18-أغسطس-2023
 (الصورة: Getty) في أحد الشواطئ الجزائرية

(الصورة: Getty) في أحد الشواطئ الجزائرية

لم يَكن  عيسى يَتوقع أن تتحول رحلته الترفيهية إلى الغرب الجزائر إلى كابوس حقيقي أفسد عطلته، ولم يخطر على باله أن يَتعرض رفقة زملائه من الطلبة الجامعيين إلى النصب والاحتيال، بحسب أقواله.

فضّل عصام رفقة زملائه وبعض العائلات الاستمرار في المغامرة خصوصًا أن منظمي رحلة طالبوا بدفع تكلفة الرحلة مسبقًا ليكتشفوا أن مستوى الخدمات المقدمة كان دون مستوى ما عُرض عليهم على مواقع التواصل الاجتماعي

بعد تصفحه واطلاعه حساب إنستغرام لأحد منظمي الرحلات السياحية إلى المدن الساحلية الجزائرية، والتعاليق الإيجابية من رواد الصفحة، لم يَتردد عصام في الانضمام وقبول عرض خطة رحلة انطلاقًا من العاصمة نحو مدينة الغزوات معرجًا إلى ولاية تلمسان وينهيها بزيارة مدينة وهران غرب البلاد.

في تواصل مع "التر جزائر"، يَحكي عصام أن تكاليف الرحلة لا تتجاوز عشرة آلاف دينار جزائري، وهو سعر مغري لكل طالب جامعي أو زبون ذو دخل شهري متوسط، مضيفا أن الخدمة المعروضة تتضمن النقل والمبيت وزيارة المعالم السياحية في المدن الثلاثة دون الإطعام أو خدمات أخرى.

وتابع أن البداية كانت عند نقطة البداية بشارع أول ماي بالعاصمة، حيث اكتشفوا أن حافلة النقل لا تتوفر على شروط السلامة بشكلٍ كافٍ، فكراسيها ضيّقة جدًا ولا تتوفر على التهوية في وسط الجو الحار، مستطردًا أن حالة من التذمر سادت وسط المسافرين وفضل بعضهم الانسحاب بسبب وضعية الحافلة، بعد مشادات كلامية مع منظمي الرحلة حول تسديد المستحقات.

فضّل عصام رفقة زملائه وبعض العائلات الاستمرار في المغامرة، خصوصًا أن منظمي رحلة طالبوا بدفع تكلفة الرحلة مسبقًا، فقرروا تحمل الوضع ومواصلة الطريق، ليواصل رفيقه عبد القادر  سرد بقية التفاصيل بأن مسار السفرية كان يَضم زيارة مدينة الغزوات ثم وهران مرورًا بولاية تلمسان مع زيارة المعالم الاثرية والتاريخية، غير أن الخدمات كانت دون المستوى، بدءًا بوسيلة النقل التي لا تستجيب فعلًا لمعايير السلامة والمسافات البعيدة.

وزاد أن المراقد كانت متسخة جدًا والغرف ضيقة تشبه سكنات القصدير، ناهيك عن عدم توفر الأمن في أماكن المراقد، وهذا ما دفع ببعض العائلات كانت تضم رفقتها فتيات برفض المبيت في تلك المراقد واختيار فنادق متواضعة وسط وقرب المدينة على حسابها طبعًا.

وتابع أن ما لُقب "بالمرشد السياحي" ما هو إلا شخص يقطن المدينة، لا يفقه في السياحة شيئًا، وغير مؤهل لا ثقافيًا ولا معرفيًا ولا يملك معرفة بالأماكن الأثرية والتاريخية والسياحية في تلك الولايات.

وأضاف أن الكثير من الزيارات للعديد من المآثر التاريخية كانت مبرمجة ثم إلغاؤها دون أي مبرّر أو تحججًا بضيق الوقت، وأشار محدثنا أن أيّ احتجاج على نوعية الخدمات المتردية المقدمة، كان يقابله منظمو الرحلة بكثير من العنف اللفظي والجسدي.

حذار من الاحتيال

في سياق الموضوع، وخلال كل بداية موسم اصطيافي تبرز على مواقع التواصل الاجتماعي صفحات تُسوق إلى رحلات وزيارات إلى المدن الداخلية للجزائر، وتَطرح أسعارًا تنافسية، وتُدعم اشهارها بنشر صور وتشارك فيديوهات عن تلك السفريات.

إلى هنا، يقول الشاب زكي، صاحب وكالة سياحية معتمدة في حديث لـ "التر جزائر" إنه يجب التحذير من بعض الوكالات الأسفار الوهمية أو من منظمي الرحلات التي تنشط في مواقع التواصل الاجتماعي بشكل غير نظامي.

وأضاف المتحدث أن الظاهرة انتشرت بقوة بعد أزمة "كوفيد - 19"ـ وتعرف نشاطًا هائلًا خلال المواسم السياحية والصيفية، وأفاد أن مَجال الأسفار وتَنظيم السياحة الداخلية بات مجالًا للعديد من ممارسات النصب والاحتيال.

وزاد أن هؤلاء مُنظمي والوكالات الوهمية لا يخضعون لأي قانون، ولا حسيب ولا رقيب، وهدفهم الربح السريع والسهل.

وخلال حديثه عن عمليات النصب التي تقع في هذا المجال، أشار المتحدث إلى أن كثيرًا من العائلات تقع فريسة الصور المتداولة عبر انستغرام والأسعار المغرية، لكنها تَتعرض إلى الخديعة والاحتيال، في نهاية المطاف، ولا تجد على أرض الواقع ما عُرض عليها من صور وفيديوهات.

كما دعا صاحب الوكالة إلى مكافحة الوكالات الوهمية والمزيفة وإلى تنظيم رحلات عائلية وجماعية مع ضرورة توفير وسائل النقل وفق شروط السلامة، وتأمين المرافق كالفنادق والمراقد القانونية بدل المساكن الفردية غير المرخصة، علاوة على تأمين المسافرين.

لا توجد حماية قانونية 

من جهته، يَنصح وليد، وهو وكيل سياحي يشتغل رفقة عديد من الوكالات السياحية، أنه يجب تفادي الرحلات الترفهيه رفقة الوكالات الوهمية التي انتشرت على مواقع السوشيل ميديا.

وأفاد أن السفر رفقة تلك "الوكالات المزيفة" لا يوفر أي غطاء قانوني في حال ما سمح الله أن تعرضت الحافلة إلى حدث مروري أو أصيب أي من المسافرين بأي مكروه.

وأشار أن الوكالات المعتمدة تعتمد في الرحلات الترفيه على جملة من الشروط القانونية والتنظيمية على غرار السجل التجاري، الدفع مقابل وصل التسليم. علاوة على الالتزام بالشروط الأمنية والسلامة الطرقية والمرافقة السياحية والصحية واحترام العقد.

وأضاف محدثنا أن بعض العروض المقدمة على صفحات انستغرام وتيك توك لا تستجيب إلى واقع "المنتوج السياحي"، ولا توفر الحد الأدنى من الخدمات المناسبة والمقبولة.

يتعين على السلطات التدخل لوضع حدٍ للنصب على المواطنين ضحايا الوكالات الوهمية

وأمام تزايد عمليات النصب والاحتيال التي راح ضحيتها عائلات وأفراد وزبائن الرحلات خاصة في فترة الصيف، يتعين على السلطات التدخل لوضع حدٍ للنصب على المواطنين ضحايا الوكالات الوهمية، مع وضع تنظيم قانوني مرن يشكل إطارًا قانونيًا للممارسة الرحلات الترفيه للعائلات، يوفر مناصب الشغل ويحمي المستهلك، وينشط السياحة الداخلية بكل أمان وسلامة.