17-يوليو-2022
هواري دوفان (الصورة: يوتيوب)

هواري دوفان (الصورة: يوتيوب)

هواري سيواني، فنان يشتهر في الوسط الفني الجزائري بـ "هواري دوفان،" ويعدّ أحد الأصوات البارزة في موسيقى وأغنية الراي، التي أنجبتهم جوهرة المتوسط وهران، ربما لا يحظى بشهرة الراحل الشاب حسني أو ملك الراي الشاب خالد أو الأمير الشاب مامي، ولكن لديه جمهوره ومعجبوه، وبصمته في موسيقى الراي، بعدما  انتهج "ستايل" خاصًا به في موسيقى الراي والأغنية العاطفية، يتحدّث في حوار لـ "الترا جزائر" عن طفولته ومسيرته الفنية وأغنية الراي الجزائرية، متنمنيًا إدارجها تراثًا جزائريًا موسيقيًا في يونيسيكو.

هواري دوفان: كلمة "الراي" تعني الحب والإحساس والمشاعر الجميلة

ولد هواري الدوفان  في 10 مايو/آيار 1971، في حي paradis plage، بعيون الترك بوهران، تربى وكبر في منزل جدّته بعد وفاة والدته وهو لا يزال طفلًا، عرف الدوفان الذي عاش طفولة حزينة وقاسية نوعًا ما طريقه إلى الغناء وهو صغير لم يتجاوز 12 سنة، فأوّل أغنية أّدّاها كانت للشاب مامي وعنوانها "بلمين بلمين"، ثم انتقل إلى الغناء في المطاعم، ومن بينها مطعم "le dauphin rose" ومنه أخذ اسمه الفنّي "هواري دوفان" وكانت أول أغنية يوقعها بهذا المكان "يا لميمة خليني نروح" رثاء لوالدته التي رحلت وهو طفل صغير، وفعلًا انطلق هواري الدوفان نحو الشهرة في عالم الراي. بحسب ما صرّح به قبل سنوات في لقاء تلفزيوني لقناة جزائرية خاصة.

يعود هواري الدوفان في لقاء مع "الترا جزائر" إلى مشاركته الأخيرة في الطبعة الثانية عشر لمهرجان الراي التي أقيمت بعاصمة الراي وهران في إطار ألعاب البحر المتوسط في نسختها التاسعة عشر، قائلًا: " اعتدت على المشاركة والحضور في مهرجان الراي منذ سنوات، بحيث تعود أول مشاركة لي في هذا الحدث عام 1997".

وأضاف الدوفان: "نحن سعداء، بعودة مهرجان الراي إلى مدينته التي انطلق منها عام 1985، المهرجان يعود إلى مكانه الطبيعي  والأصلي، وأتمنى أن ينظم المهرجان كل سنة بوهران ولو أنّه في هذه الصائفة جرى تنظيمه تزامنًا وألعاب البحر المتوسط التي أسدل ستارها قبل أيام فقط".

الدوفان يعود.. ما أسباب الغياب؟

ظهور هواري الدوفان من بوابة مهر جان الراي، يعكس بالمقابل غيابه لفترة طويلة عن الساحة الفنّية والإعلامية، وعن هذا الغياب أوضح الدوفان أنّ ظروفه الشخصية والعائلية جعلته يغيب مرغمًا عن جمهوره لبعض الوقت، إضافة إلى أنّ وباء كورونا عطلّ وشلّ مختلف النشاطات الفنية والثقافية في البلاد لأكثر من ثلاث سنوات، ما لم يسمح له ولشريحة واسعة من الفنانين من إحياء حفلات أو المشاركة في فعاليات وحفلات موسيقية وفنّية. كما كشف في السياق استعداده لإحياء سهرة من سهرات مهرجان جميلة الدولي المرتقب بمدنية جميلة بسطيف في الأسبوع الرابع من شهر آب/أوت المقبل، في حين لم تتأكد مشاركته في مهرجان تيمقاد المرتقب بعد أيام قليلة بولاية باتنة شرق الجزائر. بحسب قوله.

وبخصوص موسيقى وأغنية الراي التي تمكنت من بلوغ العالميةوأمتعت الملايين من عشاقها، أكدّ هواري سيواني أنّ أغنية الراي لم تصل العالمية صدفة، بل جاء ذلك إثر عمل قام به فنانون سبقوه أمثال الشاب خالد الملقب بـ ملك الراي، والشاب مامي الملقب بـأمير الراي، والراحل الشاب حسني..  وفنانين آخرين.

وشدّد المتحدث في معرض حديثه أنّ جيله والجيل الحالي يسعون للحفاظ على المكانة التي وصل إليها الراي، بل ويسعون جاهدين للحفاظ على فن الراي وتطويره دون الإخلال بقالبها وكلماتها وخصوصيتها الموسيقية. مؤكدًا في الصدد ذاته أنّه يتمنى تصنيف الراي كتراث غنائي وموسيقي جزائري خالص ضمن لائحة التراث اللامادي لليونسكو (منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة)، خاصّة وأنّ وزرة الثقافة والفنون الجزائرية تعمل على هذا الملف منذ فترة من أجل تصنيفه وتدوينه في اليونسكو كتراث جزائري.

وفي الـ31 آذار/مارس 2021 أعادت الجزائر رسميًا إيداع ملف تصنيف "الراي" ضمن قائمة التراث العالمي بيونسكو بعد أن سحبته في كانون الأول/ديسمبر 2020 لضعف الملف تقنيًا، وفق وزارة الثقافة. لكن يرجع تاريخ إيداع أول ملف لدى اليونسكو من قبل الجزائر لتصنيف هذا اللون الفنّي الجزائري إلى 13 آذار/مارس 2016.

وورد في كتاب سعيد خطيبي (أعراس النار.. قصة الراي) الصادر في 2010 عن منشورات "البيت" أنّ " موسيقى الراي تستمد بعض جذورها من الأغنية الوهرانية نسبة إلى مدينة وهران في شمال غرب البلاد وكانت البداية على أيدي "الشيخات"، أما الحصاد والشهرة العالمية فنالها نجوم الجيل الجديد الذين يطلقون على أنفسهم "الشاب" و"الشابة "تمييزًا عن الجيل المؤسس.

الشباب بين الأغنية الوهرانية والراي؟

وفي توضحيه حل ما يسمّى بـ "هجرة" الأصوات الشابة إلى أغنية "الراي" وعدم اهتمامها أو بقائها في أداء طابع الأغنية الوهرانية الأصيلة، أرجع صاحب "خايف عليك" القضية إلى التطور الحاصل في مجال الأنواع الموسيقية ومن بينها الراي والأغنية الوهرانية.

وفسّر أكثر بقوله أنّ "أغنية الراي انطلقت من فنّ البدوي،  ثم تطورت مع مرور الزمن بواسطة شيوخ وفنانين عمالقة من وهران وولايات الغرب الجزائري أمثال بلاوي الهواري وأحمد وهبي، ثم جاءت كوكبة من الفنانين بداية من الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي ومن بينهم الشاب خالد والشاب مامي والشيخ فتحي، هواري بن شنّات.. وغيرهم، وعملوا على عصرنة الراي وإدخال أساليب جديدة على هذا الطابع الموسيقي، وجئنا نحن بعد هؤلاء.. ونسير على خطاهم".

واغتنم هواري الدوفان فرصة اللقاء ليوجّه رسالة إلى الفنانين الشباب الذين يؤدون أغنية الراي، داعيا إيّاهم إلى الحفاظ على الراي وانتقاء الكلمات الجميلة والهادفة في أعمالهم، والابتعاد عن المصطلحات والعبارات "الرديئة"، "الهابطة" التي من شأنها الإساءة إلى جوهر الراي ورسائله.

واختزل هواري الدوفان كلامه في جملة تحمل أبعادًا عميقة، تعكس ما كان يؤدّيه الراحل الشاب حسني والشاب مامي وآخرين قائلًا: "عندما نقول كلمة "الراي" فيعني ذلك أننا نقول الحب، الإحساس ،المشاعر الجميلة ..ووجب على جيل اليوم المحافظة عليه كما حافظنا نحن عليه.. "الراي" مستمر".

الألعاب المتوسطية نجحت.. والجزائر أبهرت العالم

ولتزامن الدورة الـ 12 مهرجان "الراي" مع النسخة الـ19 لألعاب البحر الأبيض المتوسط، تحدث "الدوفان" بفخر عن هذا الحدث الذي احتضنته مدينته وهران والجزائر، وأشار إلى أنّ الألعاب المتوسطية حققت نجاحا، وافتتاح النسخة التاسعة عشر بملعب "ميلود هدفي" بالباهية كان استثنائيًا ومذهلًا وفريدًا من نوعه. مؤكدًا في السياق ذاته أنّ الجزائر أبهرت العالم، ويمكنها استضافة تظاهرات كبرى مثل كأس الأمم الأفريقية أو أيّة منافسة إقليمية أو قاريّة،، كما برهنت للعالم بأّنها قادرة على إنجاح أيّة تظاهرة.

في رصيد هواري دوفان، عديد الألبومات والأغاني التي يحفظها الشباب عن ظهر قلب وساهم من خلالها في إثراء ريبرتوار "الراي" من بينها "يا لميمة خليني نروح"، "لياه لياه"، "ما عييت عمري"، "ما خلانيش قلبي نخدعك وندير أخرى"، "راني هنا"، "نبغيك وعليك نخاف"، "خايف عليك"، "نديها قلّيلة"، "يا قلبي وين راك دايني"، "شحال نبغي نقلش عمري"، "ردّي بالك"، "أنا جامي جامي"، "نقعد نبغيها"،."je t'écris d'un coeur brisé ".. وغيرها.

هواري دوفان: اطلقت أغنية الراي من فنّ البدوي ثم تطورت مع الزمن من خلال أغاني شيوخ هذا الطابع من وهران وولايات الغرب الجزائري

 كما قام هواري الدوفان بجولات فنّية في عدّة بلدان أوروبية وعربية من بينها فرنسا، بلجيكا، سويسرا، هولندا، السويد، والنرويج، وكندا، وتونس، المغرب.. إلخ.