14-أبريل-2021

الخبير الدستوري رضا دغبار (الصورة: يوتيوب)

بعد مرور سنتين من انطلاقة الحراك الشعبي، تقف انتفاضة 22 شبّاط/فيفري أمام تحدّي تأسيس الفعل السياسي، إذ تجتهد شخصيات فكرية وسياسية وحقوقية على تقديم تصورات وخارطة الطريق تحدد مسار الانتقال الديمقراطي، وتعمل على بناء أسس سياسية تشكل أرضية توافقية، ونقل الحراك من فضائه الاحتجاجي الشارعي إلى الفعل السياسي، يُمثل بديلًا ومخرجًا من الأزمة السياسية. 

دغبار: الحراك ليس الشعب بل جزءٌ من الشعب

رضا دغبار شخصية من بين النشطاء الذين تميّزوا بتحاليل سياسية موضوعية وعقلانية، وفق رؤية تجمع الجوانب التاريخية والمجتمعية وتراعي جميع الحساسيات الأيديولوجية، إذ يقف الرجل على مسافة واحدة مع كل التوجّهات السياسية والفكرية انطلاقًا من تكوينه القانوني ونشأته السياسية.

اقرأ/ي أيضًا: عودة الحراك في الجزائر.. جدل الشعارات والهتافات

عبر مداخلة على صفحته بموقع فيسبوك، يقدّم رضا دغبار جملة من التساؤلات، لتكون مفتاح إجابة للعديد من الإشكاليات والرهانات، ويطوّر رؤية تجمع المتناقضات المطروحة على الساحة السياسية.

الحراك جزء من الحلّ 

بداية يَنطلق الناشط السياسي من وضع خريطة عددية وكمية للمجتمع السياسي المكون من 25 مليون ناخب، هذا المجتمع بحسب دغبار ينقسم إلى ثلاثة فئات أساسية، أولها الجزائريون الذين اختاروا المسار الانتخابي العام الفارط والذي يقدر عددهم بحوالي 10 مليون جزائري، ثانيا المواطنون المنخرطون في مسار الحراك الشعبي الرافضون لنتائج الاقتراع والذي يقدر عددهم بـ حوالي خمسة ملايين مواطن، الطرف الثالث هو ما يسمى بالأغلبية الصامتة المشكلة من 15 مليون جزائري.

وبناء على هذا التقسيم العددي يقول دغبار إنه لا يمكن لأي مكون سياسي إلغاء فئات مجتمعية أخرى، كما لا يُمكن لي طرف أن يفرض وجهة نظر على الغير، وشدد  المتحدّث أن الرهان الحقيقي هو البحث عن توافقات بين مختلف مكونات الحراك الشعبي وباقي الشرائح المجتمعية، قائلًا: "الحراك ليس الشعب بل جزءٌ من الشعب".

ماذا على الحراك فعله؟

 في السياق ذاته، قال الخبير الدستوري، على الحراك اليوم أن يبعث برسائل طمأنة إلى مختلف المكونات المجتمعية التي لا تتفق مع أطروحاته وشعاراته، مضيفًا أن الحراك إرسال إشارات طمأنة تجاه المؤسسة العسكرية، تؤكّد أن الحراك يبتغي تحقيق الانتقال الديمقراطي، وليس حركة تسعى إلى تصفية حسابات الأزمات التاريخية. 

وأضاف المتحدث أنه على الحراك نقل رسائل من شأنها إرسال إشارات التهدئة بين الحراك الشعبي ومؤسسة رئاسة الممثلة في عبد المجيد تبون، مشددًا أن الخروج من الأزمة يقتضي وجود توافقات تجمع بين مختلف الشرائح المجتمعية ومؤسسات الدولة القائمة.

مواطن الخلاف 

 في سياق الموضوع، يحدّد الناشط السياسي رضا دغبار أن مواطن الخلاف في الساحة السياسية يتمحور حول ثلاثة نقاط، أولها تمسك السلطة بالمسار الدستوري، فئة ثانية تطالب بجمعية تأسيسية تعمل على نص دستور توافقي، وطرف ثالث يطالب بمرحلة انتقالية تشرف عليها شخصيات وطنية.

البحث عن توافقات 

 يؤكّد دغبار أنّ الرهان الحقيقي يكمن في كيفية إيجاد صيغة سياسية تحقق التكامل بين المسارات الثلاثة، حيث يمكن احترام الاجراءات الدستورية مع إمكانية تشكيل جمعية تأسيسة في اطار مرحلة انتقالية. 

 وفي هذا الإطار يقدم المتحدث مقترح يتمثل في اجراء انتخابات رئاسية مسبقة وفق أحكام الدستور في المادة 91، يتم إجراءها بين سنة وسنة ونصف. 

ويُوضح دغبار تمسّكه بانتخابات رئاسية مسبقة وليس استقالة، حيث تفرض استقالة الرئيس الجمهورية تولي رئيس الأمة النيابة وإجراء انتخابات رئاسية في مدّة أقصاها 90 يومًا.

وفي ظلّ استقالة الرئيس يوجد رئيس دولة مقيد بصلاحيات دستورية بينما نحن بحاجة إلى رئيس كامل الصلاحيات. 

تأجيل التشريعيات

هنا، يقترح الخبير الدستوري خطوة ثانية تتمثّل في تأجيل الانتخابات التشريعية المقبلة، وتحديد تاريخ إجرائها بعد ثلاثة أشهر عملًا بأحكام الدستور في مادته 151.

ويَلعب المجلس الشعبي الوطني المنتخب، دور المجلس التأسيسي الذي يَعمل على صياغة دستور جديد يُقلّص من صلاحيات الرئيس، يُفصل في توازن بين السلطات، ويَصدر قانون الإعلام، وقانون الانتخابات والأحزاب، ويُعزّز دور المؤسّسات الرقابية.

الإرادة السياسية  

وفي تقدير دغبار، فإن وجود ضمانات يتوقف على وجود إرادة سياسية من طرف أعلى سلطة متمثلة في الرئيس الجمهورية، ويقتضي ذلك تنحية رئيس سلطة مراقبة الانتخابات الحالي وباقي أعضاء اللجنة، وتعين شخصية تحظى بموافقة الطبقة السياسية ومختلف المكونات المجتمعية. ويستلزم تجسيد ذلك أيضًا رحيل الحكومة الحالية، وتعويضها بحكومة كفاءات وطنية مهمتها إدارة الشأن الجاري.

دغبار: الخروج من الأزمة مرهون بالابتعاد عن أطراف من داخل النظام يرفضون الحلّ السياسي

ويختتم الخبير أن الخروج من الأزمة مرهون بالابتعاد عن أطراف من داخل النظام يرفضون الحلّ السياسي، كما دعا إلى عدم الانسياق وراء فئات من داخل الحراك ترفض الحوار والحل السياسي، محذرًا من  تغول الشعبوية واستمرار حالة الانسداد والانغلاق السياسي. 

 

اقرأ/ي أيضًا:

مسيرة حاشدة بخراطة في ذكرى الحراك الشعبي

الحرك الشعبي.. هل انتهت الهدنة؟​