تحديد تاريخ الحفل المقبل، لأن ذلك مرتبط بأجندة الفنان طارق العربي طرقان.

وتوقع المصدر ذاته أن حفلي قسنطينة ووهران سيكونان ناجحين تنظيميًا، لأن الخطأ الذي وقع في العاصمة لم ترتكبه الأرقم للإنتاج إنما الجهة المستضيفة التابعة لمؤسسة فنون وثقافة.

مؤسسة الأرقم:  تلقينا اتصالات من أصحاب التذاكر ولم يطالبوا بالتعويض بل استفسروا عن إمكانية تنظيم حفل جديد لطرقان بالجزائر العاصمة

وحسب مديرة مؤسسة الأرقم للإنتاج، راضية خماش، فإن حفلي قسنطينة ووهران سيكونان بالتعاون مع الديوان الوطني للثقافة والإعلام الذي يملك خبرة كبيرة في هذا المجال، مشيرة أن الحفلة المقبلة في العاصمة ستكون نهاية الشهر بعد مشاركة طارق العربي طرقان في اختتام حفل الجيمرز بالسعودية يوم 28 آب/أوت الجاري.

وأشارت خماش إلى أن الحفل المقبل سينظم في فضاء أوسع سيكون إما القاعة البيضاوية أو ملعب 5 تموز/جويلية، بالعاصمة، ولن تكون مؤسسة فنون وثقافة طرفًا فيه بعد المشاكل التي وقعت في مسرح الهواء الطلق.

ومن المؤكد أن الحضور الغفير، الذي ميّز حفل طارق العربي طرقان دليل على تذوق الجزائريين للفن الهادف حتى ولو كان موجهًا للأطفال، إلّا أن هذا الشغف الفني يصطدم في كل مرة بعدم احترافية كثير من المنظمين الذين لم يتعظوا من فاجعة حفل سولكينغ التي وقعت قبل أربع سنوات بملعب 20 آب/أوت ببلوزداد.