28-أكتوبر-2022
عملية مداهمة من طرف الدرك الوطني لأحد المستودعات (الصورة: في بلادي)

عملية مداهمة من طرف الدرك الوطني لأحد المستودعات (الصورة: في بلادي)

عرفت سوق مختلف المواد الاستهلاكية خلال السنة الجارية بصفة استثنائية، تزايدًا كبيرًا في ظاهرة المضاربة والاحتكار، ما دفع بالسلطات العليا إلى إقرار عقوبات قاسية تصل إلى 20 سنة حبسًا على المحتكرين والمضاربين، خاصة وأن الظاهرة ساهمت بشكل كبير في ندرات متكررة للسلع والمواد، وارتفاع أسعارها بأضعاف.

يجمع مختصون أنه لا يمكن القضاء على المضاربة إلا عبر اتخاذ قرارات جريئة مرتبطة بالسياسة الاقتصاد

بعد مرور قرابة السنة من صدور قانون يتعلق بمكافحة المضاربة غير المشروعة، وفي ظل التزايد الملحوظ للظاهرة والذي أثر بشكلٍ سلبي على وفرة السلع الاستهلاكية وأسعارها، كثفت السلطات الوصية جهودها من أجل تحريك القانون الذي يعتبر آلية ردعية لمثل هذه السلوكات التي أصبحت تتحكّم في السوق الجزائرية، وهو ما جعل المسؤولين يتحولون تلقائيًا من الرقابة الروتينية للأسواق، إلى تثبيت السلوك كجرم يعاقب عليه القانون بأقصى العقوبات والتي تصل إلى حدّ السجن المؤبد.

حيث أنه ورغم النصوص القانونية القائمة والمحددة لقواعد المنافسة والممارسات التجارية، إلا أنها لم تفلح في القضاء على المضاربة غير المشروعة، لظهور أساليب جديدة تنطوي على التدليس وتضليل المخالف للممارسات الأخلاقية للأعمال التجارية المتسمة بالشفافية والانفتاح، الأمر الذي دفع بالتشريع الجزائي الجزائري الى أن يضع تشريعًا خاصًا بمكافحة جريمة المضاربة غير المشروعة وفقًا للقانون 21-15 الصادر بتاريخ 28 ديسمبر 2021.

إلا أنه وإن كان التدخل الجنائي في مجال الأعمال وضبط السوق غير محبذ، إلا أن ظهور بعض الممارسات التجارية ذات الطابع الاحتكاري والتدليس يستوجب معه تدخل ردعي كضمانة للأمن الاقتصادي والمجتمعي.

72 جنحة مضاربة في 6 أشهر

بلغة الأرقام، سجلت مصالح وزارة التجارة وترقية الصادرات، خلال السداسي الأول فقط من السنة الجارية 2022، ما مجموعه 72 جنحة في إطار مكافحة المضاربة غير المشروعة.

وأوضحت الوزارة في حصيلة لها، أنه "في إطار تقييم ومتابعة نشاط الرقابة على مستوى السوق فيما يخص تطبيق أحكام القانون رقم 21-15 المؤرخ في 28 كانون الأول/ديسمبر سنة 2021، المتعلق بمكافحة المضاربة غير المشروعة، أسفرت عمليات الرقابة المنجزة، بالتنسيق مع المصالح الأمنية، خلال السداسي الأول لسنة 2022، على 50420 تدخلا مكن من تسجيل 72 جنحة وتحرير 68 محضر متابعة قضائية".

بالإضافة إلى ذلك، قامت مصالح الرقابة التابعة للوزارة باتخاذ اجراءات إدارية تحفظية تمثلت في حجز سلع تقدر بـ 2632.43 طن، بقيمة إجمالية تقدر بـ218.64 مليون دينار جزائري.

وأشارت الوزارة في حصيلتها إلى أن 79 % من التدخلات الميدانية الرقابية على مستوى السوق الوطنية في إطار محاربة المضاربة غير المشروعة تمت على مستوى محلات التجارة بالتجزئة ما يعادل 39914 تدخل، وما نسبته 17 بالمائة على مستوى تجار الجملة أي 8279 تدخل، وثلاثة بالمائة بمؤسسات الإنتاج ما يعادله 1613 تدخل، فيما سجلت نسبة 1 % على مستوى محلات المستوردين، أي 614 تدخل، وهي أرقام قياسية حسب القائمين على العمليات الرقابة التجارية.

مراجعة سياسة الدعم

ويجمع مختصون، في حديث لـ"الترا جزائر" على أنه لا يمكن القضاء على المضاربة، إلا عبر اتخاذ قرارات جريئة مرتبطة بالسياسة الاقتصادية على المدى البعيد، تخص على وجه الخصوص إعادة النظر في سياسة دعم المواد الاستهلاكية، والتي قللت، حسب ذات المختصين من الهوامش الربحية للتجار، وأدت إلى تزايد عمليات المضاربة والاحتكار على وجه الخصوص المواد المدعمة والمسقف سعرها.

وبغض النظر عن تكثيف عمليات الرقابة والتكفل بتوزيع السلع الاستهلاكية في الأسواق، تدعو الجمعية الوطنية للتجار والحرفيين الجزائريين، على لسان رئيسها الطاهر بولنوار، إلى التوجه نحو إعادة تكييف نظام الدعم كحل رئيسي يتماشى بالتوازي مع قانون مكافحة المضاربة غير المشروعة.

623 مليار دينار جزائري لدعم أسعار الغذاء

قال الوزير الأول إن الحكومة حشدت موارد مالية إضافية لدعم أسعار المواد الغذائية واسعة الاستهلاك، والتخفيف من وطأة ارتفاع أسعارها في السوق العالمية على المواطن الجزائري.

حيث بلغ الغلاف المالي المخصص لدعم أسعار المواد الغذائية واسعة الاستهلاك، حسب ما أعلن عنه الوزير الأول في رده على أسئلة وانشغالات أعضاء مجلس الأمة بخصوص بيان السياسة العامة للحكومة، 613 مليار دينار جزائري خلال السنة الجارية، مقابل 318 مليار دينار جزائري في سنة 2021، بزيادة قدرها 93 بالمئة.

وبخصوص مشكل ندرة بعض المواد الأساسية واسعة الاستهلاك، وبالرغم من التدابير التي اتخذتها الحكومة لضمان وفرة هذه المواد في السوق، لا سيما من خلال تكوين مخزون استراتيجي وزيادة الإنتاج، إلا أنه تم تسجيل اضطرابات في توزيع هذه المواد، أرجعها الوزير الأول بالأساس إلى "المضاربة والتهريب من بعض الشبكات المنظمة".

وذكر في هذا السياق بإعداد قانون يتعلق بمكافحة المضاربة غير المشروعة دخل حيز التنفيذ مطلع هذه السنة، يتضمن عقوبات لهذه الجريمة تصل إلى 30 سنة سجنًا، لكونها تمس بأمن واستقرار المجتمع.

بالإضافة إلى ذلك، وضعت الحكومة الأدوات والآليات اللازمة لضمان تنظيم الأسواق وتموينها بشكل أفضل واتخذت تدابير لتعزيز الرقابة وقمع الغش وتشديد إجراءات الرقابة الحدودية.

حملة ضد "سرّاق الدعم"

من جهتها، أعلنت جمعية حماية وارشاد المستهلك، عن إطلاق حملة أسمتها "سرّاق الدعم" ضد المضاربة، وهي مبادرة تهدف إلى تشجيع المستهلكين على التبليغ عن أي تلاعب بأسعار المواد المدعمة، والمسقف أسعارها.

حيث جاء في بيان للجمعية، أن الحملة تتعلق بالمنتوجات المدعّمة واسعة الاستهلاك على غرار زيت المائدة، السميد، والحليب.

ودعت ذات الهيئة، المستهلكين إلى التبليغ عن حالات فرض أسعار أكثر من الأسعار المقننة، أو فرض البيع المشروط، أو تخزين المنتجات المفقودة في السوق.

ونشرت هيئة ارشاد المستهلك وحمايته، عبر صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" قائمة الأسعار المقننة للمواد الغذائية ذات الاستهلاك الواسع.

قائمة الأفعال ضمن المضاربة

وفي سياق متصل، كشفت المنظمة الجزائرية لحماية المستهلك عن قائمة الأفعال التي تدخل ضمن فعل المضاربة غير المشروعة والتي يترتب عنها عقوبات مختلفة.

وفي منشور عبر صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، نشرت ذات الهيئة، الأفعال التي تعتبر ضمن المضاربة غير المشروعة وهي كالتالي:

- كل تخزين أو إخفاء للسلع أو البضائع بهدف إحداث ندرة في السوق أو اضطراب في التموين.

- ترويج أخبار أو أنباء كاذبة أو مغرضة عمدا بين الجمهور بغرض إحــداث اضطراب في السوق ورفع الأسعار بطريقة مباغتة وغير مبررة.

- طرح عروض في السوق بغرض إحداث اضطراب في الأسعار أو هوامش الربح المحددة قانونا.

- تقديم عروض بأسعار مرتفعة عن تلك التي كان يطبقها البائعون عادة.

- القيام بصفة فردية أو جماعية أو بناء على اتفاقات، بعملية في السوق بغرض الحصول على ربح غير ناتج عن التطبيق الطبيعي للعرض والطلب.

- استعمال المناورات التي تهدف إلى رفع أو خفض قيمة الأوراق المالية.

وأشارت المنظمة أنه ووفق للقانون المؤرخ في 28 كانون الأول/ديسمبر سنة 2021 قانون رقم 21-15، يتعلق بمكافحة المضاربة غير المشروعة، تسلط عقوبات مشددة تصل إلى السجن المؤبد.

المنظمة الجزائرية لحماية المستهلك: العقوبة على الحبوب ومشتقاتها تصل إلى الحبس من 10 سنوات إلى 20 سنة

وأوضح المصدر نفسه، أن العقوبة على الحبوب ومشتقاتها أو البقـول الجافة أو الحليب أو الخضر أو الفواكه أو الزيت أو السكر أو اللبن أو مواد الوقود أو المواد الصيدلانية، تكون الحبس من 10 سنوات إلى 20 سنة أما الغرامة المالية فهي من مليون إلى مليوني دينار جزائري.