07-أبريل-2024
إدريس بن شرنين

إدريس بن شرنين

تعرفنا في المُدّةِ الأخيرة على عدّة أسماء شابة حملت على عاتقها تجديد نَفَسِ التّمثيل والإخراج المسرحي والدراميّ في الجزائر، حيث لفتت الأنظار من خلال عدة أعمال تم عرضها على شاشات القنوات المحلية، خلال شهر رمضان، عندما احتدّت المنافسة بين مختلف الإنتاجات الدرامية التي تفاوتت فيها مستويات الأداء، الإخراج والسيناريو، وبرزت من خلالها العديد من الإمكانيات الفنية التي يحظى بها هذا المجال في البلاد رغم كلّ ما يمكن أن يقال أو ما تمّ انتقاده.

تَخرَّج إدريس بن شرنين من المعهد العالي لمهن فنون العرض والسمعي البصري، وقد مارس بعد ذلك مهنة التمثيل والإخراج المسرحي، ثم التلفزيوني، حيث كانت انطلاقته بداية من مسرح التاج لولاية برج بوعريريج مع الربيع ڨيشي سنة 1997.

من بين الأسماء العديدة التي تؤثث المشهد الدّرامي الحالي، برز مؤخرا اسم المخرج إدريس بن شرنين(1988)، وهو من مواليد ولاية برج بوعريريج، من خلال تقديمه لبعض الأعمال التي كان أحدَثُها إخراجه لمسلسل "انتقام الزمن" الذي عرض على شاشة التلفزيون الرسمي، وأثار انتباه المتابعين الذين كانوا يبحثون بين مختلف الأعمال المعروضة عن عمل يحمل قصة مختلفة، ورؤية إخراجية تختلف بعض الشيء عما ألفوه في بقية الأعمال.

تَخرَّج إدريس بن شرنين من المعهد العالي لمهن فنون العرض والسمعي البصري، وقد مارس بعد ذلك مهنة التمثيل والإخراج المسرحي، ثم التلفزيوني، حيث كانت انطلاقته بداية من مسرح التاج لولاية برج بوعريريج مع الربيع ڨيشي سنة 1997.

بعد ذلك، اتجه بن شرنين إلى الإخراج المسرحي حيث كان ملاذه الأول مع نفس التي شهدت انطلاقته، ثم ذهب إلى السينما، وهناك كانت الخطوات الأولى رفقة صديقه عبد الحفيظ ڨليل، في محاولات فردية جمعتهما لإنتاج بعض الأفلام القصيرة بإمكانياتهما الخاصة قبل الالتحاق بالمعهد العالي لفنون العرض.

قدم الشاب إدريس في المجال التمثيلي عدة أدوار ، حيث نجد أهم أعماله في فيلم "لم نكن أبطالا" لنصر الدين قنيفي، مسرحية "ليلة اعدام" لسفيان عطية، ومسرحية "الجدار" لعقباوي الشيخ.

أما في الإخراج، فقد قدم مسلسل واد النحل ( باللغة الأمازيغية)، مسلسل "انتقام الزمن"، ومسرحيات "المرأة الثانية"، "كي شغل"، كما أنه يملك في رصيده فيلما قصيرا بعنوان "عيد ميلاد".
 

  • كيف جاءت فكرة مسلسل انتقام الزمن وهل كانت ظروف تصويره هيّنة؟ 

 تعود فكرة المسلسل بالأساس إلى فريد معطاوي صاحب السيناريو وكاتب الرواية التي تحمل نفس الاسم، ولا أخفي عليكم أنظروف التصوير كانت صعبة جدا، بداية من ارتباطنا بموعد التسليم المحدد في فترة زمنية وجيزة، ووقت التصوير الذي كان ضيقا جدا، إذ تم الاتصال بي في آخر دقيقة للقيام بإخراج هذا العمل، ما جعل الأمر تحديا بالنّسبة إلي.

لقد كُنّا نُسابق الوقت حرفيا ليكون المسلسل جاهزا للعرض مع بداية الشهر الفضيل، مع ذلك، واصلنا التصوير إلى غاية اليوم العشرين من رمضان، حيث سلّمنا الحلقات خلال فترة العرض يوما بيوم.

1

لقد كانت تجربتي الإخراجية هذه مجازفة في واقع الأمر، مع ذلك قبلتُ خوضها وواصلت التحدي، لكن الأمر الأصعب بالنسبة لي كان يكمن في إيجاد وصنع خلفيات ودوافع للشخصيات لتحريكها بالشكل الصحيح، لأنها كانت -بكل صراحة- منعدمةً أو ضعيفةً داخل النّص الأصليّ، ولحسن الحظّ أنني كنت مُحاطاً بمجموعةٍ جميلة من الممثلين الّذين استطاعوا تجسيد هذه الشّخصيات، وقد أضافوا الكثير لهذا العمل، على غرار الممثل سليمان بن واري، الطاهر زاوي، يوسف سحيري، علي ناموس، حجلة خلادي، فتيحة وراد، شيماء عطاء الله، حبيب عيشوش، وأحمد مداح، حيث كان التعامل سلسا جدًّا مع هذه المجموعة التي لم تبخل بأي جهد لإنجاح هذا العمل ودفعه نحو الأمام.

  • لاحظنا في عملك هذا وجود توليفة مكونة من ممثلين وأسماء شابة من المؤثرين، هل كانت هذه الخيارات مقصودة؟ وهل ترى أن رهانك على أسماء من خارج الوسط الفني كان ناجحا؟

في الواقع، لقد كان هذا الاختيار المنوّع للممثلين مقصودا، كما كانت له عدة فوائد حصلت خلال الاحتكاك الذي حدث أثناء التصوير بين الكثير من المواهب الشابة والممثلين من أصحاب الخبرة ( أقصد هنا الممثلين الذين لم يبخلوا بشيء من خبراتهم لتلقين هؤلاء بكل محبة، خاصة سليمان بن واري ومحمد الطاهر زاوي الذين منحا الكثير للأسماء الشابة خلال تصوير هذا العمل).

من ناحية أخرى، لقد بدأت مسيرتي الفنية بدوري من خلال التمثيل، وقد كانت من بين أحلامي العديدة وأنا في بداية طريقي أن أظهر مع الكبار، وأن أحصل على فرصة حقيقية، لذلك اتجهت إلى الميدان الذي كان متاحا لي حينها (المسرح).

أعتقد أن من بعض المؤثرين - مع تحفظي وعدم حبي لهذه التسمية- قد اتجهوا بدورهم إلى المنصات ومواقع التواصل الاجتماعي لممارسة هوايتهم التي يحبونها بالأصل وهي (التمثيل)، وهذا ما لمسته عند احتكاكي بهم وحديثي معهم، حيث كان الجميع يبحث عن طريقة للتكوين، وكانوا يصبون بشتى الطرق إلى تطوير أنفسهم وقدراتهم التمثيلية، كما لا يمكن إغفال أهمية منصات التواصل حاليا، حيث بدأ الفنانون والممثلون بدورهم في استغلالها للظهور أكثر، مثل سيد علي جباري (ممثل مسرحي من أدرار)، وإيناس عبدلي التي بدأت مشوارها كممثلة منذ طفولتها، ولم تنطلق من مواقع التواصل كما هو مُشاع.

  • هل تعتقد أن أصداء مشاهدات المسلسل جاءت في صالح العمل؟ 

أظن أن الأصداء حول “انتقام الزمن” كانت إيجابية على قلتها، وهذا ما لمسته من خلال ردود أفعال المشاهدين الذين تابعوا هذا العمل من أوله إلى آخره، إضافة إلى تعليقات بعض الفنانين والصحافيين

  • ما هي الأشياء التي وددت لو حققتها فيه لو كانت لديك إمكانيات ووقت أكبر أثناء إخراج "انتقام الزمن" ؟

أظن أن الأمور التي وددت لو حققتها لو أنني امتلكت الإمكانيات والوقت الكافيين تكمن في المقام الأول في الحصول على فرصة الاشتغال بشكل أكبر على السيناريو وتصحيح الثغرات الكثيرة التي صادفناها فيه (خاصة ثغرات الحوارات وأفخاخ التكرار الكثيرة)، كما وددت فعلا لو امتلكت المدة الكافية لتصوير الجينيريك الذي كنت قد وضعت له تصورا معينا ورؤية مختلفة، لكن الوقت لم يكن أبدا في صالحي من هذه الناحية.

من ناحية أخرى، كان من الممكن أن أقف بشكل أفضل على المونتاج، لأنني حرفيا لم استطع التوفيق بين التصوير خلال النهار والقيام بأعمال المونتاج ليلا، مع ذلك، ولحسن الحظ، تعاملت مع الرايس حسام الدين (مسؤول التركيب) الذي ساعدني كثيرا في إنجاز الكثير منا صعب علي إنجازه.

  • ما الأصعب في نظرك، الإخراج أو التمثيل؟ لماذا ؟

أظن أن الأصعب فعليا هو الإخراج ، لكن هذا لا يعني أن التمثيل أمرٌ هَيّن، بل يمكن اعتباره مهنة معقدة للغاية، تتطلب الكثير من الجهد، العمل، الالتزام، ومحبة المهنة واحترامها.

ما زلتُ أحبّ التّمثيل، كما أنني أنسى دائما نفسي عندما أحاول شرح وضعية ما للممثلين، إذ أجدني مُعَبّراً عن توجيهاتي بطرق تمثيلية، وأتقمص ذلك الفعل بشكل لا إرادي، كما أنني أعتبر توجهي نحو الإخراج نوعا من الرغبة في الإحتكاك بالتمثيل والممثلين بشكل ما،  ويمكن القول أن الإخراج بالنسبة لي كان من أجل البقاء في جوّ التمثيل الذي أحبه.

  • هل يكفي أن نشاهد الأعمال الدرامية خلال شهر رمضان فقط لكسب الرواج والمشاهدات، أم أن العمل على إنجاز أعمال غير موسمية أفضل لكم كمخرجين وفنانين لتقديم منتوج أفضل لا يخضع للضغوطات والآجال؟

أعترف أنني لم أكن أدرك جدوى هذا الانحصار الإنتاجي خلال شهر رمضان، مقارنة ببقية العام الذي يشهد شُحّ إنتاجي كبير، لكنني مع الوقت والممارسة فهمت أن هذه الأمور تظل تجارية بحتة، وأن من يتحكم فيها في الواقع هو قانون العرض والطلب على هذا النوع من الأعمال، وبما أن العائلات تجتمع أغلبها في هذا الشهر أمام الشاشات والقنوات التلفزيونية على كثرتها، نجد أن كل المحطات تستغل نسب المشاهدات التي ترتفع خلال السهرات الرمضانية.

2

في الواقع، أرى أن الأمر لم يعد مرتبطا بشهر رمضان في الآونة الأخيرة، خاصة مع ظهور منصات المشاهدة التي توفر عروضا حصرية لمختلف الأعمال الدرامية، لهذا فأنا أعتقد أن الأمر لا يعدو أن يكون إلا عادة عندنا، لأن معظم الدول العربية تنتج الدراما على مدار العام، وليس فقط خلال شهر رمضان، لذلك لم يعد لزاما على القنوات المحلية هنا أن تربط إنتاجها الدرامي بهذا الشهر، وعليها أن تتدارك الركب من خلال إنتاج مختلف الأعمال خلال فترات متفرقة طيلة السنة لتعرف النجاح والرواج، وهذا ما سيسمح قطعاً بإزالة تلك الضغوطات الرهيبة التي تقع على كاهل أي فريق لأي عمل عمل كان، ما سيؤثر إيجابا بالنهاية على المستوى المقدم فيه من كل النواحي الفنية.