27-أغسطس-2019

مدير الديوان الوطني للثقافة والإعلام سامي بن الشيخ (فيسبوك/ الترا جزائر)

لم يحدث في الجزائر أن أدّى الفشل في تنظيم حفل فنّي، إلى سلسة من الإقالات والاستقالات لعدد من المسؤولين، مثلما فعل حفل المغنّي المقيم في الخارج عبد الرؤوف درّاجي المعروف فنيًّا بـاسم "سولكينغ" (1989)، علمًا أنّ صفة الفشل هنا تنطبق فقط على الجانب التّنظيميّ للحفل، حيث أدّى إلى موت خمسة أشخاص وجرح العشرات.

أثارت وقفة الفنانين التضامنية سخرية واستنكارًا كبيرين لدى قطاع آخر من الفنّانين الجزائريين

كان ذلك، حسب تقارير متطابقة، نتيجة روح الارتجال، التّي هيمنت على تنظيم الحفل، في ملعب رياضيّ كبير، وإسناد مهمّة الحراسة الأمنيّة إلى شركة غير مؤهلة لا قانونيًّا ولا ميدانيًّا، بما خلق حالات استنكار واسعة لدى الجزائريين في الواقع والمواقع.

اقرأ/ي أيضًا: حفل سولكينغ.. حالة طوارئ في العاصمة

كانت إقالة مدير "الدّيوان الوطنيّ لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة"، المنظّم المباشر للحفل، سامي بن الشّيخ الحسين أولى الإقالات للوجوه المرتبطة مباشرة بالحدث، ثمّ تبعتها إقالة مدير الأمن الوطني عبد القادر بوهدبة، فاستقالة وزيرة الثقافة مريم مرداسي، التّي عدّها قطاع واسع من الملاحظين في حكم الإقالة.

خلّفت هذه الإجراءات، التّي سارعت إليها حكومة نور الدّين بدوي، الذّي بقي مدرجًا شعبيًا ضمن الباءات المرفوضة، ارتياحًا في الأوساط المختلفة. غير أنّ نخبة من الفنّانين تجمّعت أمام مقرّ الدّيوان الوطني لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة، الإثنين، احتجاجًا منها على إقالة سامي بن الشّيخ الحسين، الذي وصفته بالضّحية وبخادم الفنّ والفنّانين وطالبت بإعادته إلى منصبه، "حتّى يواصل مهمّة تطهير الدّيوان وتكريس حقوق الفنّان في الجزائر". ورافعة لافتة مكتوبًا عليها "كلّنا سامي بن الشّيخ".

كتب النّاقد المسرحيّ حبيب بوخليفة في تدوينة فيسبوكيّة، له أنّ سامي بن الشيخ الحسين استطاع في ظرف قصير من الزّمن أن يجعل من الدّيوان الوطنيّ لحقوق المؤلّف مؤسّسة جادّة وقويّة، "وبفضل جهوده الجبّارة أعاد حقوق الفنّانين والمثقفين الجزائريّين بدون استثناء. وهذا يحسب له مقارنة بما كانت عليه المؤسّسة سابقًا". يسأل: "ما عساه أن يفعل في حدود مسؤوليّته؟ أن يمنع العرض؟ لا طبعًا. ولكن المسؤوليّة على الوزيرة التّي لم تجتهد لإقامة الحفل في ملعب أكبر".

في المقابل، تركت وقفة الفنانين سخرية واستنكارًا كبيرين لدى قطاع واسع من الفنّانين الجزائريين. يقول الممثل محمّد عبلول لـ"الترا جزائر"، إنّ الرجل لم يُنحّ من منصبه لسبب يمكن التّسامح معه، "بل بسبب التّسبّب في موت مواطنين. وإنّ الاحتجاج على تنحيته يعني أنّ الرّوح البشرية لا تعني شيئًا".

ونقرأ في تدوينة فيسبوكيّة للكاتب والإعلاميّ محمّد علّاوة حاجّي أنّ سامي بن الشّيخ لم يُعتقَل ولم يُؤخذ إلى سجن انفراديّ في انتظار محاكمته. "فقط جرت إقالته من منصبه مديرًا للدّيوان الوطنيّ لحقوق المؤلّف والحقوق المجاورة، بعد سقوط أرواح في حفل نظّمته المؤسّسة. ومع ذلك، يُنظّم فنانون وقفةً للتّضامن معه".

يسأل محمّد علّاوة حاجّي: "متى نتعلّم أنّ الاستقالة سلوك حضاريّ يُفترض أن يكون أمرًا يوميًّا وروتينيًّا في هذا البلد الذّي ابتُلي بمسؤولين أكثرهم فاسد أو فاشل أو فاسد وفاشل معًا؟ وأنّ لا أحد يُخلّد في منصبه، بما أنّ الأمر هنا يتعلّق بإقالة؟ وقبل ذلك متى نتعلّم ترك مصالحنا الشّخصية جانبًا والتّفكير في المصلحة العامّة؟".

في سياق ما انتهت إليه تدوينة حاجّي، كتب النّاشط كمال زايدي بلهجة جزائريّة أنّ ثمّة فنّانين يأكلون من كلّ صحن يوضع أمامهم، في إشارة إلى الرّوح الانتهازيّة، "ومنهم اليوم من يتضامن مع مدير ديوان حقوق المؤلّف المقال. أمامنا أيّام سنسمع فيها عبارة توجّه إلى بوتفليقة: آسفين يا ريّس".

نفى "سولكينغ" علمه بوقوع ضحايا خلال الحفل الذي كان يحييه وإلا كان أوقف العرض

من جهته، أبدى المغنّي  سولكينغ حزنه وأسفه على ما وقع في الحفل. حيث أكّد أنّه لم يكن على علم بما حدث وإلّا لأوقف الحفل. ثم عاد في تسجيل آخر له، ظهر فيه شاحبًا ومضطربًا، فكرّر أسفه وتعازيه لعائلات وأصدقاء الرّاحلين الخمسة.

 

اقرأ/ي أيضًا: 

سولكينغ وعَلَم البوليساريو.. السياسة في وضعية تسلّل

"سولكينغ" يعود إلى الجزائر نجمًا.. موسيقى على إيقاع الثورة؟